تنظيم الإخوان المسلمين والإرهاب – الترابط الفكري والتنظيمي

تقارير - منذ 3 أيام

عين الجنوب | تقرير - خاص
 
منذ تأسيس جماعة الإخوان المسلمين عام 1928 على يد حسن البنا، تبنّت الجماعة مشروعًا استغل الدين من اجل السياسة، هذا المشروع لم يخلُ من توجهات راديكالية، خاصة مع صعود التيار القطبي داخل الجماعة بزعامة سيد قطب، الذي نظّر لفكرة "الحاكمية" و"جاهلية المجتمع"، وهي الأفكار التي أصبحت لاحقًا المرجعية الفكرية الأساسية للتنظيمات الجهادية، من القاعدة إلى داعش.

في مصر، ظهرت جماعة "حسم" كواحدة من التنظيمات المسلحة التي تبنّت العنف في مواجهة الدولة، وقد أكدت تقارير أمنية مصرية وغربية أن هذه الحركة خرجت من رحم شبكات إخوانية بعد سقوط حكم الجماعة شعبياً في 2013. الولايات المتحدة وبريطانيا أدرجتا "حسم" على قوائم الإرهاب، وأشارت تقارير إلى تورط قيادات إخوانية بالخارج في تمويلها.

بينما لعب "الأفغان العرب" المرتبطون بالفكر الجهادي – والذين عاد كثير منهم عبر قنوات إخوانية – دورًا في الحرب عام 1994 إلى جانب نظام العربية اليمنية ضد الجنوب. تقارير ميدانية لاحقة أشارت إلى أن هؤلاء العناصر الارهابية عادوا بتسهيلات إخوانية، خاصة من خلال شخصيات قيادية في حزب الإصلاح اليمني، الذراع السياسي للإخوان في شمال اليمن.

تنظيم "أنصار الشريعة"، الذي ظهر في جنوب اليمن بعد 2011، حمل شعارات محلية لكنه كان مرتبطًا فكريًا وتنظيميًا بالقاعدة في جزيرة العرب، وهو التنظيم الذي وُجد له تداخل مع بعض القيادات المتأثرة بالفكر الإخواني، خاصة في المراحل الأولى، قبل أن تتمايز الأجندات لاحقًا.

"القاعدة" و"داعش"، رغم اختلافهما مع الإخوان في التكتيك السياسي، يعتمدان في جذورهما الفكرية على ما نظّر له سيد قطب، لا سيما في تكفير الحكومات والمجتمعات، وتبني الصدام الشامل. العديد من قادة القاعدة خرجوا من عباءة الإخوان في بداياتهم، مثل أيمن الظواهري، الذي كان عضوًا في الجماعة في شبابه.

في تونس، قدّمت حركة النهضة بقيادة راشد الغنوشي نموذجًا للتدرج السياسي الإسلامي، بدأ دعويًا ثم تحول إلى مشروع سلطوي هيمن على مفاصل الدولة بعد الثورة. حاولت النهضة تسويق خطاب معتدل خارجيًا، لكن تم الكشف لاحقًا عن دعمها غير المباشر لبعض التيارات المتطرفة واحتضانها لمقاتلين عائدين من سوريا، وهو ما أثار انتقادات محلية ودولية.

تعتمد الجماعة على خطاب متدرج يبدأ بالدعوة والتثقيف الديني، وينتقل إلى طرح سياسي إصلاحي، ثم تصعيد تدريجي وصولاً إلى تهيئة الجماهير لمواجهة "الأنظمة الجاهلية"، وفق المرجعية الاخوانية. في هذا السياق، تُمارس الجماعة التكفير السياسي او الاغتيال لكل من يخالفها، وتستخدم تكتيك تناقضي في الإعلام الدولي. تتغلغل عبر قنوات إعلامية ومراكز بحثية ممولة خارجيًا، لإعادة تصدير خطابها بشكل ناعم.

رغم اختلاف الأساليب، إلا أن جماعة الإخوان شكلت الحاضنة الفكرية والتنظيمية إن لم يكن الداعم لعدد من الجماعات الإرهابية، سواء عبر التبرير الديني أو تسهيل البيئة السياسية والاجتماعية والمالية. وقد أظهرت الوقائع في الشرق الاوسط أن الجماعة ليست حركة إصلاح ديني بل شبكة سياسية ذات طموح سلطوي، استخدمت فيه الارهاب وسيلة لفرض مشروعها التكفيري على حساب امن واستقرار وارادة شعوب المنطقة.

فيديو