مجزرة 23 يوليو تتجدد في ذاكرة الجنوب

تقارير - منذ 7 ساعات

عين الجنوب | تقرير - خاص

في مثل هذا اليوم، يُستعاد احدى اوجاع الجنوب. مجزرة 23 يوليو 2009 التي ارتكبتها قوات الاحتلال اليمني التابعة لصالح، كواحدة من الجرائم في سجل الاحتلال اليمني.

خرج أبناء الجنوب في ذلك اليوم في مهرجان سلمي للحراك الجنوبي، يهتفون لهويتهم الوطنية ويرفعون راية الجنوب التي حاول الاحتلال اليمني طمسها بعد غزو 1994. كانت زنجبار كما حال بقية مدن الجنوب شاهدة على مسيرات اجتمع فيها ابناء الجنوب ليحملوا الصوت والراية والمبدأ. لكن الرد كان غادرًا ووحشيًا. نيران قوات الاحتلال اليمني أُطلقت مباشرة، لتحصد أرواحهم دون تمييز، وتحوّل ميدان الاحتجاج إلى ساحة قتل متعمد. سقط محمد سالم علوي “سمن” احد رموز الحراك ومعه أكثر من 17 شهيدًا، فيما جُرح العشرات، وآخرون فاضت أرواحهم لاحقًا متأثرين بجراحهم.

ليست مجزرة 23 يوليو استثناءً في سجل جرائم الاحتلال اليمني بحق شعب الجنوب، بل واحدة من سلسلة طويلة بدأت منذ اجتياح العاصمة عدن في 1994، حين تم احتلال الدولة الجنوبية بالقوة العسكرية، وتفكيك مؤسساتها، وتشريد كوادرها، ونهب ثرواتها، وتذويب هويتها في إطار قسري فرض باسم الوحدة المشؤومة بينما كان الاحتلال يتغلغل في كل مفاصل الحياة. قُصفت المدن، وأُقصي المثقفون، ونهبت المؤسسات وعُذّب العسكريون، وهمش السياسيون، وفُرض على شعب الجنوب أن يكون ارض ملحقة لمنظومة احتلال يمني غاشم.

ولم يترك الاحتلال اليمني وسيلة إلا واستخدمها لكسر إرادة شعب الجنوب من مجازر واعلام وتصفيات واغتيالات وتشريد. من مجزرة سناح والمنصة وساحة العروض إلى جرائم ميليشيات الحوثيين في 2015، لكن ما لم يفهمه الاحتلال اليمني، أن هذه التضحيات زادت العزيمة، وصقلت الارادة، وصاغت وعيًا جمعيًا عميقًا بأن لا مستقبل تحت احتلال يمني اياً كان شكله ولا حرية دون استقلال.

من دماء الشهداء تولد الإرادة. من ركام جرائم الاحتلال تولد الأوطان الحرة. شعب الجنوب كان دوماً صانعًا لملاحم الصمود. لم تستطع آلة حرب الاحتلال اليمني أن تُخيفه، ولا حملات التضليل أن تربكه، ولا العواصف السياسية أن تشتته. بل خرج من كل جرح أشد تماسكًا واصطفافاً ومن كل انتكاسة أكثر نضجًا، ومن كل قمع أكثر إصرارًا على بناء دولة جنوبية عادلة، كاملة السيادة، تحترم الإنسان وتصون التاريخ وتمنح المستقبل لأبنائه، تحت قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، برئاسة الرئيس القائد الزُبيدي.

إن إحياء ذكرى مجازر وجرائم الاحتلال اليمني لا يأتي بدافع التذكير بجرائم الاحتلال اليمني بحق شعب الجنوب فقط، بل بوحي الوفاء. وفاء لرجال ونساء قدّموا أرواحهم وهم يؤمنون أن الجنوب ليس جغرافيا فقط، بل كرامة وشعب وهوية ودولة وحق. لا يمكن أن تُطوى هذه الصفحة، ولا يمكن أن تُنسى هذه الدماء. كل قطرة سالت على تراب الجنوب هي ميثاق لا يسقط، وعهد لا يُكسر، بأن قضية شعب الجنوب مستمرة حتى نهايتها العادلة، وأن الجنوب لن يعود خطوة واحدة إلى الوراء، بل يسير بثقة نحو المستقبل الذي يليق بهذه التضحيات.

هكذا يُكتب تاريخ الشعوب الحرة. لا بالأقلام فقط، بل بالأرواح. ولا بالقرارات الدولية فقط، بل بإرادة لا تتزعزع. واليوم، ونحن نُحيي ذكرى مجزرة 23 يوليو وكل شهداء الجنوب، نعلن أن العدالة لن تموت، وأن الاحتلال اليمني لن يُعفى من ذاكرة ابناء الجنوب، وأن الاستقلال واستعادة الدولة هو مصير محتوم تُمهّده الدماء الزكية وتكتبه أجيال لا تقبل الانكسار.

لأرواح الشهداء المجد، ولحماة الارض المرابطون التحية ولجنوبنا التحرير والحرية وللأجيال القادمة وعد لا نخونه: أن لا نخون الدم، ولا نفرّط بالحق، وأن نُكمل المسيرة حتى استعادة الدولة الجنوبية، دولة الارض والإنسان والكرامة والسيادة من المهرة الى باب المندب.

فيديو