السلام يبدأ من الجنوب:.... يؤكد موقف الأمم المتحدة أن تجاهل تطلعات شعب الجنوب يعيد إنتاج الصراع؟

السياسة - منذ 1 ساعة

عين الجنوب ||خاص    

في لحظة سياسية دقيقة تتكثف فيها الجهود الدولية لإنهاء الحرب، تبرز تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بوصفها مؤشراً واضحاً على تحوّل نوعي في مقاربة السلام، حين شدد على أن السلام المستدام لا يمكن أن يتحقق إلا عبر تسوية تفاوضية تلبّي تطلعات الشعوب. هذا التأكيد يضع قضية شعب الجنوب في صميم أي حل سياسي، لا على هامشه، ويمنحها بعداً قانونياً وسياسياً منسجماً مع المبادئ الأممية.

تطلعات الشعوب… معيار الاستدامة

إحاطة الأمين العام لم تترك مجالاً للتأويل: الحلول التي تتجاوز الإرادة الشعبية تظل هشّة وقابلة للانفجار. ومن هذا المنطلق، فإن تطلعات شعب الجنوب في تقرير مصيره واستعادة دولته تمثل جوهر فكرة السلام، لا استثناءً عنها. فالتجارب السابقة أثبتت أن إدارة الأزمات دون معالجة جذورها لا تنتج استقراراً، بل تؤجل الانفجار وتعمّق الانقسامات.

القضية الجنوبية: من «ملف مؤجل» إلى ركيزة حل

تقديم القضية الجنوبية كسبب للتصعيد يتناقض مع الواقع. ما يجري في الجنوب هو تعبير سياسي سلمي عن تطلعات شعبية واسعة، ينسجم مع دعوة الأمم المتحدة للحوار السياسي بديلاً عن العنف. تجاهل هذه التطلعات لا يُنهي الصراع، بل يعيد تدويره بأدوات جديدة، ويُبقي أي مسار سياسي ناقصاً وعاجزاً عن الصمود.

الاستقرار لا يُدار… بل يُبنى

تؤكد الرؤية الأممية أن الاستقرار المستدام يبدأ بالاعتراف بالحقوق، لا بإدارتها مؤقتاً. وفي هذا السياق، تُطرح استعادة الدولة الجنوبية كمطلب سياسي قابل للنقاش التفاوضي ضمن مسار أممي شامل، ينطلق من الواقع الاجتماعي على الأرض ويستند إلى قبول مجتمعي حقيقي. فربط الجنوب بمفهوم الاستقرار الإقليمي يعكس حقيقته كعامل توازن، لا كتهديد.

دعوة للاقتراب من الميدان

تبرز أهمية قيام الأمم المتحدة بزيارة ميدانية إلى محافظات الجنوب، تشمل الأمين العام ومبعوثه الخاص، بما يتيح الاستماع المباشر لإرادة شعب الجنوب، والاطلاع على الحراك الشعبي السلمي، وتقييم الواقع بعيداً عن القراءات الجزئية أو الأمنية الضيقة. خطوة كهذه من شأنها سد فجوة الفهم وبناء مقاربة أكثر واقعية للحل.

تقدير جنوبي لموقف أممي متوازن

يحظى موقف الأمين العام بتقدير شعبي جنوبي، كونه أكد أن السلام المستدام يقوم على تلبية تطلعات الشعوب، ودعا إلى تجنب الإجراءات التي تعمّق الانقسامات، وشدد على أولوية الحوار السياسي. هذه المرتكزات تمثل أرضية صلبة لمسار سلام حقيقي إذا ما جرى التعامل معها بجدية ومسؤولية.

الخلاصة

أي تسوية تتجاهل تطلعات شعب الجنوب ستظل تسوية مؤقتة. أما السلام الحقيقي، فيبدأ بالاعتراف بالحقوق السياسية ومعالجة جذور الصراع. ومن هذا المنظور، لم تعد القضية الجنوبية عبئاً على مسار السلام، بل مفتاحه الأهم، كما تعكسه بوضوح الرؤية الأممية التي تربط الاستقرار بتلبية تطلعات الشعوب، وفي مقدمتها تطلعات شعب الجنوب.

فيديو