صراع السلطة والمال.. خطر وجودي يهدد نفوذ الحوثي

السياسة - منذ 1 سنة

 المخا، عين الجنوب، مبالغ كبيرة وأرقام ضخمة ابتلعتها جماعة الحوثي خلال فترة الحرب، فمن فرضها لجبايات غير قانونية على المواطنين، إلى سرقة إيرادات الدولة وفرض إتاوات باسم المجهود الحربي، وكلها أموال تذهب إلى بطون مشرفي الجماعة والنافذين فيها.  الأموال التي نهبتها ذراع إيران، وذهبت لصالح شخصيات وقيادات في الصف الأول للجماعة الانقلابية، هي ما يعتقد مراقبون أنها كفيلة بتفكيك تماسك المليشيا، إذ تحولت الجماعة بفعل هذه الأموال إلى قنبلة موقوتة تكاد تكشف هشاشة المليشيا.  وفي حين يرى ناشطون أن تماسك الحوثيين في المرحلة الراهنة، تماسك شكلي فرضته عليهم الحرب، يعتقدون أن هناك عوامل أخرى عقدية إضافة للأموال والثروات، ستكشف زيف هذا التماسك مع تصاعد وتيرة صراع الأجنحة التي ستصل إلى حرب داخلية قد تندلع بين قيادات المليشيا طمعًا في السلطة والنفوذ.  أموال السحت  تتشكل البنية الداخلية لجماعة الحوثي من الطبيعة القبلية للمجتمع اليمني، فيما تستحوذ مجموعة من الفوضويين والشخصيات المعروفة بنماذج الملشنة على المراكز القيادية في معسكراتها الممولة من إيران، وهو ما يظهر جليًا في تصوراتها المنافية لمفاهيم الدولة المدنية.  هذا التباين في البناء الهرمي للجماعة، جعلها أشبه بتنظيم يهدف لتعزيز النفوذ الشخصي ومراكمة الثروات المادية، غير أنه في الوقت ذاته يكشف حقيقة التماسك الذي تحاول المليشيات تصديره للرأي العام، إذ تبدو في الواقع أشبه ما يكون بماء من تحت تبن.  وخلال فترة الحرب، تمكن الحوثيون من مراكمة أموال وثروات ضخمة، وذلك عبر استغلالهم للسلطة القمعية المفروضة على اليمنيين بقوة السلاح، غير أن هذه الثروات ستمثل عاملًا لانتفاضات شعبية تتهدد وجود الجماعة، بالإضافة لنشوب صراعات داخلية بسبب هذه الأموال. بحسب مراقبين.  وفي هذا السياق، يقول الصحفي يعقوب السامعي، "الحوثيون يجنون أموالاً طائلة سنوياً، أكثر مما كانت تجنيه الدولة اليمنية في أخصب عهود الإيرادات وفي عز المركزية الإدارية".  وأضاف السامعي، في حديثه لـ"نيوزيمن": "الأرقام المهولة لمدخولات الحوثيين تنبئ بأن الجماعة ماضية في استنزاف القطاعين العام والخاص وصولاً إلى المواطن البسيط عبر الزكاة والمجهود الحربي، وهو ما يعزز احتمالات اندلاع انتفاضة شاملة في المستقبل".  واستدرك: "لكن في الوقت ذاته، من المرجح أن تعزز هذه الأموال من صراع الأجنحة داخل الجماعة، وقد ظهرت بوادر هذا الصراع خلال الفترة الماضية، وإن ظل حتى الآن تحت السيطرة".  وقال: "هذا الكم من الأموال سيخلف تنافساً يشرخ الجماعة على نحو قاتل، خصوصاً إذا انحسرت الحرب الحالية، وتركز اهتمام الحوثيين على تحصيل الجبايات".  عقيدة مجوفة  تتشكل مخاوف جماعة الحوثي من صلب عقيدتها، إذ لا تؤمن بأي من مفردات الشراكة السياسية، في حين يبرر منهاجها الداخلي لمن يدعون انتماءهم لآل البيت الحق في الانقلاب على السلطة، حتى وإن كانت السلطة هي الأخرى هاشمية إمامية.  ويرى ناشطون، أن المفردات العقدية نفسها التي بررت للحوثيين حربهم ضد اليمنيين، هي عينها من تمثل خطرًا وجوديًا ضد سلطتها في حال انتهت الحرب، إذ تبرر لغيرهم تنفيذ المخطط ذاته ضد نفوذ الجماعة بحثًا عن السلطة والنفوذ.  وفي هذا السياق، يقول الناشط داوود الأهدل: "لطالما تآكلت الإمامة في اليمن من الداخل، والحوثيون هم جزء من هذا المشروع السلالي، وعلى الرغم من أن إيران قد وفرت لهم نظامًا بوليسًا لقمع أي محاولة تمرد، الا أنها ما تزال مدجنة ومفخخة من الداخل".  وأضاف الأهدل في إطار حديثه لـ"نيوزيمن": "المذهب العقدي للجماعة يجعلها تخشى على نفسها أكثر، لا سيما وأنها قد تتعرض للانقلابات في أي وقت، وذلك ما يبرره مذهبهم عبر التاريخ".  وأشار إلى أن "المذهب العقدي للسلاليين في اليمن أدخلهم في صراعات بينية طويلة الأمد، إذ تؤكد مفرداتهم على حق الولاية لكل هاشمي خرج على الناس شاهرًا سيفه، وهو ما كبد الأنظمة الإمامية في اليمن خسارات كبيرة وأدخلها في حروب لفترات طويلة".  وذكر أن "الصراعات البينية بين الأسر التي تدعي انتسابها لآل البيت وتطالب بحق الولاية، وصلت إلى الحد الذي تقسمت فيه صنعاء في مرحلة من المراحل إلى سبع ولايات لكل ولاية إمامها الخاص".

[عين الجنوب]

فيديو