تحليل : الحوثي والإخوان.. مِلّة الإرهاب الواحدة حين تتعدّد الأقنعة

دراسات وتحليلات - منذ 3 ساعات

عين الجنوب|| خاص:
في مشهد بالغ التعقيد، لم يعد من الصعب على المتابع أن يلحظ خيوط التقاطع العميق بين جماعة الحوثي وتنظيم الإخوان، رغم ما يبدو على السطح من خصومة وشعارات متناقضة. فالتجربة الممتدة منذ سنوات أثبتت أن الطرفين، وإن اختلفا في اللافتات، يجتمعان في الجوهر، ويتقاسمان المنهج والأدوات والنتائج، حتى باتا يشكلان معًا مِلّة واحدة في رعاية الإرهاب وصناعة الفوضى.
كلا المشروعين يقوم على توظيف الدين كغطاء سياسي، وتحويله من منظومة قيم أخلاقية إلى أداة تعبئة وتحريض. الحوثي استثمر الخطاب الطائفي والسلالي، فيما لجأ الإخوان إلى شعارات “الشرعية” و“الدولة المدنية”، لكن المحصلة واحدة: مليشيات مسلحة، إقصاء للآخر، شرعنة للعنف، وتقويض ممنهج لمفهوم الدولة الوطنية.
وعلى الأرض، تتجلى هذه الحقيقة بوضوح. فحيثما تمدد الحوثي أو سيطر الإخوان، غابت مؤسسات الدولة، وانتشرت السجون السرية، وازدهرت شبكات التجنيد، وتحوّل السلاح إلى لغة وحيدة للحكم. لم يكن الإرهاب يومًا عارضًا في مسار الطرفين، بل كان خيارًا أصيلًا لإدارة الصراع وفرض النفوذ، سواء عبر التفجيرات، أو الاغتيالات، أو رعاية الجماعات المتطرفة، أو فتح الممرات الآمنة لها تحت ذرائع مختلفة.
أما الخلافات المعلنة بين الحوثي والإخوان، فهي في حقيقتها صراع أدوار لا صراع مبادئ. خلاف على الحصص، والمناطق، والولاءات الإقليمية، لا على جوهر المشروع. ولهذا، سرعان ما تتراجع لغة التخوين المتبادل عندما تلتقي المصالح، أو عندما يبرز طرف ثالث يهدد نفوذهم المشترك. والتاريخ القريب مليء بالشواهد على تفاهمات غير معلنة، وهدن مريبة، وتنسيق غير مباشر، كان ضحيته المواطن اليمني، وأمنه، ومستقبله.
وفي الجنوب، تتكشف هذه المِلّة الإرهابية بوجهها الأكثر وضوحًا. فكل موقف جنوبي يسعى لاستعادة الدولة وبناء مشروع وطني مستقل، يُقابل بحملات تحريض، وتهديد، وتخوين، سواء من إعلام الحوثي أو منصات الإخوان. الهدف واحد: إفشال أي نموذج خارج وصايتهم، ومنع قيام كيان مستقر يفضح فشل مشاريعهم القائمة على الفوضى الدائمة.
إن توصيف الحوثي والإخوان بأنهما رعاة الإرهاب لم يعد مجرد توصيف سياسي أو خطاب تعبوي، بل خلاصة تجربة دامية عاشها اليمنيون لسنوات. تجربة أكدت أن الإرهاب لا يرتبط بشكل اللحية، ولا بنوع الشعار، بل بالمنهج الذي يبرر القتل، ويقدّس السلاح، ويصادر إرادة الشعوب باسم السماء.
وأمام هذه الحقيقة، يصبح الوعي الشعبي، وكشف الأقنعة، وفضح هذا التشابه البنيوي بين الحوثي والإخوان، خطوة أساسية في معركة الخلاص. فهزيمة الإرهاب لا تبدأ في الجبهات فقط، بل تبدأ أيضًا في تفكيك خطابه، وتعريته، وحرمانه من شرعية الزيف التي يتغذى عليها.

فيديو