يواجهون خطر الموت بسلاح العطش والتجاهل.. "دار ناجي" قرية منسية في الخوخة

تقارير - منذ 1 سنة

عين الجنوب ، المخا ، تقارير "دار ناجي" أو ما تعرف باسم "دار دوبلة"، هي قرية صغيرة تقع شرق مديرية الخوخة جنوبي الحديدة. قرية منسية يكسوها الحرمان وتفتقر لأبسط المشاريع والخدمات، خصوصا في جانب المياه الصالحة للشرب التي تنعدم بشكل نهائي، وتعاني الأسر مشقة كبيرة في توفيرها بشكل يومي. رحلة شاقة يقطعها أهالي القرية بشكل يومي ولعدة كيلومترات من أجل نقل لترات بسيطة من المياه إلى منازلهم، رحلة بحث ومعاناة بشكل يومي يرافقها انعدام في الخدمات الأساسية الأخرى التي حرم منها الأهالي لعقود. القرية النائية يبلغ عدد سكانها نحو 150 أسرة، وتقع على مقربة من الخط الرئيسي الرابط بين مديريتي الخوخة وحيس، وتبعد عن مركزها الإداري بحوالي 27 كيلو مترا، يقصد من بجوارها المسؤولون بما فيهم المنظمات الدولية الإنسانية، دون الالتفات لحالها ومعاناة أهاليها البسطاء. المواطن صدام ناجي دوبلة، أحد شباب أهالي القرية، بألم وقهر يسرد معاناته ومعاناة السكان في تلك القرية النائية المنسية قائلاً لـ"نيوزيمن": "لا توصل لنا أي خدمات إنسانية، ومحرومون من أبسط المشاريع والخدمات، أبرزها المياه، وكذا الصحة والتعليم والمساعدات الإغاثية". وأضاف: "القرية لا تبعد عن الخط الرئيس حوالي 50 مترا، حيث تمر وفود وقوافل المنظمات الأممية والإنسانية العاملة في الحديدة من جوار القرية وتستهدف قرى أخرى مجاورة وتنفذ فيها مشاريع خدمية وإغاثية وإنسانية وتغيث الأهالي هناك، وقريتنا محرومة من أبسط الخدمات، حتى أن محافظ الحديدة وقيادة السلطة المحلية يمرون بجانبنا ولم يكلفوا أنفسهم عناء زيارتنا وتلمس همومنا". بوجه يملأه الأسى والإحباط، اختتم المواطن دوبلة حديثه: "قريتنا أصبحت ضائعة لا ينظر إليها أحد، نتوجه إلى مركز مديرية حيس ونقدم كشوفات باحتياجاتنا ويتم الرد علينا أننا نتبع إدارياً مديرية الخوخة، وحين نتوجه للسلطات في الخوخة يتم إهمالنا وتجاهلنا وأصبحنا منسيين ومهملين". ويعيش المواطنون في القرية معاناة لا حدود لها أثناء رحلتهم الشاقة للبحث عن المياه إلى حيس، إذ يتجمع كل صباح العشرات من المواطنين -في مشهد يجسد حجم المعاناة- أثناء زحفهم مع الدواب التي تقل أوعيتهم البلاستيكية من أجل قطرات مياه قليلة صالحة للشرب تبقيهم على قيد الحياة.  الحاج إبراهيم حسن عدني، أحد الأهالي الذين يتكبدون هذه المعاناة باستمرار يروي لـ"نيوزيمن": "لا توجد عندنا أي مشاريع، إحنا محرومون من كل شيء، أذهب إلى حيس يومياً 7 كيلو لجلب المياه القليلة التي تقينا الموت عطشاً.. العربة التي يجرها الحمار تهالكت وتكسرت من كثرة رحلات البحث عن المياه". كبر السن لم يشفع ويعيق الحاجة زعفران التي لم تعد تقوى على المشي بقدميها، للوصول إلى أقرب بئر مياه لجلب ما تستطيع حمله عبر إناءً يفوق وزنها. وأثناء حديثنا لها ردت بلهجة تهامية أصيلة: "إحنا أغبابو (عطشانين) بنموت، شهر رمضان على الأبواب ونحن بلا ماء". وبتجاعيد وجهها ولسانها البريء رفعت أكف يديها إلى السماء مستحلفة المسؤولين ألا يتجاهلوها وأن يفعلوا خيرا ويوفروا لها ماء فقط، فهي لا تريد أي شيء غير ذلك لتروي ظمأ أسرتها الذين قتلهم العطش. داخل قرية دار ناجي الواقعة شرقي الخوخة، قصص مؤلمة، ومعاناة لا نهاية لها، خلال السنوات الماضية، فمنازل المواطنين كانت تحت مرمى نيران ميليشيا الحوثي الإرهابية التي كانت تقصفهم بشكل عشوائي، ودفع أبناؤها الثمن باهظاً من حياتهم.  واليوم وبعد تحرير القرية قبل أكثر من 5 سنوات، أصبح الأهالي يواجهون خطر الموت ولكن بسلاح العطش والتجاهل. فهم يعيشون تحت سطوة الفاقة والعوز والحرمان المتعمد.

[عين الجنوب]

فيديو