الجنوب في مواجهة الإرهاب والتحالفات المظلمة

تقارير - منذ 4 ساعات

عين الجنوب | تقرير - خاص

منذ تحرير العاصمة عدن في العام 2015، تشكلت القوات الجنوبية كقوة أمنية فاعلة وقادرة على فرض الاستقرار ومكافحة التهديدات الإرهابية والتنظيمات المتطرفة، وعلى رأسها تنظيم القاعدة في جزيرة العرب. ومع تعمّق الحضور الأمني والعسكري لتلك القوات في المحافظات الجنوبية، واجهت الجماعات الإرهابية وعلى رأسها القاعدة ضربات متتالية أثرت بشكل عميق على بنيتها الداخلية، ما دفعها إلى إعادة تموضعها والبحث عن تحالفات مشبوهة لتعويض خسائرها، وكان من أبرزها تنسيقها المباشر مع ميليشيات الحوثي.

في الأشهر الأخيرة، برز نمط جديد من الهجمات الإرهابية نفذتها عناصر القاعدة في محافظتي شبوة وأبين، مستهدفة دوريات ونقاط تفتيش للقوات الجنوبية. الهجمات جاءت في وقت تعاني فيه القاعدة من تصدعات تنظيمية، وصراعات داخلية بين قادتها، بحسب تقارير أمنية أشارت إلى وجود حملة "تطهير داخلي" يقودها زعيم التنظيم الحالي سعد العولقي ضد خصومه، أبرزهم القيادي المعتقل أكرم الصنعاني الذي اتهمه التنظيم بالخيانة بعد استدراجه في وادي عبيدة بمأرب.

الهجمات الأخيرة في "المصينعة" بشبوة و"أورمة" في مودية بأبين، والتي راح ضحيتها جنود جنوبيون، تتزامن مع تحركات مشبوهة للتنظيم في مناطق تعرف تاريخيًا بأنها مسارح نشاط مشترك بين الحوثيين والجماعات المتطرفة. وقد أكدت مصادر محلية أن تلك الهجمات تأتي في إطار تنسيق مباشر بين القاعدة وميليشيات الحوثي، وتحديدًا عبر الدائرة 30 التابعة لجهاز الأمن والمخابرات الحوثي، والتي تعمل كجهة تخطيط ودعم خلف الكواليس للهجمات الإرهابية في الجنوب، في محاولة لخلط الأوراق الأمنية والسياسية.

في المقابل، تواصل القوات الجنوبية تنفيذ عمليات نوعية واستباقية لملاحقة عناصر القاعدة، كما حدث في "سهام الجنوب" في شبوة و"سهام الشرق" في أبين، وهي عمليات استندت إلى معلومات استخباراتية دقيقة، واستهدفت معسكرات ومخابئ للتنظيم، وأسفرت عن مقتل واعتقال عدد من العناصر المطلوبة أمنيًا. وقبل ذلك، شكّلت عملية تحرير المكلا من القاعدة عام 2016، وكذلك عملية السهم الذهبي لتحرير العاصمة عدن، نموذجًا ناجحًا لعمليات استعادة الأرض من سيطرة الجماعات المتطرفة.

هذه التطورات تأتي في ظل تراجع نسبي لهجمات القاعدة منذ مطلع العام، نتيجة للضربات الأمريكية التي استهدفت مواقعها في شبوة وأبين، وأسفرت عن مقتل عدد من القيادات الميدانية، وهو ما عزّز حاجة التنظيم لإثبات حضوره من جديد عبر عمليات خاطفة وغادرة. بين يناير ومايو من هذا العام، شنّ التنظيم نحو 7 هجمات بين كمائن وعبوات ناسفة وهجمات بطائرات مسيرة، إلا أن القوات الجنوبية واجهتها بعمليات أمنية استباقية أدت إلى تأمين مناطق واسعة، واعتقال قيادات إرهابية.

إلى جانب مكافحة الإرهاب، تلعب القوات الجنوبية دورًا محوريًا في تفكيك شبكات تهريب المخدرات والأسلحة المرتبطة بميليشيات الحوثيين وتنظيم القاعدة، حيث تم ضبط شحنات متعددة من الأسلحة الإيرانية والمواد المخدرة كانت معدّة للتهريب إلى الجنوب أو خارجه.

لكن التحدي الأكبر لا يكمن فقط في التعامل مع هجمات مباشرة، بل في تفكيك التحالف القائم بين القاعدة والحوثيين، والذي يمثل تهديدًا مزدوجًا: أمنيًا وعقائديًا.

القوات الجنوبية، في ضوء هذه المعطيات، لا تخوض معركة عسكرية فقط، بل معركة سيادة وحماية لقرار جنوبي مستقل، في وجه تنظيمات لا تؤمن بالدولة، وميليشيات إرهابية ترى في الجنوب ساحة نفوذ. ومع كل تصعيد إرهابي، يتأكد مجددًا أن الأمن والاستقرار في الجنوب ليس مسألة أمنية فقط، بل معركة وجودية ومسار نضال اثبته شعب الجنوب وقواته المسلحة على الارض منذ تحرير العاصمة عدن في 2015.

فيديو