حين يُصبح الجوع قاتل صامت مأساة أب وطفله في إب اليمنية

تقارير - منذ 5 شهر

حين يُصبح الجوع قاتل صامت مأساة أب وطفله في إب اليمنية

عين الجنوب | تقرير - خاص

على أحد أرصفة مدينة إب، مشهد حز في القلب، وتتجلى فيه أقسى درجات المأساة الإنسانية، حيث يرقد رجل بلا حراك، بينما يجلس إلى جواره طفل صغير، يترقب لحظة استيقاظ والده، غير مدرك أن الجوع قد أودى بحياته، وأنه بات وحيد في مواجهة عالم لا يرحم.

ياسر البكار كان يكافح في سبيل البقاء، يجوب شوارع المدينة بحثاً عن لقمة عيش تسد رمقه ورمق أطفاله الأربعة. لكن الحياة التي ضنت عليه بفرصة الكسب، منحته نهاية مأساوية لا تليق بأب حاول أن يكرس حياته لعائلته. وسط زحام المدينة، وبين أعين المارة التي ألفت مشاهد المعاناة، سقط ياسر صريع الجوع، بينما ظل صغيره عمار بجواره، ينتظر أن يصحو والده ليكملا معاً الرحلة التي لم تكتمل.

الصورة التي التقطها الناشط محمود الغيثي هي شهادة صامتة على واقع يزداد قسوة كل يوم. لم يكن المشهد بحاجة إلى تعليق؛ جسد هامد، وطفل يحدق بعيون بريئة في والده الذي لن يستيقظ أبداً. عندما اقترب الغيثي، وضع يده على الرجل، لكن النبض كان قد توقف، تاركاً خلفه صدى سؤال لا إجابة له، كيف يُترك إنسان ليموت جائعًا في وطنه؟ بعد ان كانت مقولة الحوثيين عند دخولهم صنعاء، (عجبت لمن لا يجد قوت يومه ان لا يخرج شاهراً سيفه).

في محافظة إب، كما في مناطق أخرى تخضع لسلطة ميليشيا الحوثيين الإرهابية، أضحى الجوع سيفاً يطعن الفقراء بلا رحمة. لا حرب مباشرة هناك، ولكن الموت يحصد الأرواح بطريقة أكثر هدوءاً وفتكاً؛ لا مرتبات، تدهور للمعيشة وانعدام أي أفق للنجاة من دائرة الفقر.

لن يكون عمار كما كان قبل هذه اللحظة، ولن يكون انتظار والده استثناءاً في حياته، بل سيصبح ظل ثقيل يلاحقه في كل نظرة، في كل ليل يخلو من دفء الأب، وفي كل جوع لا يجد من يسد رمقه. لن يفهم بعد لماذا لم ينهض والده، لكن مع مرور الوقت، سيدرك الحقيقة القاسية الفقر لم يكن خيار والده، والجوع ليس قدره، بل هو صناعة الحوثي، يدفع ثمنها الشعب اليمني. هذه القصة المأساوية هي صدى لحكايات كثيرة تتكرر في كل زاوية في اليمنية. ما حدث لياسر البكار وابنه هو جرس إنذار يُدق كل يوم، بينما يواصل العالم إدارة ظهره، وكأن ما يعانيه الشعب في اليمنية لا يستحق أن يكون محور إهتمام أي إنسان.

فيديو