الجامعات الأهلية في الجنوب.. مناهج غامضة ورسوم باهظة

تقارير - منذ 1 يوم

عين الجنوب:
لا يمكن للمتابع تجاهل ما للجامعات الحكومية والأهلية من فضل في رفد مسيرة التعليم الجامعي على وجه الخصوص، فهي واحدة من مصادر نشر المعرفة، إذ يتخرج منها آلاف الطلاب المؤهلين لرفد سوق العمل. والتعليم بشقيه الحكومي والأهلي يشكل حجر الأساس في نهضة التعليم وتطوره.

وبسبب تدهور التعليم الحكومي نتيجة تدني مستوى الدخل وانخفاض الرواتب وانقطاعها لأشهر، أدى ذلك إلى تسرب الدارسين والمدرسين، وهذا بدوره فتح الباب أمام افتتاح الجامعات والمدارس الخاصة. وحتى هنا فالموضوع لا يُعاب، ولكن ما يجعلنا نستشعر الخطر في الجنوب هو أن هذه الجامعات – مع كونها تتعامل مع موضوع التعليم بربحية كبيرة – تفرض رسوماً باهظة الثمن، مما يسبب عدم قدرة الطالب من ذوي الدخل المحدود على مواصلة تعليمه. وهذا يشكل عبئاً على أسرته، خاصة في الظروف الحالية التي تمر بها البلاد، الأمر الذي حرم الكثيرين من محدودي الدخل من الالتحاق بهذه الجامعات التي وُضعت وكأنها معدّة للطبقات الميسورة فقط، وهذا واحد من أبرز سلبياتها.

السبب الآخر يتمثل في أن بعض هذه الجامعات، وخاصة الحزبية منها، تقدم مناهج مخالفة للمناهج المعتمدة من قبل الجامعات الحكومية ووزارة التعليم العالي، فتجد الغموض في طريقة أدائها، والسرية في إعداد مناهجها، كون بعضها يعمل على ممارسة التأطير الحزبي والاستقطاب السياسي لخدمة أجندة خاصة. وقد تم إقفال عدد منها لهذه الأسباب.

فالتعليم الأهلي – وإن كان موجوداً في كل دول العالم – يُعتبر منهجاً مصاحباً وداعماً للتعليم الحكومي، كونه يرتكز على المناهج التي تعدها وزارة التعليم العالي. وهذا النوع من التعليم يمارس دوره بتناغم مع التعليم الحكومي. وحتى لا تتحول هذه المناهج التي تُدرّس في الجامعات الأهلية إلى بؤر لزرع التطرف أو تجنيد للإرهاب، فلا بد من التزامها بمناهج التعليم الحكومي أو بمتابعة مستمرة لمقرراتها، حتى لا تتحول إلى قنابل موقوتة تدمر المجتمع وتُقْلِق السكينة العامة فيه.

كما أن كثرة انتشار هذه الجامعات تؤدي إلى كثرة عدد الخريجين، مما يفاقم حالة البطالة. ومن هنا تبرز الحاجة إلى تناغم بين مخرجات هذه الجامعات واحتياجات سوق العمل، لتحقيق الاستقرار الوظيفي وتجنب تراكم المخرجات التي لا تجد لها مكاناً في سوق العمل، فتظل طاقات معطلة يُحرم أصحابها من دورهم في المجتمع ونهضته، التي لا تتحقق إلا باستثمار كل الطاقات ودمجها في مرافق العمل والإنتاج لتكون النتيجة نهضة تنموية في شتى المجالات العلمية والعملية.

وللعلم، فإن من مساوئ التعليم الأهلي أن غالب تخصصاته تقوم على طريقة "التعلم عن بُعد"، وهو ما لا يساهم في مشاركة الطالب وتفاعله مع معلميه، بل تُعَد له مناهج خاصة ودروس معينة يذاكرها الطالب ويمتحن بها في نهاية المدة، وغالبها يحتاج إلى شرح ومناقشة وتفسير من قبل المعلم، وهذا النوع من التعليم غير متوفر هنا، فيتخرج الطالب بدون حصيلة علمية. ناهيك عن أن هذه الجامعات تتقاضى رسوماً باهظة، مما يجعلها متساهلة مع الطلاب مخافة فقدانهم، فيتم إنجاحهم حتى وإن لم يكونوا أهلاً للنجاح، وهذا من أبرز عيوب هذا النوع من التعليم.

وعموماً، فإن هذه النوعية من التعليم مطلوبة اليوم في ظل تدهور التعليم الحكومي، لكن ذلك يجب أن يتم تحت إشراف حكومي صارم، حتى لا يتحول إلى وسيلة للاستقطاب الحزبي أو الطائفي، أو إلى أداة لزرع التطرف والإرهاب.

فيديو