4 مايو محطة تاريخية انطلقت منها إنجازات جنوبية خالصة
السياسة - منذ 2 شهر
عين الجنوب | تقرير - خاص
في الرابع من مايو، يستحضر شعب الجنوب إعلان عدن التاريخي، الحدث الذي مثّل موقف راسخ في مسيرة الجنوب الحديث، ونقطة تحوّل عميقة في وعي الشعب وبلورة تطلعاته نحو السيادة والكرامة واستعادة الدولة، وتجسيداً لإرادة شعبية صلبة تمخضت عن سنوات من الهمينة والمعاناة، ليعلن أبناء الجنوب بوضوح أن زمن الاحتلال اليمني قد ولى، وأن الجنوب يمضي في طريقه بثقة نحو تقرير مصيره واستعادة دولته.
كان من نتائج إعلان عدن أن تشكل المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، بصفته حاملاً للتفويض الشعبي ومسؤولاً عن ترجمة الإرادة الجنوبية إلى مؤسسات وقوة ومنهج سياسي. ومنذ تأسيسه، استطاع المجلس أن ينقل الجنوب من مرحلة الشتات الحراكي والفصائلي إلى كيان سياسي موحد له قيادة مركزية وخطاب عقلاني ومنهج منظم. هذه الخطوة كانت تعبّر عن نضج سياسي ووطني أعاد للجنوب بوصلته.
انطلق المجلس من الميدان، فخاض معارك شرسة لتطهير الجنوب من الإرهاب المدعوم يمنياً، وتمكّن من استعادة المدن والمناطق الحيوية وتأمينها بمساندة ودعم أخوي من الأشقاء في التحالف العربي خاصة دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة. وتزامن ذلك مع تأسيس منظومة عسكرية وطنية منظمة، حيث جرى هيكلة القوات المسلحة الجنوبية وفق أسس مؤسسية مهنية، ودمج التشكيلات الأمنية المختلفة في أطر واضحة، بما جعل الجنوب يملك اليوم قوة دفاعية رادعة تحمي الأرض وتحفظ الأمن، وتسهم في ترسيخ الاستقرار المحلي والإقليمي.
لم يتوقف المشروع الجنوبي عند البعد العسكري، بل تجاوزه نحو البناء السياسي والاجتماعي، فتم إطلاق الحوار الوطني الجنوبي الشامل، الذي وحّد المكونات الجنوبية المختلفة تحت مظلة واحدة، وأنتج "الميثاق الوطني الجنوبي" كمرجعية جامعة تعبر عن تطلعات الشعب الجنوبي وتماسكه، وتضع خارطة طريق واضحة لمستقبل الدولة الجنوبية. وكان لهذا الحوار دور كبير في تعزيز الثقة بين أبناء الجنوب بمختلف مشاربهم، وتمتين الصف الوطني، وإنهاء كثير من الخلافات التي طالما كانت ثغرة للخصوم والمتربصين.
على الصعيد السياسي والاقتصادي، أظهرت القيادة الجنوبية، وعلى رأسها الرئيس القائد الزُبيدي، قدرة لافتة على إدارة التوازنات الدقيقة، سواء في العلاقة المصيرية مع التحالف العربي، أو في الانفتاح الدبلوماسي على المجتمع الدولي. فتم تعزيز العلاقات مع القوى الكبرى، وتوسيع الشراكات في ملفات التنمية والأمن والاقتصاد، بما يتجاوز منطق الصراعات إلى منطق بناء الدولة. ولعل اكثر ما تحقق هو تمكين القرار الجنوبي الحر، عبر تقوية استقلاليته السياسية والعسكرية وتوسيع نطاق تحركه الدولي، في ظل إصرار واضح على أن الجنوب يجب أن يكون شريكاً فاعلاً بحكم الواقع على الأرض.
في الملف الاقتصادي، ورغم الظروف المعقدة والانهيار الممنهج، عمل المجلس على اتخاذ خطوات عملية نسبياً لتعزيز استقلال الجنوب مالياً واقتصادياً، بما يشمل ضبط الموارد، وتطوير المؤسسات المالية، وبناء شراكات مستقبلية تؤسس لنهوض اقتصادي يرتكز على ما يملكه الجنوب من إمكانيات.
الرئيس القائد الزُبيدي، في كل محطة من هذه المحطات، أثبت أنه يقود مشروع وطني جنوبي، يتطلب صبراً وحكمة وصلابة. ورغم محاولات الإرباك، وتعدد جبهات المواجهة، لم يتنازل عن الثوابت، ولم يتخلّ عن الخطاب المتزن الذي يجمع ولا يفرق، ويوحد ولا يقصي، ويعبر عن جوهر القضية الجنوبية باعتبارها قضية أرض وهوية وحق سياسي مشروع.
ذكرى إعلان عدن إذن، لم تعد مجرد محطة نضالية مضت، بل تحوّلت إلى عقد وطني مستمر، تتجدد معانيه كل عام، وتُبنى عليه مؤسسات الدولة الجنوبية. وهي أيضاً مناسبة يُذكر فيها العالم أن ما يحدث في الجنوب هو تعبير مشروع وعادل وقانوني عن إرادة شعبية، تشكلت في ظروف صعبة، وتمكنت من فرض حضورها على الارض، وترسيخ كيانها بقوة، والسير نحو مستقبل يحدده أبناء الجنوب في كافة المجالات، بما يضمن تحقيق تطلعات الشعب الجنوبي نحو استعادة دولته كاملة السيادة.