تقدير موقف: 4 دوافع و5 تداعيات كارثية لهجمات مليشيا الحوثي ضد إسرائيل

دراسات وتحليلات - منذ 1 سنة

عين الجنوب | بحوث ودراسات أفادت ورقة سياسات/ تقدير موقف، مواكبة لتطورات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وانخراط مليشيا الحوثي-ذراع إيران في اليمن، في هذه الحرب، بأن تداعيات الهجمات الحوثية باتجاه إسرائيل يمكن أن تكون كارثية على الشعب اليمني وعلى تعقيد الصراع الدائر في البلاد. الورقة التي أصدرها مركز المخا للدراسات الاستراتيجية، الأربعاء 9 نوفمبر الجاري، وحملت عنوان "الحوثيون وحرب غزة.. الموقف والتوظيف"، شملت أربعة محاور بدءاً بال"محاولة المبكرة" لمليشيا الحوثي لتوظيف القضية الفلسطينية لصالح توسعها وانتشارها، ثم محور "الأسباب والدوافع" الذي ركزت الدراسة فيه على أربعة دوافع للمليشيا الحوثية من إطلاق الصواريخ على إسرائيل، مروراً بالمحور الثالث الذي تناول "حدود ومستويات التدخل المحتملة" لمليشيا الحوثي في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وأخيراً "التداعيات" المحتملة لهذا التدخل. الأسباب والدوافع وأوردت الورقة أربعة أسباب دفعت ذراع إيران في اليمن إلى مهاجمة إسرائيل، الأول "تحقيق أعمال دعائية واسعة"، تمكنها من تسويق خطابها الديماغوجي في أوساط أتباعها والأوساط الشعبية في اليمن والمنطقة العربية عموماً من خلال ادعاء المليشيا بنصرة القضية الفلسطينية وأنها باتت قوة مؤثرة في المنطقة. والدافع الثاني، وهو الأكثر أهمية بالنسبة للمليشيا الحوثية، يتمثل في "الهروب من الضغوط الشعبية" التي تواجهها نتيجة تدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين في مناطق سيطرتها وامتناعها عن دفع مرتبات القطاع الأوسع من الموظفين الحكوميين لأكثر من ست سنوات، خاصة أن توقف الحرب بموجب هدنة أبريل 2022 أبطلت ذرائع الجماعة المتحججة بحالة الحرب للتنصل من مسؤولياتها تجاه المواطنين. وأشارت الورقة في هذا الصدد إلى تنامي السخط الشعبي الذي شهدته صنعاء العاصمة ومدن أخرى ضمن سيطرة الحوثيين، وتصاعد الاحتجاجات المطالبة بصرف الرواتب كما حدث في احتجاجات نادي المعلمين وهيئة التدريس في الجامعات الحكومية، وهي الاحتجاجات التي لجأت المليشيا الحوثية إلى قمعها واعتقال الشخصيات المؤثرة فيها. كما أشارت إلى استغلال المليشيا الحوثية للحرب في غزة في فرض مزيد من الجبايات على التجار والمواطنين في مناطق سيطرتها ومطالبتهم بالتبرع، في محاولة منها لإسكات المطالبات الشعبية لها بدفع الرواتب وتحسين ظروف المعيشة المتردية. أما الدافع الثالث، فتمثل في "محاولة كسب شرعية داخلية وإقليمية" من خلال تقديم المليشيا نفسها على أنها القوة المهيمنة التي تمثل الشعب اليمني وتتخذ القرارات والمواقف الحاسمة نيابة عنه، متجاوزة بذلك الحكومة الشرعية والأطراف الممثلة في مجلس القيادة الرئاسي. وقالت ورقة تقدير الموقف، إن مليشيا الحوثي تعتقد أن توظيفها لحرب غزة والقضية الفلسطينية لخدمة أهدافها يمكن أن يوفر لها قدرا من الشرعية الشعبية في ظل الارتباط العاطفي الكبير بين الشعبين اليمني والفلسطيني، واهتمام اليمنيين ودعمهم للقضية الفلسطينية. ومن ناحية أخرى تهدف مليشيا الحوثي إلى إحراج الأنظمة العربية ولا سيما المملكة العربية السعودية من خلال تقديم نفسها على أنها مكون مهم في ما يسمى "محور المقاومة" الذي تقوده إيران في المنطقة. وأخيراً الدافع الرابع والمتمثل في "توفير ذريعة للحفاظ على حالة الاستنفار والحرب"، حيث تحتاج المليشيا الحوثية إلى قضية جديدة تمكنها من الحفاظ على تماسكها الداخلي، لا سيما مع سريان الهدنة لما يقارب سنة ونصف وإمكانية انسحاب السعودية والإمارات من الحرب في اليمن بشكل كلي. ولم تستبعد الورقة البحثية أن يتمادى الحوثيون في استغلال هذه القضية في الضغط على المواطنين في مناطق سيطرتهم من أجل تعبئة موارد المجتمع نحو البنية العسكرية وخاصة الصواريخ والطائرات المسيرة بحجة الحرب ضد إسرائيل