الجنوب وتفكيك المنظومة الإعلامية المعادية

تقارير - منذ 1 يوم

عين الجنوب|| خاص:
في خضم التحولات السياسية والعسكرية التي تعصف بالمنطقة، يواجه الجنوب واحدة من أعقد المعارك غير المرئية: معركة تفكيك المنظومة الإعلامية التي تُدار ضده بمختلف الأدوات والمنصات والتوجهات. هذه المنظومة لم تُبنَ صدفة، بل شُيّدت على مدى سنوات بهدف تشكيل وعي مضاد، والتشويش على الحقيقة، وخلق صورة مقلوبة عن واقع الجنوب ومطالبه وحقوقه السياسية. ومع ذلك، فإنّ قدرة الجنوب على الصمود وتعرية هذه الأدوات تكشف عن وعي شعبي يتجاوز حدود الدعاية.

تتكامل الحملات الإعلامية ضد الجنوب في عدة مستويات، تبدأ من تشويه إرادة شعبه ووصم مشروعه السياسي بمبررات زائفة، ولا تنتهي عند محاولة تفكيك نسيجه الاجتماعي عبر شائعات محسوبة تزرع الشكوك وتثير الفتن. وتستغل هذه المنظومة هشاشة المشهد العام، وتداخل مصالح القوى المتصارعة، لتبني روايات تستهدف تغييب الحقيقة وخلق بيئة من الالتباس السياسي والإعلامي. ومع ذلك، يجد الجنوب نفسه اليوم أكثر قدرة على تفكيك هذه الحملات، بعدما أدرك أن المواجهة لا تُخاض في الميدان العسكري وحده، بل في ساحة الوعي التي تحاول المنظومة المعادية السيطرة عليها.

لقد حقق الإعلام الجنوبي، رغم الإمكانات المحدودة، تقدماً ملحوظاً في كشف أدوات الدعاية المضللة، وفضح ارتباطاتها، وتقديم خطاب مهني أقرب إلى الواقع. هذا الوعي الإعلامي لم يأتِ عبر الصدفة، بل نتيجة تراكم الخبرة وتجارب الحروب التي جعلت الرأي العام الجنوبي أكثر قدرة على التمييز بين الحقيقة والادعاء. وبدأت الصحافة الجنوبية، ومنصات التواصل المحلية، تسحب البساط من تحت الآلة الدعائية المعادية عبر خطاب موجه، وتحقيقات معمقة، ومواد توثق ما يجري دون تزييف.

وفي الوقت ذاته، تُظهر مؤسسات الجنوب الرسمية قدراً من النضوج في التعامل مع الحملات الإعلامية، فلم تعد تكتفي بردود فعل متفرقة، بل تبنت خطاباً منظماً يركز على تقديم المعلومات الحقيقية وتعزيز الشفافية، وهو ما يساعد على سدّ الثغرات التي تتسلل منها الشائعات. ومع اتساع الوعي الشعبي، باتت روايات الخصوم أقل تأثيراً، وفشلت كثير من محاولات صناعة صورة نمطية سلبية عن الجنوب أو عن مشروعه السياسي.

تُثبت هذه المعركة أن الإعلام لم يعد مجرد وسيلة نقل، بل أصبح سلاحاً استراتيجياً لا يقل أهمية عن الأمن والسياسة. وإذا كان الجنوب قد نجح في تحييد جزء كبير من المنظومة المعادية، فإن المرحلة المقبلة تتطلب الانتقال من الدفاع إلى بناء منظومة إعلامية أكثر احترافية، تعتمد على التدريب والتخطيط والإنتاج المؤسسي، وتواجه الروايات الزائفة بالحقيقة الموثقة، وتعيد تقديم الجنوب وقضيته للعالم بلغة حديثة ومؤثرة.

إن تفكيك المنظومة الإعلامية المعادية للجنوب ليس مجرد ردّ فعل، بل هو خطوة حتمية لحماية الوعي الجمعي وترسيخ مشروع الدولة المنشودة. ومع استمرار هذه الجهود، يتأكد أن المعركة الإعلامية، مهما اشتدت، لن تنجح في كسر الإرادة الشعبية، بل ستزيد من صلابة الجنوب وقدرته على الدفاع عن قضيته العادلة في وجه كل محاولات التشويه والتضليل.

فيديو