قضية شعب الجنوب… عندما يصل المسار إلى نقطة اللاعودة

السياسة - منذ ساعتان

عين الجنوب ||خاص     

لم تعد قضية الجنوب مجرّد ملف سياسي قابل للأخذ والرد، ولا ورقة تفاوض مؤقتة تُستخدم عند الحاجة ثم تُطوى عند أول تسوية. لقد تجاوزت هذه القضية كل مراحل الالتفاف والتأجيل، وبلغت اليوم نقطة اللاعودة، حيث استعاد الجنوبيون قرارهم الوطني، وفرضوا واقعًا جديدًا لم يعد ممكنًا القفز عليه أو تجاهله.

على مدى سنوات طويلة، خاض أبناء الجنوب نضالًا مريرًا لإثبات حقهم في تقرير مصيرهم، وواجهوا محاولات مستمرة لإبقائهم في دائرة الوصاية والتهميش. لكن التحولات الكبرى التي شهدها الجنوب، سياسيًا وأمنيًا وشعبيًا، نقلت القضية من مربع “المطلب” إلى فضاء القرار السيادي، الذي يستند إلى إرادة شعبية واضحة وتفويض لا لبس فيه.

برز المجلس الانتقالي الجنوبي بوصفه الحامل السياسي لهذا التفويض، معبرًا عن تطلعات الشارع الجنوبي، ومترجمًا تلك الإرادة إلى خطوات عملية على الأرض. ولم يكن هذا الحضور وليد فراغ، بل نتيجة تراكمات نضالية، وفشل ذريع لكل المشاريع التي حاولت الالتفاف على جوهر القضية الجنوبية أو إعادة إنتاج واقع ما قبل استعادة القرار.

إن الحديث عن العودة إلى الوراء، أو التراجع عن المسار الحالي، لم يعد طرحًا واقعيًا، بل يمثل مغامرة خطيرة تهدد الاستقرار السياسي والأمني في الجنوب. فالتراجع لا يعني تهدئة الأوضاع كما يروّج البعض، بل يفتح الباب أمام فراغ قاتل، تستغله قوى الفوضى والإرهاب، ويقوض حالة التماسك الشعبي التي تشكّلت حول مشروع وطني واضح المعالم.

لقد أثبتت التجربة أن الجنوب، حين يمتلك قراره، يكون عنصر استقرار في محيطه، وحين يُصادر هذا القرار تعود دوامة الصراعات والانقسامات. من هنا، فإن استعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة لم تعد خيارًا عاطفيًا أو شعارًا سياسيًا، بل ضرورة وطنية وأمنية، تفرضها حقائق الواقع قبل شعارات الخطاب.

وفي هذا السياق، تأتي قيادة الرئيس عيدروس الزبيدي كعنوان لمرحلة تاريخية حساسة، تتطلب الثبات لا التراجع، والبناء على ما تحقق لا التفريط به. فالمسار الذي سلكه الجنوب لم يكن سهلًا، لكنه كان واضحًا، ومن الصعب – بل من المستحيل – إعادته إلى نقطة الصفر.

خلاصة القول، إن قضية الجنوب اليوم ليست في طور التشكل، بل في مرحلة ترسيخ النتائج. ومن يراهن على إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، إنما يقرأ المشهد بعين الماضي، بينما الجنوب يمضي بثقة نحو مستقبل يكتبه أبناؤه بإرادتهم الحرة، ودون وصاية أو إملاء.

فيديو