الاسواق المالية, صعود في اسيان والشرق الاوسط في النصف الاول من عام 2025

اقتصاد - منذ 1 يوم

عين الجنوب | اقتصاد


تشهد الأسواق المالية في منطقة الشرق الأوسط ودول آسيان تحولات لافتة في عام 2025، تؤكد على ديناميكية الاقتصادين، واتجاههما المتزايد نحو التكامل والاستفادة المتبادلة. ورغم بعض التحديات العالمية، برز أداء الأسواق من جوانب متعددة تعكس تحسّن البيئة الاستثمارية، ومرونة الإصلاحات، وتنامي الثقة في قطاعات المال والأسهم والسندات.

في منطقة الخليج، يبرز زخم الاستثمارات الأجنبية بوضوح، مع تدفقات تجاوزت 7 مليارات دولار في النصف الأول من 2025، بحسب بيانات صادرة عن منصة "Arab News" نقلاً عن البورصات الخليجية. المملكة العربية السعودية تصدرت هذه التدفقات بقيمة 1.4 مليار دولار، مدعومة بسياسات الإصلاح، واستقرار مالي، وانفتاح على المستثمرين الإقليميين، تلاها كل من الإمارات وقطر والكويت. اللافت أن أسواق الخليج شهدت تطوراً نوعياً في البنية التنظيمية، عبر تسهيلات في دورة التسوية (T+2)، وتحسينات في الشفافية والإفصاح، مما أسهم في جذب استثمارات مؤسساتية كبرى.

مدى نشاط السوق ارتفع من خلال الاكتتابات العامة الأولية؛ ففي الربع الأول من 2025، جمعت أسواق دول مجلس التعاون من 11 اكتتابًا حوالي 1.6 مليار دولار، منها 1.1 مليار دولار في السعودية (69٪ من الإجمالي) ودخول اكتتابات في سوق "نمو" الموازي بإجمالي 62 مليون دولار، بينما جمع اكتتاب في أبوظبي "ألفا داتا" 163 مليون دولار .

عملية الاندماجات والاستحواذ (M&A) عرفت قفزة هائلة؛ فقد بلغ إجمالي صفقات MENA في النصف الأول من 2025 ما يقرب من 115.5 مليار دولار، بزيادة 149% عن الفترة نفسها من 2024، وهو الأعلى منذ بدء تتبع البيانات عام 1980. الإمارات استقطبت 39.8 مليار دولار من هذه الصفقات مقابل 3.5 مليار للسعودية . في 2024، تم تنفيذ 475 صفقة في الشرق الأوسط بنسبة تراجع بسيطة (‑4%) مقارنة بـ 493 صفقة في 2023، ولكن بخبرة عالية في الصفقات الكبرى، خاصة في قطاعات الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة والبنية التحتية، بما في ذلك خمس صفقات تجاوزت قيمتها 1 مليار دولار وأكبرها 3.6 مليار دولار .

من منظور التوقعات والنمو: يُتوقع أن تحقق أسواق أسهم الخليج عوائد بين 12 و13% في 2025، مدعومة بارتفاع أرباح الشركات بنسبة متوقعة 11.1%، وتقييمات سعرية مريحة (P/E حوالي 15x)، مع دفع قوي من القطاعات البتروكيماوية والتوزيعية وتوزيعات أرباحها، ويُفضل بنوك دبي ثم أبوظبي والسعودية من حيث الأداء المتوقع .

في الوقت ذاته، أظهرت الأسواق المالية في آسيان مرونة ملفتة، رغم الضغوط الخارجية والتقلبات، وبرزت دول مثل إندونيسيا وماليزيا وفيتنام كأكثر الأسواق نشاطاً، خصوصاً مع ارتفاع التوجهات المحلية للاستثمار، وتوسع قاعدة المستثمرين الأفراد. بحسب تقرير صادر عن "Nikko Asset Management" في يونيو 2025، فإن هذه الأسواق تشهد نموًا في قطاعات التكنولوجيا والبيئة والبنية التحتية، مستفيدة من استراتيجيات حكومية طويلة المدى في تمكين الابتكار وتحفيز التمويل المحلي.

سوق السندات في آسيا عاود تسجيل تدفقات إيجابية في منتصف 2025، بعد خروج محدود خلال يونيو بقيمة 2.1 مليار دولار، لكن البيانات المجمعة من رويترز تظهر أن إجمالي التدفقات الأجنبية على سندات آسيا خلال النصف الأول بلغ 31.9 مليار دولار، وهو الأعلى منذ ثلاث سنوات، ما يعكس تجدد ثقة المستثمرين في استقرار عوائد الديون السيادية والقطاعية في دول مثل إندونيسيا والفلبين وكوريا الجنوبية.

الجانب الإيجابي الأهم يتمثل في التفاعل المالي العابر بين الخليج وآسيان. دول مجلس التعاون، وعلى رأسها السعودية والإمارات، عززت حضورها الاستثماري في جنوب شرق آسيا، عبر استثمارات استراتيجية في الطاقة النظيفة، والتقنيات المالية، والخدمات اللوجستية. وفي المقابل، شهدت الأسواق الخليجية إدراج أدوات مالية تتيح لمستثمرين آسيويين الوصول إلى الشركات الخليجية الكبرى، بما في ذلك صناديق ETF مستحدثة تتيح تنويع المحافظ الاستثمارية بين المنطقتين.

ما يميز هذا العام أن التعاون بين الكتلتين لم يعد مقتصراً على الجانب التجاري، بل أصبح ماليًا واستثماريًا بامتياز. تقرير "Oxford Business Group" الصادر في يوليو 2025 أشار إلى أن مشاريع الربط المالي والتمويلي بين الطرفين، كجزء من استراتيجية تكاملية طويلة المدى، تمهد لبروز محور مالي آسيوي-خليجي له تأثير كبير في حركة رؤوس الأموال العالمية.

وبينما تتجه الاقتصادات الغربية نحو التباطؤ بفعل أعباء التضخم والسياسات النقدية المتشددة، تقدم أسواق آسيان والخليج بديلاً أكثر استقرارًا وتنوعًا، معززة بمعدلات نمو تتجاوز 5% في العديد من القطاعات، وانخفاض مستويات المديونية مقارنة بدول أخرى. ووفق تقرير HSBC حول التوقعات الإقليمية لعام 2025، فإن المنطقتين مرشحتان لتسجيل أعلى نسب نمو في الأصول المالية، بواقع 8% لآسيان و9% للخليج، وهو ما يمنحهما دورًا محوريًا في إعادة تشكيل النظام المالي الدولي.

في المجمل، يعكس هذا الزخم في الأسواق المالية تحوّلًا نوعيًا نحو شرق وجنوب الكرة الأرضية، حيث تتلاقى الرؤى التنموية مع الحاجة إلى بنى مالية مستقرة وفعالة، مدعومة بشراكات استراتيجية وشبكات مصرفية وأسواق أوراق مالية ناضجة. ومع استمرار الإصلاحات، يبدو أن الخليج وآسيان معًا في طريقهما إلى قيادة مرحلة مالية عالمية أكثر توازنًا واستدامة.

فيديو