الحوثيون يرسخون وجودهم البحري في رأس عيسى تحت غياب أممي مريب

دراسات وتحليلات - منذ 3 ساعات

‏عين الجنوب || متابعت

في تحدٍّ مباشر لقرارات مجلس الأمن، كشفت صور الأقمار الصناعية عن تحوّل خطير في موازين السيطرة على الساحل الغربي لليمن، حيث يعمل الحوثيون على بناء بنية تحتية ملاحية جديدة في ميناء رأس عيسى لتوسيع قدرتهم على مناولة البضائع العامة والمنتجات النفطية، وسط غياب شبه تام للرقابة الدولية.

الصور التي التُقطت في الخامس من نوفمبر تُظهر أرصفة جديدة وناقلات نشطة في الميناء، في وقتٍ كان يُفترض أن يكون فيه رأس عيسى منشأة متهالكة محدودة القدرة.
الآن، تُظهر البيانات وجود ثلاث ناقلات نفط وسفن تجارية تعمل بصورة منتظمة في الموقع، في مشهد يعكس تحوّل الميناء إلى قاعدة لوجستية حوثية متقدمة على البحر الأحمر.
تواطؤ الصمت الأممي

وفقًا لمراقبين، فإن آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش (UNVIM) لم تعد موجودة فعليًا في الميناءين الخاضعين للحوثيين، رأس عيسى والصليف، رغم أن قرار مجلس الأمن 2216 يشترط حصول أي سفينة على تصريح مسبق من الآلية الأممية في جيبوتي.
ويصف دبلوماسيون الوضع بأنه «فراغ مراقبة» يسمح للحوثيين بإدخال شحنات مجهولة الهوية ومواد مزدوجة الاستخدام تحت غطاء التجارة الإنسانية.

رسائل ميدانية في زمن المساومات
التحركات الحوثية في الموانئ ليست تطويرًا لوجستيًا بريئًا، بل رسالة سياسية مشفّرة تُوجّه إلى المجتمع الدولي: الجماعة قادرة على بناء موانئها الخاصة، وتجاوز العزلة، وفرض حضور بحري بحكم الأمر الواقع.
ففي حين تراجعت مرافق الحديدة بفعل الضربات الأمريكية والإسرائيلية، ملأت الجماعة الفراغ سريعًا عبر رأس عيسى الذي بات، بحسب محللين، “البديل العسكري-الاقتصادي” للحديدة.

ناقلة "جالاكسي ليدر".. من حطام إلى منصة تجسس

ولا تزال بقايا الناقلة المخطوفة "جالاكسي ليدر" راسية على الشاطئ منذ يوليو الماضي، في وضع أثار تساؤلات استخباراتية.
مصادر بحرية تؤكد أن الحوثيين يخططون لتحويلها إلى منصة مراقبة بحرية عائمة، تُستخدم لمتابعة تحركات السفن في البحر الأحمر ورصد الممرات المؤدية إلى باب المندب.
مشهد البحر الأحمر يتغيّر

في المقابل، عاد ميناء الصليف إلى العمل بكامل طاقته بعد إصلاح الأضرار السابقة، لتنشأ منظومة مزدوجة بين الصليف ورأس عيسى تتحكم عبرها الجماعة في خط الإمداد البحري الممتد من جيبوتي حتى سواحل الحديدة.
وتشير تقديرات ملاحية إلى وجود أكثر من 17 سفينة بانتظار الرسو في نطاق السيطرة الحوثية، ما يعني أن البحر الأحمر يشهد تحولاً تدريجيًا نحو “منطقة نفوذ موازية” خارج السيطرة الشرعية والتحالف الدولي.

إنها ليست مجرد موانئ تُرمَّم، بل معاقل بحرية تُبنى بصمت وتواطؤ، تُعيد رسم خطوط القوة في البحر الأحمر، وتطرح سؤالًا صارخًا:
أين الأمم المتحدة؟

فيديو