الجنوب في مواجهة العاصفة.. الرئيس الزبيدي يقود التحول السياسي وأعداء الاستقرار يحركون أوراق الفوضى

دراسات وتحليلات - منذ 10 ساعات

عدن، عين الجنوب | خاص

يشهد الجنوب في هذه المرحلة مفترقًا سياسيًا حساسًا تتقاطع فيه الحسابات المحلية والإقليمية والدولية، فكل خطوة يتخذها الرئيس عيدروس الزبيدي، حفظه الله ورعاه، ضمن مسار التحرك السياسي والدبلوماسي، تحظى باهتمام واسع داخل الساحة اليمنية وخارجها، لما تمثله من انعكاس مباشر على مستقبل القضية الجنوبية ومسار التسوية الشاملة في اليمن.

وفي مقابل هذا النشاط المتنامي، تظهر محاولات متكررة لإثارة الفوضى وإشعال مظاهرات مفتعلة تتبناها أطراف معروفة بانتماءاتها الإخوانية أو الحوثية، وتتحرك بالتنسيق مع قوى شمالية داخل الشرعية التي لا تزال ترى في استقرار الجنوب تهديدًا لنفوذها السياسي والاقتصادي. كما يعتمد بعض هؤلاء على مرتزقة من أبناء الجنوب ممن يضعفون أمام الإغراءات أو المصالح الآنية، ليكونوا أدوات في مشاريع لا تخدم سوى خصوم الجنوب.

تأتي هذه التحركات في توقيت سياسي بالغ الدقة، إذ يشهد الجنوب حالة من الحراك الإيجابي على المستويين الداخلي والخارجي، حيث هناك توجهات واضحة نحو توحيد الصف الجنوبي، وإعادة ترتيب المؤسسات، وإطلاق حوارات مع التحالف العربي والمجتمع الدولي تهدف إلى ترسيخ الاعتراف بالقضية الجنوبية كواقع سياسي لا يمكن تجاوزه. وهذه المكاسب السياسية دفعت أطرافًا معادية إلى محاولة خلق صورة مضادة توحي بوجود انقسام داخلي أو رفض شعبي لمسار المجلس الانتقالي الجنوبي، إلا أن هذه المحاولات غالبًا ما تفشل على أرض الواقع، لأن القاعدة الشعبية الجنوبية باتت أكثر وعياً بطبيعة الحرب الإعلامية والسياسية التي تستهدفها.

وفي خضم هذه التطورات، برز اسم المدعو أمجد خالد، الذي أعلن عن تشكيل ما أسماه “مقاومة وطنية جنوبية”، وهو إعلان يحمل أبعادًا سياسية وإعلامية أكثر مما يحمل من واقع عملي. جاء توقيت هذا الإعلان في لحظة تتقدم فيها الجهود الجنوبية نحو مزيد من الاستقرار والتفاهم الإقليمي، ويعتقد مراقبون أن الهدف منه هو إرباك المشهد الجنوبي وإظهار حالة انقسام مفتعل، في حين أن هذا الشخص معروف بانتمائه الشمالي وأصوله التعزية، وكان الأجدر به أن يوجه طاقته نحو مواجهة الحوثيين بدلاً من محاولة افتعال صراع في مناطق الجنوب الساعية لترسيخ الأمن والتنمية.

يشير التحليل السياسي لهذا المشهد إلى أن ما يجري ليس أحداثًا معزولة، بل انعكاس لصراع إرادات بين مشروعين: الأول يسعى إلى بناء كيان جنوبي مستقر مستقل القرار، يمتلك مؤسساته الأمنية والسياسية، والثاني يحاول الحفاظ على مركزية النفوذ في الشمال وإبقاء الجنوب في حالة هشاشة تسمح بالتدخل والسيطرة، وتسهّل إعادة تدوير مراكز القوى القديمة تحت غطاء الشرعية. وفي هذا الصراع، تستخدم الأدوات الإعلامية والسياسية والاقتصادية، بل وحتى أدوات الفوضى، لإضعاف الموقف الجنوبي وتشتيت تركيزه عن أهدافه الاستراتيجية.

وتشير مؤشرات المرحلة القادمة إلى مزيد من الضغوط على الجنوب، سواء من خلال الحملات الإعلامية أو التحركات الميدانية المحدودة، أو عبر تحريك أدوات سياسية داخل الشرعية، في محاولة للتأثير على توازن القوى في مفاوضات التسوية. لكن في المقابل، هناك دلائل على أن الجنوب يتعامل مع هذه التحديات بنضج سياسي أكبر، وقادر على امتصاص الصدمات، إذ إن مؤسسات المجلس الانتقالي باتت أكثر تنظيمًا من أي وقت مضى، وتعمل على ترسيخ مفهوم الدولة وبناء الشراكات مع المجتمع الإقليمي والدولي.

ويؤكد الواقع أن الوعي الشعبي يشكل اليوم خط الدفاع الأول ضد محاولات الاختراق، فالمواطن الجنوبي بات يميز بوضوح بين التحرك السياسي الهادف لخدمة قضيته، وبين الحملات المفتعلة التي تسعى لتشويه تلك التحركات. لذلك، لم تعد أي مظاهرات أو تحركات مشبوهة تلقى التأييد الشعبي كما في السابق، بعد أن تعلم الشارع الجنوبي من التجارب السابقة أن كثيرًا من تلك الدعوات تقف خلفها غرف تمويل إعلامية وسياسية لا تريد للجنوب أن يستقر.

وفي ظل هذه الوقائع، يتأكد أن المشروع الجنوبي يسير في طريق ثابت رغم محاولات التشويش، وأن القيادة السياسية الجنوبية برئاسة الرئيس عيدروس الزبيدي تواصل عملها بخطى محسوبة تجمع بين الواقعية السياسية والتمسك بالثوابت الوطنية. فهي تدرك تمامًا أن المرحلة الحالية تتطلب وعياً عميقًا وتنسيقًا مستمرًا مع الحلفاء لتجاوز محاولات الزعزعة، وأن الجنوب الذي صمد في وجه الحروب والمؤامرات قادر على تجاوز هذه التحديات بما يمتلكه من إرادة شعبية راسخة ورغبة صادقة في بناء مستقبل آمن ومستقر.

فيديو