الأبعاد السياسية والاستراتيجية لزيارة الرئيس عيدروس الزبيدي الى موسكو وانعكاساتها على العلاقات الروسية الجنوبية مستقبلاً

السياسة - منذ 4 ساعات

عين الجنوب| خاص

زيارة الرئيس عيدروس الزبيدي إلى موسكو التي حظيت باستقبال رسمي من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تمثل محطة سياسية مهمة في مسار المشهد اليمني العام فهي تعكس تحولا لافتا في طبيعة العلاقات الخارجية للمجلس الانتقالي الجنوبي وتكشف عن إدراك روسي متزايد لأهمية الملف اليمني في توازنات المنطقة هذه الزيارة لم تكن بروتوكولية بقدر ما كانت سياسية واستراتيجية في مضمونها إذ جاءت في توقيت بالغ الحساسية يشهد فيه اليمن حراكا سياسيا وعسكريا متسارعا في ظل الجمود النسبي في مسار المفاوضات الإقليمية والدولية المتعلقة بالأزمة اليمنية

الاستقبال الرسمي الذي حظي به الرئيس الزبيدي من قبل لافروف يحمل دلالات واضحة على أن موسكو باتت تنظر إلى الجنوب اليمني بوصفه طرفا فاعلا لا يمكن تجاوزه في أي تسوية سياسية قادمة فروسيا وهي دولة تمتلك نفوذا تاريخيا في المنطقة تبحث اليوم عن موطئ قدم جديد في البحر العربي وخليج عدن وهما منطقتان استراتيجيتان تتحكمان في خطوط الملاحة الدولية وممرات الطاقة العالمية ومن هنا يمكن فهم اهتمام موسكو بتعزيز علاقاتها مع القوى الجنوبية التي تسيطر فعليا على معظم السواحل والمنافذ الحيوية في جنوب اليمن

كما أن الزيارة تسلط الضوء على توجه القيادة الجنوبية نحو تنويع شراكاتها الدولية وعدم الاكتفاء بالدعم الإقليمي التقليدي فهي محاولة لإرسال رسالة سياسية إلى المجتمع الدولي بأن الجنوب يمتلك رؤيته المستقلة وأنه منفتح على التعاون مع القوى الكبرى بما يخدم مصالحه الوطنية ويعزز حضوره في المعادلة السياسية الإقليمية والدولية وبالنسبة لروسيا فإن هذا الانفتاح يتيح لها فرصة لإعادة توازن نفوذها في المنطقة في مواجهة الحضور الأمريكي والغربي المتزايد حول مضيق باب المندب وسواحل القرن الإفريقي

وعلى الصعيد الداخلي فإن زيارة الرئيس الزبيدي إلى موسكو من شأنها أن تعزز موقع المجلس الانتقالي في المشهد السياسي اليمني إذ تمنحه بعدا دوليا إضافيا يرسخ صورته كقوة سياسية معترف بها على الساحة الخارجية ويمنح الجنوب زخما دبلوماسيا في مسار المطالبة بحق تقرير المصير كما أن هذه الزيارة يمكن أن تسهم في فتح آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي والعسكري والتقني بين روسيا والجنوب خاصة في مجالات إعادة الإعمار والطاقة والبنية التحتية وهي ملفات تكتسب أهمية كبيرة في ظل التحديات التي يواجهها الجنوب بعد سنوات من الصراع

إن الأهمية الاستراتيجية لهذه الزيارة تتجاوز بعدها السياسي الآني فهي تشكل بداية لتقارب محتمل بين موسكو وعدن يعيد رسم خارطة التحالفات في المنطقة وتفتح الباب أمام روسيا للعب دور الوسيط أو الشريك في أي تسوية سياسية قادمة في اليمن بما يضمن حماية مصالحها ويعزز حضورها في البحر الأحمر والمحيط الهندي وفي المقابل تمنح الجنوب ثقلا دوليا إضافيا يمكنه من التفاوض من موقع أقوى في المستقبل.

فيديو