اعتداءات ومضايقات وفرض غرامات.. الحوثيون يخنقون نساء اليمن من بوابة المَحْرَم

تقارير - منذ 1 سنة

 صنعاء، عين الجنوب تفاجأ المواطنون في الشارع العام القريب من المدينة السياحية في منطقة سعوان بأمانة العاصمة في صنعاء، الخاضعة لسيطرة مليشيا ذراع إيران في اليمن، بترجل أربع نسوة من سيارة نوع جيب والتوجه صوب سيارة تقودها إحدى النساء والشروع بضربها ووالدتها وأطفالها، في صدمة كبيرة أصابت من كان حاضراً. هذا ما حدث للناشطة الحقوقية أرواد عبدالكريم قاسم الخطيب، على يد عدد من النساء ممن يطلق عليهن "الزينبيات"، وهي مليشيات نسائية مسلحة تابعة للحوثيين، تم استحداثها من أجل ممارسة الانتهاكات ضد النساء في صنعاء ومناطق سيطرتهم. بحسب ما أوردته الناشطة، في بلاغها المنشور على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: أنها كانت تقود سيارتها مع والدتها وأطفالها في أحد شوارع صنعاء، قبل يتم اعتراض سيارتها من قبل عصابة نسائية كانت على متن سيارة جيب سوداء". وأكدت أن أربع نساء انهالت عليها وعلى والدتها بالضرب والاعتداء الجسدي والشتائم بصورة همجية، قبل أن يلذن بالفرار"، موضحة أنها توجهت مباشرة إلى قسم شرطة الوحدة في سعوان ولم تلقَ أي تجاوب من إدارة القسم التي قامت بصرفها دون تسجيل القضية. وقالت المصادر، إن مليشيا الحوثي قامت مؤخراً بتشكيل فرق نسائية من كتيبة "الزينبيات"، وتكليفهن بمهمة إرهاب النساء المتجولات في صنعاء وداخل المرافق الحكومية أو المسافرات تحت شماعة عدم وجود محرم، مشيرة إلى أن هذه المليشيات تتجول في سيارات تابعة للأمن الوقائي الحوثي المرتبط مباشرة بزعيم المليشيا عبدالملك الحوثي. نقاط تفتيش لملاحقة النساء ما حدث للناشطة أرواد الخطيب ليس مغايراً أو بعيداً عما يحدث للكثير من النساء في صنعاء اللاتي يحاولن التنقل بين المحافظات أو السفر للخارج أو حتى داخل المرافق الحكومية. حملة تضييق وتقييد شديدة تفرضها الميليشيات الحوثية على النساء تحت شماعة "فرض المحرم" وإفشال "الحرب الناعمة" التي يتعرضون لها من قبل "إسرائيل وأميركا ودول العدوان" وغيرها من المبررات. إحدى النساء وتدعى "س. ع. الجفري"، كانت في طريقها مع والدتها للخروج من صنعاء، تفاجأت الجفري بنقطة تفتيش في منطقة "عَصِر"، بالقرب من معسكر الصباحة، تقوم بإنزالهما مع عدد من النساء من الحافلة ومنعنهن من السفر إلاّ بمحرم. تقول "الجفري": عند وصولنا للنقطة تم تفتيش النساء والعوائل ومضايقتهن تحت مبرر التأكد من وجود محرم، في حين تم إنزال عدد من النساء في النقطة وإجبارهن على العودة من النقطة بعد تفتيشهن بطريقة مهينة من قبل العناصر الحوثية، رغم إبراز البعض تأكيدات أنهن لسن من صنعاء وأن أسرهن في محافظات أخرى، ووصل بعضهن لصنعاء بدافع العلاج.  