لا لعودة نهب الثروة الجنوبية خارج حدود الجنوب

تقارير - منذ 3 ساعات

عين الجنوب ||خاص     

لم يعد مقبولًا، لا وطنيًا ولا أخلاقيًا، أن تعود ثروات الجنوب لتُنهب من جديد وتُدار خارج حدوده، بعد أكثر من ثلاثين عامًا من الاستنزاف المنهجي الذي حوّل الأرض الغنية إلى ساحة فقر، وحوّل الإنسان الجنوبي إلى شاهد على نهبٍ منظمٍ لحقوقه. ثلاثون عامًا كانت كافية لإثبات فشل كل الصيغ التي صادرت القرار الجنوبي، وكشفت أن إخراج الثروة من موطنها لا ينتج إلا مزيدًا من الأزمات.

لقد ظلت موارد الجنوب — النفط والغاز والموانئ والثروة السمكية — تُدار بعقلية الغنيمة، بينما بقيت المدن الجنوبية تعاني انهيار الخدمات وتراجع التنمية. لم تكن المشكلة يومًا في شُح الموارد، بل في مصادرتها وتوجيه عوائدها بعيدًا عن أهلها. واليوم، يعلن الجنوب بوضوح أن تلك المرحلة انتهت، وأن العودة إليها خطٌ أحمر.

إن الجنوب لم يعد لقمةً سائغة بيد قوى دمّرته ونهبت ثرواته ونكّلت بشعبه. فالوعي الشعبي بلغ ذروته، والقرار الوطني بات في يد أصحابه. لقد اتخذ الشعب الجنوبي قراره: أمسك بموارده، وحرّر أرضه، ولم يعد يقبل أي وصاية أو هيمنة أو انتقاص من حقه في إدارة شؤونه وتصريف موارده وبناء مستقبله وفق إرادته الحرة.

وفي محافظات الثروة، وفي مقدمتها حضرموت، تتجسد هذه الحقيقة بوضوح. فالمطلب لم يعد فئويًا أو ظرفيًا، بل مبدأ سيادي: الثروة تُدار من أهلها ولصالحهم، وبشفافية تضمن التنمية العادلة والاستقرار المستدام. إن حماية الموارد ليست ترفًا سياسيًا، بل شرطًا لبناء الدولة، وتأمين الخدمات، وحفظ الكرامة.

لقد كانت استعادة القرار السياسي خطوة مفصلية، لكن استعادة القرار الاقتصادي هي المعركة التي لا تقل أهمية. فالدول تُقاس بقدرتها على إدارة مواردها، وتوجيه عوائدها لبناء المؤسسات، وتحقيق العدالة الاجتماعية، لا بتدوير الأزمات أو إعادة إنتاج منظومات النهب القديمة.

وفي هذا الإطار، يبرز دور المجلس الانتقالي الجنوبي بوصفه حاملًا لإرادة شعبية واسعة، يعمل على تثبيت مبدأ السيادة على الثروة، ورفض أي ترتيبات تنتقص من حق الجنوب في إدارة موارده داخل حدوده، وبما يخدم إنسانه ويصون مستقبله.

إن الجنوب اليوم واضح في موقفه وحاسم في خياراته: سيدافع عن حقوقه بكل ما أوتي من قوة، لأن الحق لا يُجزّأ ولا يُنتقص. وأي محاولة للالتفاف على هذه الحقيقة إنما تعني العودة إلى دائرة الفشل والصراع، وهي دائرة يرفضها الجنوبيون وقد تجاوزوها بإرادتهم.

ختامًا، الرسالة الجنوبية لا لبس فيها: لا لعودة نهب الثروة الجنوبية خارج حدود الجنوب. نعم لسيادة القرار، نعم لإدارة وطنية عادلة للموارد، نعم لدولة جنوبية تحمي أرضها وثرواتها، وتضع مصلحة شعبها فوق كل اعتبار.

فيديو