بدر" وأمه يحكيان - طفولة مسروقة: قذائف الحوثيين تباغت ضحكات الأطفال في تعز

تقارير - منذ 2 سنة

أطفال معاقين في الساحل الغربي  عين الجنوب ، تعز، ضيف الله الصوفي: "رجلي اليمنى مبتورة، وجسدي غارق بالشظايا.. أما شقيقي محمد فقد كُسِرَتْ ساقه وأصيب بجروح أثناء الحادثة".. بهذه الكلمات المتقطعة، والتي تكشف عن نبرة حزينة، لا تخلو من الحسرة والوجع، بدأ الطفل بدر ناصر، في الثامنة من عمره، بسرد قصة شقيقين خرجا من المنزل بهدف التعلم، لكن سرعان ما تحول هذا الثنائي إلى ضحية قذيفة حوثية سقطت عشوائيًا على رؤوس الأطفال.. ليتساءل بعدها كثيرون كيف أفلت هذان الصغيران من الموت. في الثلاثين من أكتوبر 2022، لم يكن الطفل بدر يعرف أنه لن يستطع العودة إلى منزلهم الواقع في حي المطار القديم، غرب مدينة تعز، بعد ذهابه إلى المدرسة برفقة أخيه والعديد من زملائه -جميعهم تحت سن العاشرة- إذ اعترضت قذيفة "هاون" طريق الأطفال وتسببت ببتر أقدام الصغيرين، وإصابة الكثيرين.   يتذكر الطفل بدر لـ "يوم الحادثة، كنت أنا وشقيقي في مدرسة "المظفر"، وعند الظهيرة خرج الطلاب جميعهم، وخرجت مع أخي نسير في طريقنا إلى المنزل، فجأة جاءت قذيفة، بترت رجلي، ورجل أخي، ورجل صاحبي هاشم.. وقتها كنت أشوف رجلي معلقة، أحاول أنهض من الأرض، لكن لا أستطيع". يكرر الصغير عدم استطاعته النهوض وقت الحادثة، تأكيدًا على مدى حزنه، وأسفه لما كان عليه بالأمس، وما صاره اليوم.. إنه بكاء الروح، ذلك البكاء الصامت.   يضيف الصغير: "وجدت نفسي مرمياً بالأرض، والدماء تسيل من ساقي.. أتذكر كنت أبكي من شدة الخوف، بينما كان محمد يصرخ بصوت كبير، بعد ذلك دخلت بحالة إغماء، وغابت عندي ملامح الرؤية".   وبحسب أهالي المنطقة فإن القذيفة سقطت على حي الصيانة بالمطار القديم، أثناء عودة الأطفال من المدرسة، وقبل وصولهم البيت، حيث تعد أسرة بدر نازحة، وتسكن في منزل بالإيجار.   يقول أحد الساكنين: "سمعنا صوت انفجار القذيفة عند الساعة 11 ونصف ظهرًا، خفنا من شدة الصوت، اتجهنا نحو المكان، وتفاجأنا بصراخ الأطفال.. كان المكان ممتلئاً بالدماء، وأحد الأطفال كانت ساقه قد بترت".   ويتابع: "حاولنا نقلهم إلى مستشفى الثورة، وصلنا وبعض أجزائهم قد انتهت، وبعد تلقيهم الإسعافات الأولية، تم نقلهم إلى مستشفى الروضة، ثم بترت رجل الطفل بدر".   في زمن الإرهاب الحوثي، يحدث أن تسقط قذيفة وسط تجمع كبير من الأطفال، أحدهم يهرب، والآخر يصرخ، وثالث يقع على أرضية الشارع، ورابع مصاب بالشظايا، وخامس فارق الحياة.. بهذه الصورة تباغت قذائف مليشيا الحوثي ضحكات الأطفال، وبراءة الصغار.   حياة جامدة: متاعب يومية   بقدم واحدة وعكازتين يسير الطفل بدر بجوار شقيقه محمد، الذي بات هو الآخر يتوكأ على عكازة فردية تعينه أو تساعده على الخروج إلى مدرسة الحي.. "عدسة الساحل" التقت بالضحايا، ووثقت حياة الطفلين اليومية، وما تترتب عليهما من متاعب وصعوبات. في شارع الحي، كان يتخطى بدر ببطء وحذر كبيرين، تخوفًا من السقوط وسط ممرات المنطقة، تجنبًا التعثر أمام أصدقائه الصغار.. هكذا يسير الطفل مترنحًا بين عكازتيه بخجل شديد، ومقارنة بمعاناة شقيقه الأكبر الذي كان له نصيب من حادثة القذيفة؛ حيث صار يمشي بقدم مكسورة، وشريان ممزق، وجسد تسكنه الشظايا وتتوزع عليه الجراح.   تحدث بدر: "أروح المدرسة بالعكاز، وكذلك البقالة ومختلف الأماكن.. لقد صارت بمثابة السند، أخرج الشارع حاملًا هاتين العكازتين، وأعود إلى المنزل بواسطتها". ولأن هذا الصغير بات عاجزًا عن التنقل أو الحركة بمفرده، ففي المنزل يلجأ إلى الاستعانة بالجدران للتنقل عبرها، وتعد هذه الطريقة هي الأصعب -حد تعبيره- أما في خارج المنزل فيرى الطفل أن السير بواسطة العكازتين يعرضه كثيرًا للسقوط، وبين هذه وتلك تتضاعف المعاناة، وتزداد نسبة عذاباته اليومية. تجولت عدسة الصحفي الصوفي في المنطقة التي يسكنها الصغيران، حيث التقطت العديد من المشاهد المؤثرة، يظهر فيها الطفلان بملامح حزينة، فالإعاقة تمنع هذا الثنائي من مشاركة الأطفال فرحة لعب كرة القدم.

عين الجنوب

فيديو