نقطة عصر هي واحدة من سلسلة النقاط التفتيشية في مداخل ومخارج صنعاء، تم استحداثها مؤخراً بقرار حوثي غير معلن بهدف فرض ما تسميه "المحرم" على مختلف شؤون المرأة، سواءً في تنقلاتها اليومية، أو سفرها بين المحافظات، أو في اتجاه الخارج. ولم تكتف بالتنقل والسفر بل وصل التقييد والإرهاب لمنع العمل في مهن عدة إلا بمحرم، إلى جانب تحديد الملابس والفصل داخل الجامعات والمدارس والتواجد في الأسواق. وقالت مصادر إن الميليشيات الحوثية عمدت مؤخراً إلى استحداث نقاط تفتيش داخلية في الجراف وعصر، بالقرب من  معسكر الصباحة، غربي صنعاء، ونقيل يسلح، لتفتيش النساء ومنعنهن من السفر إلا بمحرم، سواءً عبر مطار صنعاء أو عبر المنافذ البرية والانتقال من محافظة إلى أخرى. نساء صنعاء يعلن الرفض ما تتعرض له النساء من تضييق وانتهاكات في مناطق سيطرة الحوثي، دفع بعدد من القيادات النسوية البارزة في صنعاء إلى رفع الصوت وإرسال رسالة إلى رئيس حكومة الانقلاب الحوثية التي يقودها عبدالعزيز بن حبتور في محاولة منهن لإيصال ما تتعرض له المرأة من مضايقات والإجراءات حوثية تعسفية. الرسالة قدمت الصورة الحقيقية التي تحاول الميليشيات الحوثية إخفاءها عما تتعرض له المرأة من انتهاكات وتضييق خصوصاً بعد قرارات فرض المحرم، وتقييد السفر والتنقل ومنع العمل الميداني وغيرها من القيود التي فرضها الحوثيون تحت مبرر التصدي للحرب الناعمة. وركزت رسالة القيادات النسائية، وهن موظفات في قطاعات حكومية وأهلية في صنعاء، على رفض التعميمات الحوثية بشأن تقييد وإعاقة حركة النساء بحجة طلب المحرم أو إجراءات إدارية، وكذا عملية فصل الموظفات والموظفين في بعض المؤسسات والوزارات بحجة منع الاختلاط والحرب الناعمة، وهو ما أعطى فرصة للكثير لإقصاء المرأة وتنحيتها عن العمل، مع أن المصلحة العامة للعمل تستدعي وجود الجميع في المكاتب والاجتماعات واللجان، والمرأة هي الأكثر مراعاة للآداب والأعراف الاجتماعية. وأوضحت الرسالة، أن هناك توجهاً حوثياً لإلغاء قطاعات المرأة في بعض الوزارات بحجة تقليص الهيكلة والتضخم الوظيفي، وهو ما سيعيد، بحسب رسالة القيادات النسائية، البلد سنوات للخلف، في وقت نحتاج فيه استغلال جميع الطاقات للتنمية والبناء والنهوض بالمسؤولية العامة. وأشارت الرسالة إلى استغلال الميليشيات الحوثية منابر المساجد وخطب الجمعة للتركيز على التحريض على اليمنيات وتخويف الأهالي وتحذيرهم من دراستهن في الجامعة أو التحاقهن بالعمل. إعاقة العمل الإنساني  بدورها أكدت وكالة التنمية الأمريكية، أن النساء والفتيات في اليمن يواجهن تحديات إضافية بسبب القيود الكبيرة على حركتهن، مع فرض الانقلابيين الحوثيين شرط المحرم (إلزام النساء بالسفر مع قريب من الذكور) في المناطق التي يسيطرون عليها، مما أدى إلى تفاقم عدم المساواة الموجودة مسبقاً في وصولهن إلى الخدمات وسبل العيش. وفي تقرير للوكالة عن الوضع الإنساني في اليمن، ذكرت أن خطة الاستجابة الإنسانية لهذا العام تستهدف الوصول إلى 17.3 مليون شخص للمساعدة الإنسانية؛ لتوفير المساعدة المنقذة لحياة هؤلاء الذين يشكلون ما يقرب من 80 في المائة من 21.6 مليون شخص حددتهم الأمم المتحدة على أنهم بحاجة إلى مساعدات إنسانية، مع السكان المعرضين للخطر الذين يواجهون احتياجات غذائية وصحية كبيرة. ووفق ما أوردته الوكالة، فإن قيود الوصول شكلت خلال العام الماضي أهم عائق أمام تقديم المساعدة الإنسانية بشكل فعال في جميع أنحاء البلاد؛ حيث أبلغت الجهات الفاعلة في مجال الإغاثة عن أكثر من 3500 حادث متعلق