من صفحات المجد… الجيش الجنوبي حارس الأمن القومي العربي

تقارير - منذ 3 شهر


بالتزامن مع حلول الذكرى الـ53 لتأسيس الجيش الجنوبي، نعود بالذاكرة إلى الفترة الزمنية التي امتدت بين عامي 1971 و1994، حيث برزت دولة الجنوب كأحد أبرز القوى الداعمة لقضايا الأمة العربية، مدافعة عنها في مختلف الميادين، ومعززة بمواقف مشرفة في الدفاع المشترك ونصرة الشعوب الأخرى.

لم يكن جيش الجنوب مجرد قوة عسكرية تحمي حدود الدولة، بل كان رمزًا للشرف والالتزام بالقضايا العربية. 
في فترة حرجة من تاريخ الأمة، تمكنت قوات البحرية الجنوبية من تأمين الممرات التجارية في بحر العرب والبحر الأحمر، فلم تسجل أي حادثة قرصنة طيلة وجود جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية. 
هذا الإنجاز الأمني الكبير لم يكن سوى جزء بسيط من مساهمات الجنوب في تحقيق الأمن العربي.

لم يقف دعم دولة الجنوب عند حدودها الجغرافية، بل امتد ليشمل دعم الثورة الفلسطينية بقيادة المناضل ياسر عرفات، وتعضيد جهود منظمة التحرير الفلسطينية. في ذات السياق، انضمت اليمن الجنوبي إلى جبهة الصمود والتصدي ضد مشروع كامب ديفيد، إلى جانب ليبيا والجزائر والعراق وسوريا، مسطرة مواقف مشرفة في سجل الدفاع عن القضية الفلسطينية.

في حرب أكتوبر المجيدة عام 1973، كان لليمن الديمقراطي موقفٌ عربيٌ لا يُنسى، فقد ساهمت في إغلاق مضيق باب المندب لمدة 20 يومًا، مما أثر بشكل مباشر في انتصار مصر على إسرائيل، كان هذا الإغلاق خطوة استراتيجية أثبتت عمق التزام الجنوب بمساندة القضايا العربية المحورية.

كما كانت عدن مركزًا علميًا للعرب، فتحت اليمن الجنوبي أبوابها للطلاب الباحثين عن العلم من مختلف الدول العربية. قدمت لهم التعليم المجاني والخدمات التي تسهل إقامتهم، مانحةً إياهم المعونات والرواتب الشهرية. كانت عدن قبلة للعقول العربية الطامحة، وملاذًا آمنًا للشباب الطامح إلى مستقبل أفضل.

وعلى مستوى الدفاع العربي المشترك، بعثت اليمن الديمقراطية لواءً متكاملاً من جيشها إلى ليبيا في عامي 1978 و1982 للدفاع عن أراضيها. هذا الموقف لم يكن مفاجئًا لدولة قدمت الدعم دون تحفظ لحركات التحرر الوطني، سواء في ليبيا أو في غيرها من الدول العربية.

في بادرة حسن نية، سلمت اليمن الجنوبي جزر كوريا موريا لسلطنة عمان في عام 1970 دون أي نزاع، مما يدل على التزامها بحل الخلافات بشكل سلمي، بعيدًا عن الصراعات التي كانت تملأ الساحة الإقليمية.

ومن أبرز مواقفها الإنسانية، استقبلت اليمن الجنوبي آلاف اللاجئين العراقيين الهاربين من بطش نظام صدام حسين. قدمت لهم فرص العمل والخدمات المجانية، واعتبرتهم مواطنين جنوبيين، مما يعكس إنسانية الجنوب في تعامله مع الأشقاء العرب.

وفي إطار دعم التنمية البشرية العربية، ساهمت دولة الجنوب في تأسيس الصندوق العربي للتنمية البشرية، وكان لأحد معاهد الصندوق مقرٌ في عدن، مما يؤكد دورها الريادي في تطوير القدرات البشرية العربية.

استمرت اليمن الديمقراطي في دعم ثورة الصومال، وكانت من أوائل الدول التي اعترفت بها. كما أرسلت قواتها للمشاركة في الدفاع عن لبنان ضد الغزو الإسرائيلي عام 1982، في موقف بطولي يعكس التزام الجنوب بقضايا الأمة.

أخيرًا، في فترة الغزو العراقي للكويت، وقفت دولة الجنوب بجانب الكويت، وعبرت عن رفضها للاحتلال من خلال مسيرات شعبية في عدن. كانت تلك المسيرات تعبيرًا صادقًا عن وحدة الموقف العربي ضد العدوان، وعن التزام الجنوب بقضايا العدل والحرية.

إن مواقف جيش الجنوب، الممتدة عبر عقود، تظل محفورة في الذاكرة العربية كرمز للشجاعة، والالتزام بالقضايا العربية، والوقوف مع الحق والعدالة في مواجهة التحديات. في ذكرى تأسيسه الـ53، نستذكر بفخر تلك المواقف التي أرست أسس التضامن العربي، وأكدت دور الجنوب كدرع حقيقي للأمة العربية.


فيديو