31 عاماً على اعلان فك الارتباط، مسيرة شعب الجنوب من النضال إلى عتبات الدولة

السياسة - منذ 3 شهر

عين الجنوب | تقرير - خاص

في الذكرى الحادية والثلاثين لإعلان فك الارتباط، نستذكر تاريخ 21 مايو 1994، حين أعلن الرئيس علي سالم البيض فك الارتباط، والغاء اتفاقية الوحدة التي تحولت إلى غطاء للهيمنة اليمنية مثلها غزو اليمنية للجنوب، لتبدأ بعدها مسيرة ثلاث عقود من النضال المتواصل صنعت خلالها إرادة شعب الجنوب تاريخاً جديداً، محولة جراح الماضي إلى مشروع على الارض لاستعادة الدولة الجنوبية الحديثة.

فـ ما سمي بـ الوحدة اليمنية كان في جوهره عملية استيلاء يمنية ممنهجة. خلال السنوات الأربع التي سبقت حرب 1994، شهد الجنوب عملية تفكيك منهجية لمؤسساته. تم إقصاء الكوادر الجنوبية من المناصب القيادية، ابرزتها نسبة تمثيل الجنوبيين في مركز القرار والتي انخفضت إلى أقل من 15% خلال الاربع السنوات الاولى من 90 الى 94. وفي الجانب الاقتصادي، تكشف تقارير محلية أن 82% من الاموال في الجنوب تم تحويلها شمالاً خلال تلك الفترة.

عندما غزت قوات اليمنية الجنوب في 1994، برز الغزو كعملية تدمير ممنهجة للدولة الجنوبية. تقارير رصدية توثق تدمير 73% من البنية التحتية التعليمية و68% من المنشآت الصحية في الجنوب خلال الأشهر الأولى من الحرب. لكن هذه الحرب، رغم قسوتها، فشلت في كسر إرادة الشعب الجنوبي. فـ من بين الركام، بدأت بذور المقاومة تنمو، لتمر بثلاث مراحل أساسية:

المرحلة الأولى (1994-2007) شهدت المقاومة وصعود الحركات المسلحة وتشكل الوعي الجمعي بضرورة التحرر. أما المرحلة الثانية (2007-2015) فكانت زمن الحراك السلمي الذي حول الشوارع إلى ساحات للمطالبة باستعادة الدولة. واليوم، في المرحلة الثالثة بعد الحسم العسكري والتحرير في 2015 وإعلان عدن التاريخي في 2017، أصبح المجلس الانتقالي الجنوبي الممثل الشرعي للقضية الجنوبية على الساحة الدولية.

تحت قيادة الرئيس عيدروس الزبيدي، تحول المجلس الانتقالي من كيان معارض إلى حكومة فعلية. الشواهد تتحدث عن هذا التحول، بداية من الارض الجنوبية التي تم استعادتها، وعدة مؤسسات جنوبية سابقة اعيد تأهيلها. بجانب بعثات دبلوماسية اقليمياً ودولياً.

المليونيات التي خرج الشعب الجنوبي تؤكد تأييد شعب الجنوب للمجلس الانتقالي كممثل ومفوض لتحقيق تطلعاتهم وبنفس الوقت تؤكد أن شعب الجنوب يرفض أي شكل من أشكال العودة للوحدة مع اليمنية.

وبالرغم ما زالت قوى صنعاء تحاول استخدام نفس أدوات الهيمنة القديمة، لكن بأساليب أكثر تعقيداً. فبعد أن فشلت الحرب المباشرة، لجأت إلى، تمويل الجماعات، والكنتونات لتمزيق الصف، وعمدت الى عرقلة المشاريع التنموية، والتضييق الاقتصادي على الشعب الجنوبي.

ومع ذلك، المؤشرات تظهر وعياً جنوبياً قوياً، امام هذه المحاولات الممنهجة، هذا الوعي لم يكن ليحدث لولا التماسك الجنوبي، والمستند الى الثوابت الوطنية والارادة الجنوبية.

اليوم، يقف الجنوب على عتبة مرحلة جديدة، حيث تحول الحلم من مجرد رفض الوحدة إلى مشروع دولة قائمة بذاتها. هذا المشروع يقوم على أربعة أركان أساسية، مثلته عمليات البناء المؤسسي من خلال اعادة تأهيل مؤسسات الدولة الجنوبية التاريخية والحديثة، ورؤية فيدرالية، نحو دولة نظام وقانون تضمن حقوق جميع الجنوبيين وتعزز الاستقرار السياسي والاقتصادي والامني والاجتماعي، 

اليوم بعد واحد وثلاثين عاماً من النضال، حقيقة تترسخ مثبته أن الجنوب بشعبه وارضه لم يعد ذلك الكيان المنكسر الذي خرج من حرب 1994 مقهوراً. اليوم، يحمل شعب الجنوب رؤية واضحة لمستقبله، مدعوماً بإرادة شعبية ترفض المساومة على ثوابته الوطنية نحو استعادة الدولة على حدودها المعترف بها دوليا.

فيديو