نوفمبر يومٌ انتصر فيه الجنوب لإرادته وصنع فجر حريته

السياسة - منذ ساعتان

خاص | عين الجنوب    

في ذاكرة الشعوب أيامٌ لا تشيخ، لحظات تنقش نفسها على جدران التاريخ كأيقونات للكرامة والإرادة. ومن بين تلك الأيام يبرز 30 نوفمبر، اليوم الذي وقف فيه الجنوب شامخاً ليعلن استعادة حريته بقوة لا تلين وشجاعة لا تنكسر، يومٌ تحوّل فيه الأمل إلى حقيقة، والنضال إلى انتصار، والصوت الخافت إلى صرخة مدوية هزّت أركان الاحتلال.

لم يكن ذلك اليوم مجرد انسحاب آخر لقوة أجنبية، بل كان تتويجاً لمسار نضالي طويل خاضه أبناء الجنوب بصدور مفتوحة وإيمان لا يهتز. فمن جبال ردفان الشامخة إلى سواحل عدن النابضة، ومن كل قرية ووادٍ ومدينة، خرجت إرادة التحرر تتحدى المستحيل، وترسم طريقاً لا يضل مهما تعددت الظلال والعواصف. كان الجنوب يدرك أن الحرية كلفة، وأن الكرامة ثمرة تضحيات كبيرة، لكنه كان مستعداً لدفع الثمن كاملاً ليحيا مستقلاً، عزيزاً، وسيداً على أرضه.

جاء 30 نوفمبر ليؤكد أن الشعوب الحيّة لا تُهزم، وأن قوة الإيمان بالقضية تتجاوز كل ما عداها. لقد كان مشهداً خالداً حين طُويت آخر صفحات الحقبة الاستعمارية، وارتفعت راية الجنوب خفّاقة فوق أرضٍ أبت أن تنحني. وفي تلك اللحظة، لم يكن الجنوب يستعيد أرضه فقط، بل يستعيد ذاته وهويته وتاريخه ومستقبله.

ومع مرور السنوات، يبقى هذا اليوم شاهداً على عظمة الفعل الجنوبي، وعلى قدرة شعبه على إعادة كتابة مسار الأحداث مهما تعاظمت المؤامرات أو تراكمت التحديات. فكلما حَلَّ 30 نوفمبر عاد معه الشعور الأول بالكرامة، وعاد صوت الأبطال الذين سقطوا وهم يحلمون بهذه اللحظة، وعادت الروح التي جعلت الجنوب نموذجاً للصمود والصلابة.

واليوم، وبينما يخوض الجنوب معاركه السياسية والأمنية والاقتصادية من أجل تثبيت حقه واستعادة دولته، يظل 30 نوفمبر البوصلة التي تذكّره بأن إرادته لا تقبل الانكسار، وأن الحرية ليست حدثاً عابراً بل مشروع حياة. إنه اليوم الذي يحفّز الأجيال الجديدة لتكمل المسار، وتبقى على العهد، وتدرك أن ما تحقّق بالأمس يمكن أن يتكرر غداً بروح أقوى وإصرار أكبر.

إن 30 نوفمبر ليس مجرد تاريخ نحتفل به، بل هو شعلة تُنير الطريق، ورسالة تقول إن الجنوب حين يقرر أن يعيش حراً، فإنه يصنع ذلك بالفعل… وبالصلابة ذاتها، والشجاعة ذاتها، والإيمان ذاته الذي لا يعرف التراجع.

فيديو