حل الدولتين يعود إلى الواجهة: جنوب اليمن بين إرث الماضي وتعقيدات الحاضر

العالم بعيون جنوبية - منذ 12 ساعة

عين الجنوب |متابعة خاصة:
إعداد: عن مقال تحليلي للباحث كريستوفر بالير جيرال أحد المهتمين بالعلاقات الدولية وشؤون رابطة دول جنوب شرق آسيا ودراسات الصين.

عاد الحديث مجددًا حول حل الدولتين في اليمن، في ظل تعقيدات المشهد السياسي وتفاقم الأزمات بين الشمال والجنوب. وبينما يستمر الصراع الداخلي ويتعثر المسار السياسي، يبرز جنوب اليمن، أو ما كان يُعرف رسميًا بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، كحالة تاريخية وسياسية فريدة في المنطقة.

تأسس جنوب اليمن في 30 نوفمبر 1967 عقب انسحاب بريطانيا من عدن، ليصبح أول دولة عربية تتبنى النهج الماركسي-اللينيني في ظل ظروف الحرب الباردة والجغرافيا السياسية. وقادت جبهة التحرير الوطني عملية التحرير والتأسيس عبر رؤية علمانية اشتراكية هدفت إلى تحديث الدولة وإضعاف نفوذ القبيلة ورجال الدين.

تحت حكم الحزب الاشتراكي اليمني، شهد الجنوب إصلاحات واسعة شملت تأميم الصناعات وإعادة توزيع الأراضي وتوسيع التعليم والرعاية الصحية وتعزيز حقوق المرأة. غير أنّ تلك المرحلة لم تخلُ من التوترات الداخلية والانقسامات والصراعات المسلحة، أبرزها الحرب الأهلية عام 1986. كما اعتمد الجنوب بشكل كبير على الاتحاد السوفيتي، ما جعله عرضة للتقلبات الدولية في أواخر الثمانينيات.

في عام 1990، توحد الجنوب مع الجمهورية العربية اليمنية لتشكيل الجمهورية اليمنية، غير أن الاندماج كشف سريعًا عن فجوة سياسية واقتصادية عميقة. تركّزت الاستثمارات في صنعاء، فيما شعر الجنوبيون بتهميش متزايد رغم امتلاك منطقتهم موارد نفطية وموقعًا استراتيجيًا على خليج عدن. وتفاقمت الصراعات لاحقًا لتتطور إلى مواجهات وحركات انفصالية ما زالت قائمة حتى اليوم.

وتبرز اليوم دعوات إعادة دولة الجنوب بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي بزعامة اللواء عيدروس الزبيدي، مستندة إلى موقع عدن الحيوي وشراكات إقليمية مع دول الخليج، في محاولة لإحياء مشروع دولة مستقرة قادرة على تحقيق الأمن والتنمية الاقتصادية.

ويقترح المشروع رؤية جنوب اتحادي يتمتع بالحكم الذاتي، مع إمكانية توسع فدرالي اختياري يضم مناطق شمالية مستقبلًا إذا اختارت ذلك، بالتوازي مع التعايش مع كيان شمالي يسيطر عليه الحوثيون.

عودة الحديث عن حل الدولتين تعكس حجم الانقسام الهيكلي بين الشمال والجنوب، وتُبرز إرثًا تاريخيًا لم تُحسم خلافاته منذ اندماج عام 1990. وبين تطلع الجنوبيين إلى تقرير المصير من جهة، والتحديات السياسية والدبلوماسية من جهة أخرى، يبقى مصير الجنوب مرهونًا بقدرة هذه الرؤية على التحول إلى واقع سياسي معترف به ومستدام على الصعيدين الإقليمي والدولي.

فيديو