بين فتنة الإعلام وخنجر التفجيرات وجوع الأزمات المصطنعة؛ الجنوب يواجه مؤامرة متعددة الأذرع

تقارير - منذ 1 يوم

عين الجنوب || خاص:
لم يعد يخفى على كل الجنوبيين اليوم حجم المؤامرة التي تُحاك لنا منذ بداية الانطلاقة الحقيقية لمشروعنا الوطني في استعادة الدولة، فقد كان الأعداء يراهنون على إضعاف العزيمة ونشر الشكوك بين صفوفنا، مستخدمين كل الوسائل والطرق اللاأخلاقية، ومع كل خطوة نتقدم فيها إلى الأمام يزدادون شراسة في التشويش وإثارة الفتن إعلاميًا وسياسيًا واقتصاديًا. لكننا لم نخلع رداء الصبر ولم نبدل عزيمتنا، فكل محاولة تشويه كانت تزيدنا إصرارًا، وعندما فشلت كل هذه الأساليب لجأوا إلى أدواتهم القذرة من خلال العمليات التفجيرية والعبوات الناسفة والانتحاريين لتتحرك آخر أجنداتهم الشيطانية المتمثلة بتنظيمات التطرف التي لا تعرف للقيم طريقًا ولا للإنسانية رحمة.

علينا أن ندرك أن المقاومة الحقيقية لا تكون بالدمار، بل تكون بالبناء وبالعمل المؤسسي الذي يحمي المواطن ويكفل له حقوقه، ففي مواجهة موجة التفجير والتخريب يجب أن تتبلور استجابة وطنية شاملة تبدأ بالحماية المدنية، وتمتد إلى الإعلام المقاوم الذي يكشف الأكاذيب ويفضح من يمول ويزور الحقائق. كما يجب أن تتوحد الجهود السياسية لتضع أيديها على الجراح وتعمل على إصلاح الواقع الاقتصادي والاجتماعي الذي يغذي بذور التطرف؛ فالفقر والبطالة والغياب عن التعليم هي بيئة خصبة لكل فكر قاتل يرغب في تحويل شبابنا إلى أدوات للخراب.

إن استعادة الدولة تتطلب بناء مؤسسات قوية ونزيهة تقطع الطريق أمام من يريد تحويل السلطة إلى وسيلة لنهب الخيرات وإشعال الفتن، فالقضاء المستقل والحلول الأمنية الممهدة لخطط إصلاحية اقتصادية هي السبيل لإغلاق شهيق العنف. كما أن دور المجتمع المدني في حماية المدارس والمستشفيات والأسواق هو واجب وطني يحد من قدرة التنظيمات على استغلال الفراغ ويعيد للناس شعور الأمان الذي سلبته موجات الرعب.

لا نريد أن نغفل أهمية إخراج الشباب من دائرة الاستسلام إلى دائرة المشاركة الفاعلة، فالتدريب والتعليم وفرص العمل هي مفاتيح تحويل الشباب إلى طاقة بناءة تزيل أرضية التجنيد والتطرف. كما يجب على قيادات المجتمع أن تضع جانبًا الخلافات الشخصية وأن تتفق على خارطة طريق وطنية تضمن مشاركة الجميع وتعالج الأزمات بالحقائق لا بالأهواء.

الإعلام الواعي له دور محوري في تعطيل آلة التضليل، فبقدر ما ينتشر خطاب مسؤول يقوم على الأدلة والحقائق يقل تأثير دعاة الفتنة، فالتشهير والإشاعات هما سلاحان تستخدمهما قوى الظلام، لذلك علينا أن نبني منصات إعلامية مستقلة تعيد الثقة للمواطن وتكشف من يمول الإرهاب ويغذي الصراعات دون أن تسقط في فخ الانقسام.

كما أن واجبنا تجاه أسر الشهداء والجرحى لا يسمح لنا بأن نتركهم فريسة للحرمان؛ فالرعاية الاجتماعية والنفسية وإعادة التأهيل الاقتصادي هي أقل ما يمكن تقديمه لمن بذلوا أغلى ما لديهم من أجل الوطن، وتحويل ألمهم إلى قوة دافعة للبناء هو الطريق الأنبل لإكرام شهدائنا.

المجتمع الدولي جزء من المعادلة ولا يجب أن يبقى متفرجًا، فالدعم الإنساني والضغط على من يمول ويدعم تنظيمات متطرفة هو عامل حاسم في تقليل قدرتها على الاستمرار، كما أن الشراكات الدولية في مجالات التدريب وبناء المؤسسات تساعد على خلق مناعة مؤسسية تردع العابثين.

في نهاية المطاف، لا سلام مع من يريد هدم أساس الدولة ولا تفاوض على كرامة شعب دفع الثمن غاليًا، لكننا نؤمن بأن الطريق إلى النصر يمر عبر العمل والصرامة والتخطيط السليم، فالوحدة الوطنية هي السلاح الذي يفرم خطط الأعداء، والوعي المجتمعي هو الدرع الذي يحمي أطفالنا من الانزلاق في بحار العنف. فلتكن استعادة الدولة مشروع الجميع، ولتكن مقاومة التطرف بناءً وتنميةً وحوارًا ورفضًا مطلقًا للعنف والقتل؛ وهكذا فقط سيبزغ فجر الجنوب قويًا موحدًا مزدهرًا، قابضًا على مصيره ومتمسكًا بحقوقه ومطالبًا بحياة كريمة لكل أبنائه.

فيديو