تحالف شركات تكنولوجيا عالمية، تفاصيل مشروع ستارغيت الامارات

اقتصاد - منذ 7 أيام

عين الجنوب | تقرير - خاص


في خطوة تعكس طموح الإمارات العربية المتحدة في أن تكون لاعب محوري في عالم الذكاء الاصطناعي، أعلنت أبوظبي في مايو 2025 عن إطلاق مشروع "ستارغيت الإمارات" Stargate UAE، وهو مركز بيانات ضخم متخصص في الذكاء الاصطناعي، يُعد من بين الأكبر عالمياً خارج الولايات المتحدة. يقود هذا المشروع الطموح تحالف دولي من الشركات الكبرى، في مقدمتها شركة G42 الإماراتية، وOpenAI المطورة لنظام ChatGPT، وعملاق المعالجات الرسومية Nvidia، إلى جانب شركات مثل Oracle وCisco وSoftBank.


هذا المشروع لا يأتي في سياق الاستثمار التقني فقط، بل يمثل جزءاً من مبادرة عالمية تطلقها OpenAI تحت عنوان "OpenAI for Countries"، والتي تهدف إلى تمكين الدول من بناء بنية تحتية سيادية لتقنيات الذكاء الاصطناعي. ما يميز مبادرة الإمارات أنها أول تجربة يتم الإعلان عنها ضمن هذا البرنامج، حيث يخطط لتشييد منشأة حوسبة عملاقة بطاقة تصل إلى 5 غيغاواط، باستخدام أكثر الشرائح تطوراً التي طورتها Nvidia، من نوع Grace Blackwell GB300، والتي ستشغّل نحو 1400 خادم مزود بـ 100,000 شريحة متطورة، على أن يبدأ تشغيل المرحلة الأولى في عام 2026 بطاقة 200 ميغاواط.


تقوم G42 بتمويل المشروع وتشرف على بنائه، بينما ستتولى شركتا OpenAI وOracle مسؤولية تشغيله وتطوير برمجياته. أما Nvidia فتوفر الشرائح والمكونات التقنية الأساسية، ضمن منظومة شراكة تكنولوجية متكاملة. ويُنظر إلى هذا المشروع باعتباره نقلة في توجه الإمارات نحو تعميق حضورها في المجال الرقمي، إذ لن يقتصر دوره على تعزيز القدرات المحلية، بل سيسهم في تزويد الأسواق المحيطة مثل أفريقيا والهند بقدرات حوسبة متقدمة، ما يعزز من الدور الإقليمي والدولي للإمارات العربية المتحدة والذي تلعب جزاءاً فيه أساساً.


وفي خطوة تعكس نوايا أبوظبي في جعل الذكاء الاصطناعي جزءاً من الحياة اليومية، أعلن ضمن الاتفاق أن جميع سكان الإمارات سيحصلون على اشتراكات مجانية في خدمة ChatGPT Plus، ما يمثل أول تجربة من نوعها عالمياً لتوفير مثل هذه الخدمات على مستوى وطني شامل، وفقاً لأكسيوس.


إلا أن المشروع لم يكن بمعزل عن الاعتبارات الجيوسياسية. فبسبب الشراكات الحساسة والتكنولوجيا المتقدمة، واجهت المبادرة تساؤلات في واشنطن حول ضمانات الأمن السيبراني وعدم تسرب التقنيات الحساسة. وفي هذا السياق، اتخذت G42 عدداً من الإجراءات الحاسمة، من بينها إنهاء تعاملاتها مع شركات اخرى منذ عام 2023، واستخدام مكونات خاضعة لمعايير التوريد الغربية فقط، وتطبيق مستويات عالية من التشفير، مع الفصل الكامل بين بنية مركز البيانات وأي شبكات خارجية. Network World


أهمية المشروع لا تكمن فقط في حجمه أو شركائه، بل في توقيته كذلك، حيث يشهد العالم تسارعاً غير مسبوق في سباق الذكاء الاصطناعي، وتتنافس الدول الكبرى لبناء بنى تحتية قادرة على تدريب وتشغيل النماذج اللغوية الضخمة والتطبيقات المرتبطة بها. وجود مركز مثل "ستارغيت الإمارات" على أرض الدولة، يعزز من قدراتها على استقطاب العقول والخبرات، ويوفر بيئة تشغيل محلية للنماذج العالمية، بما يقلل الاعتماد على الخارج ويعزز من السيادة الرقمية للدولة.


كما أن هذا المشروع يأتي في سياق رؤية إماراتية أوسع تسعى إلى التحول إلى اقتصاد معرفي متكامل، وتطوير قطاعات مثل الصحة، والطاقة، والتعليم، والخدمات الحكومية من خلال أدوات الذكاء الاصطناعي. ويتوقع أن يكون "ستارغيت الإمارات" حجر الأساس لمجموعة من المشاريع المماثلة مستقبلاً، ما يعزز من تنافسية الدولة في هذا القطاع الحيوي.


في المجمل، يعكس مشروع "ستارغيت الإمارات" التقاء رؤية استراتيجية عميقة من قبل القيادة الإماراتية مع ديناميكيات عالمية تتجه بسرعة نحو الذكاء الاصطناعي كأداة رئيسية للتنمية والتأثير الدولي. وإذا ما تم تنفيذ المشروع وفق ما هو مخطط، فإنه سيضع الإمارات في موقع متقدم على خارطة الذكاء الاصطناعي العالمية، ليس فقط كمستخدم للتكنولوجيا، بل كمساهم فاعل في إنتاجها وتطويرها

فيديو