الشرعية الحقيقية.. قرار الجنوب بيد أبنائه لا بيد سواه

السياسة - منذ 4 أيام

عدن ، عين الجنوب | خاص 

في ظل القرارات التي اتخذها الرئيس القائد عيدروس الزبيدي، نجد صدى لبعض الأصوات القادمة من خارج حدود الجنوب، والتي يصنفها البعض بالخروج عن الشراكة والانقلاب على الشرعية. ونحن كجنوبيين نتساءل: ما هي الشرعية في نظرهم؟ أليست أن تكون على أرضك وتتخذ قرارات لصالح شعبك؟ أم الشرعية أن تبقى في وطنك كالأسرى، تنظر لما يجري من نهب وفساد وتعيينات لأشخاص من خارج حدود الجنوب يتحكمون بمصير الشعب الجنوبي، فيختلقون العراقيل، ويصنعون الأزمات، ويتلذذون بتعذيب الشعب ليلًا ونهارًا بقطع الكهرباء والمياه والمرتبات التي وصلت لشهرها الرابع؟

في حال كهذا، يرى هؤلاء أن على القيادة أن تغض الطرف عن مأساة شعب يحتضر في وطنه، ويُحرم من ثرواته وأبسط احتياجاته، ليعيش غريبًا مجردًا من كامل حقوقه، مسلوب الإرادة، منهك القوى، منكس الرأس. وعندما يتحرك هذا الشعب أو تتحرك قيادته، فإن ذلك – من وجهة نظرهم – يعد انقلابًا على شراكة الوهم وشرعية الفيد. وليس غريبًا أن يصدر هذا الكلام ممن يشعرون بالخطر على مصالحهم في الجنوب، بعد أن صنع الجنوبيون بعزيمتهم وإرادتهم وطنًا بتضحيات سقط لأجلها آلاف الشهداء.

لقد أعماهم طول الزمن الذي عاش فيه الجنوب مسلوب الإرادة عن رؤية حقيقة أن هذا الشعب قد أبصر النور، ورأى الحق بعيون أبنائه، لأنهم لا يريدون أن يروه عزيزًا حرًّا، بل كسيرًا محطمًا، مسلوب الفعل والإرادة، ليستمر النهب المنظم والفساد المستشري، وتستمر سياسة التجويع الممنهجة.

والأغرب أن تصدر أصوات شاذة من بعض المحسوبين على الجنوب، لا يرون الشرعية الحقيقية سوى أن يكون مصيرهم بيد غيرهم، وأموالهم تُنهب أمام أعينهم، ولا يحبون أن يروا أي مقاومة أو انتصار لشعوبهم وقادتهم.

لقد كان الشعب الجنوبي يتطلع لليوم الذي يرى فيه مصيره وقراراته بيد أبنائه، وها قد جاءت الفرصة الذهبية ليصنع قراره بمعزل عن قوى الاحتلال. لكن بعض الجنوبيين المهزومين لا يرون الحق إلا في بقاء مصيرهم مرهونًا بغيرهم.

إن امتلاك الجنوبيين لقراراتهم حق لا يمكن التنازل عنه، ورغم أن هذه القرارات قد يراها البعض بسيطة، إلا أنها خطوة ستعقبها خطوات تحدد مصير الجنوب، وتعيد له كرامته، وترمم وجهه المنهك وجسده النحيل الذي تكالبت عليه عقود من القهر والتهميش والإقصاء واستلاب الإرادة.

فجنوب اليوم لم يعد جنوب الأمس الخانع الضعيف؛ جنوب اليوم صار وطنًا برزت ملامحه واستقوت أركانه وأصبح مصيره بيد أبنائه. وأي انتقاص من هذا الحق أو تهاون فيه يعد ضعفًا وخورًا.

لقد جاءت هذه القرارات في وقتها المناسب، فباركها الشعب الجنوبي واعتبرها انتصارًا للجنوب الذي رزح طويلًا تحت سلطة ناهبيه وجلاديه. وحان الأوان أن يقول الشعب كلمته على أرضه وترابه الوطني.

فأي شرعية هذه التي تنتقص من حق الجنوبي وتجعل مصيره وثرواته بيد ناهبيه من خارج حدوده؟ أليس الرئيس عيدروس الزبيدي عضوًا في هذه الشرعية ونائبًا للرئيس؟ ومن حقه أن يتخذ أي قرار يخص إرادة شعبه، بشرعية مستمدة من حق الشعوب في حماية أرضها وعرضها؟أي شرعية هذه التي تمنعه من اتخاذ قراراته القانونية والشرعية في التعيين أو غيره من القرارات الخاصة بالجنوب والجنوبيين؟ أم هي الشرعية فقط أن يبقى مصير الجنوب بيد غيره؟

لقد أصبح الجنوب دولة كاملة السيادة بعد ثورات متكررة لتحريره من براثن الاحتلال، وتكللت هذه النضالات بتحريره من كافة قوى الاجتياح، وآخرها طرد الحوثي. واليوم، الجنوب حرٌّ طليق، يتحكم أبناؤه بموارده التي طالها النهب لعقود.إذن.. الشرعية الحقيقية هي شرعية الأرض والقرار الجنوبي المستمد من الشعب وتفويضه، ولا شرعية سواها.

فيديو