بالوصول الإنساني، بما في ذلك العوائق البيروقراطية والقيود المفروضة على الحركة والحوادث الأمنية، والتي أعاقت إيصال المساعدات المنقذة للحياة إلى ما يقرب من 10.1 مليون شخص محتاج في جميع أنحاء اليمن خلال عام 2022. رسالة وإدانة أممية  تأكيدات حقوقية أوضحت أن خبراء تابعين للأمم المتحدة خاطبوا، مؤخراً، قيادات المليشيات الحوثية، في رسالة أخيرة، بضرورة إنهاء القيود على النساء والفتيات في اليمن، مشيرة إلى أن الميليشيا زادت من قيودها على حريات النساء منذ سيطرتها على صنعاء في 2014. وجاءت هذه الرسالة بعد إعاقة حركة وتنقلات عدد من العاملات والموظفات في منظمات أممية داخل صنعاء ومحافظات أخرى، وتقييد عمليات نزولهن، وهو ما أثر على سير الكثير من المشاريع الإنسانية والإغاثية المنفذة في اليمن. الرسالة بعثها الفريق المعني بالتمييز ضد النساء والفتيات، في الأمم المتحدة، وهم "دوروثي إسترادا تانك، رئيس - مقرر الفريق العامل المعني بالتمييز ضد النساء والفتيات، والسيد أليكسندرا إكسانثانكي- المقرر الخاص في مجال الحقوق الثقافية، والسيدة فريدة شهيد- المقرر الخاص المعني بالحق في التعليم، وتلالينج موفوكينج- المقرر الخاص المعني بحق كل فرد في التمتع بأعلى مستوى يمكن بلوغه من الصحة البدنية والنفسية، والسيدة نزيلة غاني - المقرر الخاص المعني بحرية الدين أو الاعتقاد، وريم أساليم - المقرر الخاص المعني بالعنف ضد النساء والفتيات، وأسبابه ونتائجه". الرسالة وجهت إلى وزارة الخارجية في حكومة الانقلاب وتحديداً للقيادي الحوثي هشام شرف، عددت الكثير من الانتهاكات التي جرى رصدها ضد النساء في مناطق سيطرة الميليشيات خلال الفترة الماضية. وأوضح الخطاب الأممي المطول أن الفريق الأممي تلقى معلومات بشأن الأضرار الجسيمة التي لحقت بالمدنيين بسبب حركة الحوثي، لا سيما فيما يتعلق بالانتهاكات الممنهجة لحقوق النساء والفتيات في سياق النزاع المسلح، بما في ذلك تقييد سفر المرأة دون ولي أمر (مـحرم)، ومنع الوصول إلى الرعاية الصحية الإنجابية، والمنع من العمل، والفصل بين الجنسين في الأماكن العامة، وتعزيز المواقف التمييزية المعادية للمرأة. وأكدت الرسالة أن الحوثيين قيدوا بشكل خطير حقوق النساء والفتيات في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، والتي تضم ما يقرب من 70%من سكان اليمن. حيث دأب الحوثيون على تفتيش واستجواب النساء المسافرات بمفردهن، على الرغم من أن القانون اليمني لا يشترط أن تسافر المرأة مع أحد أفراد الأسرة أو الوصي (مـحرم). وأن النساء تعرضن للتهديد بلغة مسيئة والسجن في جهاز الأمن والمخابرات إذا غادرن صنعاء دون مـحرم. بل وصل الأمر إلى فرض عقوبات كما في سبتمبر 2021، بمنطقة غضران في مديرية بني حشيش بصنعاء، حيث تم منع المرأة في المديرية من استخدام وسائل النقل دون مـحرم، وتحريم امتلاك النساء في المنطقة للهواتف المحمولة، وفرض غرامة "200,000" ﷼ وبقرة يدفعها ولي أمرها في حال المخالفة، وحظر استخدام مستحضرات التجميل من قبل النساء، والعمل في منظمات الإغاثة، كما أن مخالفة التعميم يؤدي إلى التبرؤ والوصول لحد التصفية والقتل.

[عين الجنوب]

فيديو