النازحون في الجنوب.. هروب من سطوة الحوثي أم نزوح خدمة لمشروعه؟

السياسة - منذ 12 ساعة

عدن ، عين الجنوب ||خاص

لا ينكر أحد ما للحرب من تأثير على حياة الناس، وتحديدًا ما نتج عن اجتياح الحوثي لصنعاء ومعظم محافظات الشمال المختطفة من مليشيا الحوثي. ولا ينكر ما تعرّض له الإخوة في الشمال من بطش وتنكيل وإخفاء قسري، فقد امتلأت السجون بالمعتقلين، لا لشيء إلا لأن الحوثي يريد استيراد منهج مستورد، مستقى من عقيدة فارسية بعيدة عن الإسلام، بفكرٍ محرّف يقوم على الإساءة لرموز الدين كزوجات النبي وأصحابه الكرام، حيث ينتقص الحوثي منهم.

هذا التصادم الديني والفكري والسياسي مع مجتمعٍ يدين بالإسلام الصافي، الذي يوقر الصحابة ويعلي مكانتهم، أحدث تناقضًا مع فكر الحوثي الدخيل، فلجأ الحوثي إلى التنكيل بمعارضيه، مما أدى إلى نزوح جماعي، تهجّر على أثره أكثر من سبعة ملايين إنسان. نزح البعض إلى دول عربية وأجنبية، خصوصًا الميسورين والسياسيين، وبقي البعض ممن لم تسعفهم ظروفهم كنازحين في بعض المحافظات الشمالية المحررة كمارب والمخا وأجزاء من تعز، فيما نزح الأغلب إلى محافظات الجنوب، وخصوصًا عدن، بأعداد كبيرة أحدثت ضغطًا على عدن في شتى المجالات، وخاصة الخدمية، ونتج عن ذلك ارتفاع في الإيجارات، وزحمة في المواصلات، وضغط على الفنادق، ومشاريع الكهرباء والمياه.

قابل الجنوبيون هذا النزوح بالترحاب وحسن الظن، باعتباره واجبًا دينيًا وإنسانيًا، فنحن في الأساس إخوة، تربطنا أخوة الدين والجوار والدم. ولكن الشيء المثير للاستغراب أن بعض النازحين لم يراعوا كرم الضيافة وحسن الاستقبال وواجبات الأخوة، بل تحولوا إلى قنابل موقوتة، يقومون بقطع كيبلات الكهرباء وسد المجاري، ومارس البعض السرقة والنصب والاحتيال، بل دخل بعضهم ضمن شبكات معادية للجنوب، مستغلين وسائل التواصل لبث الفرقة بين الجنوبيين وبث الشائعات والأكاذيب والمغالطات بأسماء وهمية جنوبية مثل "أحمد اليافعي" و"محمد الردفاني" و"علي الضالعي"، وصدق البعض هذا التخفي كمعارضة لسياسة الجنوب والإساءة للرموز السياسية والمؤسسات الأمنية الجنوبية، والانخراط في أنشطة معادية للجنوب وأمنه ومؤسساته العسكرية والأمنية.

ولم يتوقف الحال عند ذلك، بل ضبطت خلايا نازحة تروّج للمخدرات في عدن، مما أثار الشك لدى الجنوبيين وأجهزتهم الأمنية في نوايا هذا النزوح المسيس. وزادت الشكوك حين سُجّل أن كثيرًا من النازحين يسكنون في فنادق راقية ذات كلفة كبيرة، ويشترون وجبات ثمينة من مطاعم راقية، والبعض يستأجر فللاً فاخرة لا يستطيع استئجارها حتى الجنوبي في بلده.

ومما يثير الاستغراب أيضًا أن إحدى القنوات الإعلامية الجنوبية الخاصة صوّرت أسرة نازحة قرب قاعدة العند. سألت ربّة الأسرة، وكانت امرأة كبيرة، عن سبب النزوح: هل هو بسبب الحرب؟ فأجابت ببراءة: "ليس عندنا حرب ونستطيع العودة إلى بيوتنا في أي وقت، لكن وعدونا أن يسجلونا في منظمات إذا نزحنا ويعطونا ألف دولار، وكذبوا علينا ولم يعطونا إلا خمسمائة دولار، وبعض الأسر تستلم ألفًا".
هذا ما قالته المرأة ببراءة، ليكشف أن النزوح مسيس وتقف وراءه أحزاب وهيئات تستهدف إغراق الجنوب بالنازحين.

وأكبر دليل على ذلك أن كثيرًا من النازحين الهاربين من سطوة الحوثي يحزمون أمتعتهم ويعودون إلى مناطقهم عند الحوثي في مناسبات الزواج أو غيرها، ثم يرجعون في أي وقت، مما يعني أن هذا نزوح مسيس يستهدف الجنوب وليس نزوحًا حقيقيًا.

يُضاف إلى ذلك الأفعال المشينة والعدائية في وسائل التواصل، فالمفترض بالنازح أن يكون شخصًا مستكينًا، مشردًا فقد مسكنه وماله، يبحث عن وطن يؤويه ويوفر له الأمن والسكن والمواصلات وكل ما يلزمه من خدمات. وعليه أن يحترم من استضافه، لا أن يتحول إلى عدو.

وعندما يتحول النازح بهذه المواصفات المشبوهة، فإن الوضع يحتاج إلى مراجعة حتى لا يتحول النازحون إلى قنابل موقوتة تستهدف الجنوب ومكتسباته. وقد حدثت بالفعل تفجيرات كثيرة من قبل نازحين مقيمين في الجنوب، وتحديدًا في عدن.

فهل يستمر الجنوبيون في مزيد من حسن الظن، حتى لو تحولت الشكوك إلى حقائق دامغة لا تقبل الشك، أن هذا النزوح مسيس يخدم الحوثي ومشروعه الطائفي المقيت؟ إنه ليس نزوحًا بريئًا يتطلب مزيدًا من النوايا الحسنة، بل نزوحٌ موجَّه، ويعني البعض وليس الكل. لذلك يجب الحذر، حتى لا يقع الفأس في الرأس.

فيديو