تهامة تنتفض.. من التهميش إلى صناعة الكيان الجامع

تقارير - منذ 13 يوم

عين الجنوب | خاص .  
في خطوة غير مسبوقة، عمل أبناء تهامة على عقد ملتقيات تهامية تمهيدًا لعقد "مؤتمر تهامة الجامع"، الذي يسعى إلى تكوين كيان فاعل للمطالبة بحقوقهم المسلوبة، ويعزز التفاعل والحوار التهامي للكشف عن مظلومية أبناء تهامة.

فرغم بسالة وشجاعة التهاميين والزرانيق على وجه الخصوص، فقد عانت الحديدة عمومًا، التي تنتهج المذهب الشافعي، كثيرًا. فزبيد التي أنجبت مئات العلماء من بحور العلم في الفقه والحديث وعلم المواريث، كان لعلمائها أثر واسع، إذ انتشر علماء تهامة وزبيد وبيت الفقيه في عموم اليمن ينشرون علوم الدين.

ورغم ما تمتلكه الحديدة من نوابغ، فإنها لاقت – هي وتهامة بشكل خاص – تهميشًا وتجويعًا طوال مراحلها التاريخية المتعاقبة. فرغم الوديان والأراضي الخصبة التي تملكها سهول تهامة ووديانها، حيث تُعتبر تهامة سلة غذاء اليمن، إلا أن أهل تهامة – ملاك الأرض – عاشوا تحت حملات التهميش والتجهيل والسلب والنهب في ظل استعلاء جائر. هذا الواقع دفع بالكثيرين من أبناء تهامة إلى بيع أراضيهم والعمل أُجراء تحت حكم الأسياد من الزيدية الذين استحوذوا على الوظائف والأراضي الخصبة التي كانت مملوكة للتهاميين. وهكذا، وتحت وطأة القهر والتضييق، تحوّل أبناء تهامة إلى عمال وغرباء في وطنهم وعلى أرضهم عبر مختلف مراحل التاريخ.

وعند اجتياح الحوثيين لمحافظات الشمال، ومنها سهول تهامة ووديانها، زادت حالة الظلم والاضطهاد والتمييز الطائفي والاستعلاء على أبناء تهامة البسطاء، حيث نفّذت الميليشيا حملات سيطرة شاملة حوّلت أبناء تهامة إلى عبيد، وزجّت بهم تحت وطأة الجوع والفقر ليكونوا وقودًا لمشاريعها التوسعية الطائفية السلالية.

كما سعت الميليشيا إلى طمس الهوية الدينية لأبناء تهامة، فمنعت مئات العلماء من اعتلاء المنابر ونشر العلوم الشرعية الوسطية، واستبدلتها بمناهج شيعية اثني عشرية تنشر السلالية والطائفية وتهاجم الصحابة بسبّهم، وتتنقص من نساء النبي، وتحوّر الدين إلى طائفية مقيتة لا علاقة لها بالإسلام الصحيح ولا بقيمه ومنهجه.

واستمر مسلسل التهميش السياسي والطائفي، ولم يسلم أبناء تهامة من سياسة التجويع والإفقار المتعمد تحت شعار *السُخرة* المقيت، الذي يمارس الطبقية والاستعلاء على علماء تهامة وعامتهم. ولم يكتفِ الحوثيون بذلك، بل استمرت المداهمات اليومية والقتل المتعمد بممارسات كيدية للنيل من هذه الفئة التي عانت الاضطهاد والتهميش وتغيير الهوية الدينية منذ أزمنة سحيقة.

إنها مأساة إنسانية مستمرة، لا يمكن أن تنتهي إلا بدحر هذه الميليشيات الحوثية، ليعم السلام في تهامة خصوصًا والحديدة عمومًا، التي عانت في كل مراحلها من الظلم والسطو والتهميش والقتل حتى اليوم.

ولعل مؤتمر تهامة الجامع سيكون خطوة نحو توحيد صفوف التهاميين وجمع كلمتهم وإسماع صوتهم، والمطالبة بحقوقهم المسلوبة منذ أزمنة بعيدة حتى اليوم. ففي الوقت الذي لا تزال فيه أجزاء كبيرة من محافظة الحديدة – وتحديدًا مساحات واسعة من تهامة – تحت سيطرة الحوثيين، تضاعفت معاناة التهاميين بالضرائب الباهظة التي يفرضها الحوثيون على السكان المحليين، إلى جانب الانتهاكات وحالات التعذيب بحق أبناء تهامة الأبطال الذين أبدوا تذمّرهم من ممارسات هذه السلالة.

لقد حوّرت الميليشيا الدين، وغيّرت العقيدة، وساقت جموعًا من التهاميين إلى محارق الموت دفاعًا عن مشروعها السلالي المخالف لكل العقائد والأديان. وبالإجمال، فإن تكوين كيان لمؤتمر تهامة يُعد خطوة مهمة للمطالبة بحقوق أبناء تهامة، وتوحيد آرائهم وجمع كلمتهم، حتى تحين ساعة الخلاص من هذا المشروع السلالي الطائفي الذي بدأت ملامح زواله تلوح في الأفق. وسيَعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.


فيديو