وأمريكا. التداعيات أفادت ورقة تقدير الموقف بأنه من المتوقع أن تخلّف الأحداث الجارية في غزة وانخراط المليشيا الحوثية فيها، جملة من التداعيات تضيف المزيد من التعقيد للصراع الدائر في اليمن، موردة خمسة تداعيات محتملة أولها "توتر العلاقة بين الحوثيين والسعودية". حيث تبدو هجمات الحوثيين على أهداف إسرائيلية وكأنها إحراج للحكومة السعودية أمام شعبها وأمام شعوب المنطقة، ومن ناحية أخرى، إمعان المليشيا الحوثية في التباهي المعلن لقياداتها بأنهم جزء مما يسمى "محور المقاومة" بالقول والفعل، وأنهم منخرطون مع هذا المحور في التنسيق ولديهم غرفة عمليات مشتركة وقيادة مشتركة لهذه العمليات. الأمر الذي تؤكد فيه المليشيا إصرارها على التبعية لإيران ورفض الجهود السعودية في جذبها إلى الحاضنة العربية. النقطة الثانية من التداعيات مرتبطة بما قبلها وتتمثل في إمكانية "تغير الموقف الأمريكي" تجاه المليشيا الحوثية، خاصة إذا طالت هجماتها أهدافاً إسرائيلية وأمريكية قريبة في البحر الأحمر. كما أن انهيار التفاهمات بين السعودية والحوثيين قد يعني إمكانية انهيار الهدنة في اليمن التي كانت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن حريصة على التوصل إليها وتعتبرها أحد أهم إنجازاتها في منطقة الشرق الأوسط. وعلى المستوى السياسي، فهناك احتمال أن تتجه الإدارة الأمريكية إلى إعادة إدراج جماعة الحوثي في "قائمة المنظمات الإرهابية"، خصوصاً أن هناك 14 عضوا من الحزب الجمهوري قدموا مشروع قانون في مجلس الشيوخ للوقوف ضد هجمات الحوثيين على إسرائيل وإعادة تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية. وتمثلت النقطة الثالثة من تداعيات هجمات المليشيا باتجاه إسرائيل في "توفير بُعد دعائي للحشد لجولة جديدة من الحرب"، وهو ما عمدت المليشيا الحوثية إلى فعله مؤخرا. وفي هذه النقطة قالت الورقة البحثية إن إطلاق الحوثيين للصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل شكلت لها فرصة مثالية لترويجه في الأوساط الشعبية كعمل بطولي، واستغلاله للتعبئة والاستقطاب وتجنيد مقاتلين جدد تحت شعار وهمي هو الحرب ضد إسرائيل. كما رجحت أن توظف الجماعة هذا الحدث في الدفع باليمن نحو جولة جديدة من الحرب، واختلاق الذرائع بأن هناك أطرافا خارجية تحرك الأطراف الداخلية المناوئة لها لإشغالها عن مهاجمة إسرائيل. ولفتت إلى أنه من غير المستبعد أن تقوم مليشيا الحوثي من خلال دعايتها الحربية إلى الربط بين محاربتها للأطراف المناوئة لها في الداخل وبين إسرائيل، وهو ما قد يجعل القتال أكثر دموية وكلفة، وهو ما تريده كل من إسرائيل وأمريكا. كما أشارت الورقة إلى تحركات الحوثيين خلال الأيام الماضية ودفعهم بما يقارب 30 طقما عسكريا إلى جبهة مأرب ونصب منصات لإطلاق الصواريخ شرقي مديرية الحزم بمحافظة الجوف. أما النقطة الرابعة من التداعيات، فتمثلت في "إمكانية حدوث مجاعة واسعة"، بسبب احتمالية حدوث اشتباك واسع في المنطقة، وخاصة جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، الأمر الذي ينذر بتداعيات كارثية على اليمن. حيث ستتقلص فرص استيراد المواد الغذائية وتصبح حركة الملاحة والسفن وتشغيل الموانئ أكثر صعوبة وسترتفع كلفة النقل البحري أضعاف ما هي عليه. النقطة الأخيرة من التداعيات المحتملة على اليمن جراء النزعة الحوثية لادعاء البطولة، تتمثل في احتمال أن هجماتهم باتجاه إسرائيل أو أهدافاً بحرية تابعة لها أو لأمريكا، ستعزز "الوجود الأمريكي والإسرائيلي في جنوب البحر الأحمر". حيث من شأن هذه الهجمات أن تشد الدولتين بشكل أكبر نحو مصدر تهديد جديد وهو ما قد يؤدي إلى زيادة عسكرة البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن. تجدر الإشارة إلى أن ورقة تقدير الموقف هذه صدرت قبل إعلان مليشيا الحوثي إسقاط طائرة مسيرة أمريكية فوق المياه الإقليمية اليمنية في البحر الأحمر، ومن شأن هذا الحدث أن يضيف المزيد من الاحتمالات والتداعيات.

عين الجنوب

فيديو