هل ما زال التحالف متغابيًا أمام التخادم الحوثي–الإخواني ضد الجنوب والخليج؟

تقارير - منذ 12 ساعة

عين الجنوب ||خاص     

يتردد هذا السؤال اليوم في الأوساط السياسية والإعلامية بوصفه تعبيرًا عن قلق متصاعد، لا عن جدل نظري. فالمشهد اليمني لم يعد يحتمل القراءات السطحية أو المواقف الرمادية، خصوصًا في ظل ما يظهر للعلن من تقاطع واضح في المصالح والأدوار بين جماعة الحوثي والتنظيم الإخواني، على نحو يجعل الجنوب وأمن الخليج في مرمى استهداف مباشر، وإن اختلفت الأدوات وتبدلت الشعارات.

لم يعد التخادم مجرد اتهام متبادل أو قراءة سياسية متحاملة، بل بات سلوكًا عمليًا يمكن رصده في مسار الأحداث. جبهات مواجهة تُدار ببرود لافت، أولويات قتال تتبدل على نحو يثير التساؤل، وخطاب سياسي وإعلامي يتقاطع في الجوهر حين يتعلق الأمر بالجنوب. الخصومة المعلنة بين الحوثي والإخوان لا تنفي حقيقة أن كليهما يجد في إضعاف الجنوب هدفًا مشتركًا، وأن كلفة الصدام الحقيقي بينهما تبدو مؤجلة لصالح ترتيب يضمن لكل طرف تثبيت نفوذه في نطاقه.

في هذا السياق، يبدو موقف التحالف موضع تساؤل مشروع. فالتغاضي، سواء كان ناتجًا عن حسابات معقدة أو رهانات مؤجلة، يطرح إشكالية خطيرة تتجاوز الداخل اليمني إلى الأمن الإقليمي. إدارة الأزمة بدل حسمها قد تبدو خيارًا أقل كلفة على المدى القصير، لكنها عمليًا تفتح المجال أمام قوى الفوضى لتعميق حضورها، وتحويل الصراع إلى حالة استنزاف مفتوحة بلا أفق.

الجنوب، بما يحمله من ثقل جغرافي وسياسي، أصبح نقطة ارتكاز في هذا الصراع. استهدافه لا يأتي من فراغ، بل من إدراك خصومه أن أي استقرار جنوبي أو مسار سياسي واضح يعيد ترتيب الأولويات، ويغلق أبواب المناورة التي تغذت عليها هذه القوى لسنوات. لذلك، تتكامل أدوات الضغط عليه، من حرب خدمات واقتصاد، إلى تشويه سياسي وإعلامي، وصولًا إلى محاولات إرباك أمني محسوب، في مشهد يعكس وحدة الهدف وإن تعددت الواجهات.

أما على مستوى الخليج، فإن تجاهل هذا التخادم يحمل مخاطر لا تقل جسامة. فتمدد الحوثي، مقرونًا بقدرة الإخوان على التحرك السياسي والإعلامي، يشكل معادلة تهديد مزدوجة، تسمح بابتزاز مستمر وإعادة إنتاج أزمات عند كل منعطف إقليمي. الصمت أو التأجيل هنا لا يعني تحييد الخطر، بل يمنحه وقتًا ومساحة لإعادة التموضع والتكيف.

إن السؤال الحقيقي لم يعد ما إذا كان التحالف يرى هذا التخادم أم لا، فالمعطيات باتت مكشوفة، بل لماذا لا يُترجم هذا الإدراك إلى موقف أكثر وضوحًا وحزمًا. فالتاريخ القريب في المنطقة أثبت أن التغاضي عن تحالفات الأمر الواقع لا يؤدي إلى احتوائها، بل إلى تضخمها وتحولها إلى تهديد أوسع وأعقد.

في المحصلة، يفرض الواقع اليوم مراجعة جادة، لا مجاملة فيها ولا حسابات مؤجلة. فاستمرار التعاطي مع التخادم الحوثي–الإخواني بوصفه تفصيلًا قابلًا للاحتواء، يعني عمليًا قبول كلفته السياسية والأمنية، على الجنوب أولًا، وعلى الخليج لاحقًا. وبين إدارة الأزمة ومعالجتها، تقف المنطقة أمام مفترق طرق لا يحتمل مزيدًا من التغابي.

فيديو