حضرموت قلب الجنوب النابض تستعد لاحياء فعاليه ذكرى ال30من نوفمبر يوم الجلاء العظيم

تقارير - منذ يومان

عين الجنوب|| خاص :

تعيش حضرموت هذه الأيام حالة فريدة من الحراك الشعبي والسياسي وهي تستعد لإحياء فعالية الثلاثين من نوفمبر، يوم الجلاء العظيم، المناسبة التي ارتبطت في الوجدان الجنوبي بمعنى التحرر وانتزاع الإرادة واستعادة الكرامة. تبدو المحافظة، بكل مدنها وريفها وسواحلها وواديها، وكأنها تعيد ترتيب ملامحها لتكون المسرح الأكبر لهذا الحدث الذي يتجاوز حدود الاحتفال التقليدي ليعبّر عن مرحلة مفصلية يعيشها الجنوب بمختلف محافظاته.

في كل عام، يكتسب يوم الجلاء رمزية راسخة، لكن حضرموت هذا العام تقدّمه بصورة مختلفة. فالمحافظة التي ظلت لسنوات طويلة حاضنة للوعي السياسي ومرتكزًا للاستقرار، تتحول اليوم إلى أكبر منصة لعرض الانتصارات الجنوبية وإعادة صياغة المشهد العام وفق معادلة الإرادة الشعبية. ما يجري على الأرض لا يشبه مجرد تحضيرات لفعالية، بل يعكس حالة يقظة جنوبية تتجسد في مئات المبادرات الشبابية والفعاليات التحضيرية واللقاءات المجتمعية التي تتفق جميعها على هدف واحد: جعل حضرموت قلب الجنوب النابض وصوت المرحلة القادمة.

الاستعدادات المتسارعة تكشف حجم الرغبة الجمعية في تحويل ذكرى الجلاء إلى حدث مختلف، حدث يذكّر الجميع بأن الجنوب لم ينتصر صدفة، ولم يصمد عبثًا، بل بفضل تضحيات رجالٍ حملوا الأرض على أكتافهم حين حاول الآخرون تحويلها إلى ساحة صراع دائم. وفي حضرموت تحديدًا، يتقاطع الماضي مع الحاضر في لوحة واحدة، فهذه الأرض التي عرفت التنوير والتعليم والتجارة والانفتاح قبل كثير من المناطق، تعود اليوم لترسم طريقها بوعي ومسؤولية، ولتقول بأن زمن الوصاية قد انتهى وأن إرادة الناس هي التي يجب أن تحكم.

وتبدو الأجواء داخل المحافظة مشبعة بروح جماعية عالية، حيث تتوالى الدعوات للمشاركة الواسعة، وتستعيد الساحات الكبرى والتحضيرات الرسمية والشعبية حيويتها. وتعمل مختلف الشرائح الاجتماعية على تأكيد أن حضرموت ليست مجرد محافظة جنوبية، بل هي مركز ثقل سياسي واقتصادي وثقافي، وأن حضورها في أي فعل وطني جنوبي ليس تكميلاً للصورة، بل أساسًا لا يمكن تجاوزه. ويعي أبناء المحافظة أنهم أمام لحظة اختبار جديدة، لحظة تتطلب أن يكون صوت حضرموت حاضرًا وقويًا في كل منعطف.

ويشكّل مشهد الاستعداد للاحتفال هذا العام رسالة واضحة، مفادها أن الجنوب يملك اليوم وعيًا مختلفًا، قادرًا على قراءة لحظته التاريخية وتحديد خياراته. وفي قلب هذا الوعي، تقف حضرموت شامخة، لا بوصفها رقمًا جغرافيًا كبيرًا فحسب، بل باعتبارها صمام أمان ورأس مال اجتماعي وسياسي يمدّ الجنوب بطاقة استثنائية. فالفعالية ليست مجرد ذكرى لانتهاء احتلال، بل محطة لإعلان موقف جديد يؤكد أن خيار الناس واضح، وأنهم لا يقبلون بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء أو ترك مستقبلهم في يد أطراف تبحث عن مكاسب على حساب أمن واستقرار الجنوب.

ومع قرب موعد الحدث، تتسع التوقعات لظهور لوحة جنوبية جامعة، تنعكس فيها تطلعات الشعب وترتسم فيها ملامح مرحلة سياسية مختلفة، مرحلة عنوانها أن الجنوبيين قادرون على جمع كلمتهم وتوحيد صفوفهم حين يتعلق الأمر بالثوابت الكبرى. ومهما تعددت محاولات الإرباك أو افتعال التوترات السياسية أو الأمنية، يبقى الرهان الحقيقي على وعي المجتمع الذي أثبت مرارًا أنه قادر على حماية مشروعه الوطني.

حضرموت اليوم لا تستعد فقط لإحياء مناسبة وطنية، بل تستعد لإرسال رسالة إلى كل الاتجاهات بأن مشروع الجنوب حيّ، وأن إرادة ناسه ثابتة، وأن التاريخ لا يُكتب إلا حين تتوفر إرادة أصحاب الأرض. ومع كل لحظة تقترب من موعد الفعالية، يتضح أن حضرموت تمضي بثبات نحو أداء دورها الطبيعي كأكبر حاضنة لانتصارات الجنوب، وكمنارة تستعيد عبرها الذاكرة الجمعية قوتها وتجددها، وتؤكد من جديد أن الجنوب يكتب فصول مرحلته القادمة بيد أبنائه وحدهم.

فيديو