دولة الجنوب… السدُّ الأخير في وجه التمدد الإيراني ومفتاح استقرار الخليج

الجنوب - منذ 53 دقيقة

عين الجنوب|| خاص:
في خضم التحولات المتسارعة التي تشهدها المنطقة، ومع اشتداد اشتباك المشاريع الدولية والإقليمية على جغرافيا اليمن، يبرز الجنوب اليوم بوصفه نقطة الارتكاز الحقيقية لأي مشروع يستهدف حماية الأمن القومي الخليجي. لقد أثبتت السنوات الماضية أن كل محاولات تطويق النفوذ الإيراني أو إضعاف حضوره في البحر العربي وخليج عدن ظلت ناقصة وغير مكتملة ما دامت الجبهة الجنوبية مشرعة ومكبلة وممنوعة من استعادة دورها الطبيعي عبر دولة مستقلة قوية.

إن الرسالة التي ينبغي أن تصل بوضوح للأشقاء في الخليج هي أن التمدد الإيراني لن يُكسر عبر سياسة الترقيع أو إدارة الأزمات أو التعويل على قوى رخوة أثبت التاريخ هشاشتها. فإيران، بمشروعها العابر للحدود، لا تُواجه إلا بكيانات صلبة تمتلك إرادة سياسية مستقلة وقوة عسكرية متماسكة وقدرة على السيطرة على الأرض والمنافذ والممرات البحرية. وهذه المواصفات لا تتوافر اليوم إلا في الجنوب الذي نجح ـ رغم كل المحاولات لعرقلة نهوضه ـ في بناء قوة مسلحة موحدة، وفي تشكيل حاضنة شعبية متماسكة، وفي خوض معركة وجودية ضد الإرهاب والميليشيات بمختلف أشكالها.

الجنوب ليس مجرد ساحة صراع، بل ممر استراتيجي عالمي يشرف على باب المندب وخطوط الملاحة الدولية التي يمر عبرها ما يقارب ثلث تجارة العالم. ومن دون استقرار هذه المنطقة الحيوية، فإن الخليج سيبقى في حالة استنزاف مستمر، وستظل الممرات البحرية تحت تهديد الميليشيات المدعومة من إيران، سواء مباشرة أو عبر واجهات مختلفة. أما قيام دولة جنوبية مستقلة وقوية، فسيعني إعادة هندسة ميزان القوى في البحر العربي، وغلق أهم منفذ كانت إيران تراهن عليه للتوسع نحو شواطئ الخليج.

لقد أثبتت التجربة أن الجنوب، حين يكون ممكّنًا على أرضه، يصبح درعًا للأمن القومي العربي، وحين يُضعف، تتحول المنطقة كلها إلى ساحة مفتوحة للفوضى والتهديدات. ولذلك فإن دعم الجنوب ليس مجرد موقف سياسي، بل استثمار استراتيجي طويل المدى يضمن للخليج عمقًا جغرافيًا مستقرًا وشريكًا قادرًا على حماية حدوده البحرية والبرية من أي تهديدات قادمة من الشرق أو الشمال.

إن قيام دولة جنوبية قوية سيعيد رسم الخارطة الأمنية للمنطقة، وسيمنح الخليج حائط صدٍّ حقيقيًا أمام التمدد الإيراني، وسيضع حدًا لحالة الاستنزاف التي سببتها قوى تعمل خارج فكرة الدولة. فالدولة الجنوبية ليست مشروعًا انفصاليًا كما يحاول البعض تصويره، بل مشروع استقرار تتقاطع عنده مصالح الأمن العربي، ويُبنى عليه مستقبل أكثر توازنًا وأقل ارتهانًا للاضطرابات التي غذّتها الصراعات العقيمة في السنوات الماضية.

لقد آن الأوان أن يقرأ الخليج المشهد كما هو:
دولة جنوبية مستقلة وقوية ليست خيارًا… بل ضرورة لحماية المنطقة من أخطر مشروع توسعي تشهده منذ عقود.

فيديو