استقلالية القرار الجنوبي.. بوابة الإصلاحات وضمانة لتحرير الشمال المختطف

السياسة - منذ 8 أيام

عدن، عين الجنوب| خاص

إن استقلالية القرار السياسي والاقتصادي الجنوبي تُعد الخطوة الأولى التي يجب تحقيقها، وهي المرتكز الرئيسي لما سيتلوها من خطوات إصلاحية لتحسين الأداء الحكومي ومكافحة الفساد. فإذا ما أتيح للجنوبيين اتخاذ قرارهم السياسي، الذي بدأه الرئيس القائد عيدروس قاسم الزبيدي بجملة قرارات أثبتت شرعيتها وأدت ثمارها في تحسين الأداء الحكومي برفد الوزارات بكفاءات نزيهة ونظيفة، فإنها ستحد من الفساد المستشري في مرافق الدولة، الأمر الذي اعتبره الشارع الجنوبي خطوة إيجابية وممهدة في طريق الإصلاحات ومعززة لقرار استعادة الدولة الجنوبية.

إن استقلالية القرار الجنوبي ستكون السند الرئيسي للأشقاء الشماليين في استعادة دولتهم. فدولة الجنوب تستضيف أكثر من خمسة ملايين نازح شمالي، سيتم تدريبهم وتهيئتهم لتحرير الشمال المختطف، وإلا سيبقى الجميع في حالة ضعف وعجز عن مسألة التحرير التي يسعى الأشقاء لتحقيقها والمتمثلة في تحرير كل محافظات الشمال من مليشيا الحوثي الإرهابية.

وبوجود دولة جنوبية قوية معترف بها، فإنها ستكون ضمانة أكيدة ومفتاح أمل لتحرير الشمال. فرغم التحسن الكبير في نظرة المجتمع الدولي نحو الجنوب وقضيته العادلة، وإقرار الجنوبيين من قبل محيطهم العربي باستقلالية قرارهم، إلا أن هناك معوقات ما زالت تحد من حرية القرار الجنوبي، وتأتي تحت مسميات الشراكة أو التوافق أو مراجعة القرارات السابقة، حتى لو كانت تصب في مصلحة الجنوب. وهذه المعيقات لا تهدف إلا إلى تعطيل القرار الجنوبي وتأجيل قيام دولة الجنوب، وبالتالي تأخير تحرير الشمال.

إن تحرير الشمال يعد ضربًا من المستحيل في ظل غياب دولة جنوبية قوية تملك قرارها بنفسها. لكن بالنظر إلى بعض القرارات التي اتخذت جنوبيًا وحصلت على الشرعية والقانونية، فإن ذلك يدل على أن ما يليها من إجراءات سيكون أسهل في تمكين الجنوب من اتخاذ قراره المصيري المحتوم.

لقد خطا الجنوب خطوات مهمة في سبيل استعادة قراره، ولعل أبرزها الحضور الجنوبي في الأمم المتحدة، وهو الأمر الذي كان في الماضي شبه مستحيل. هذا الإنجاز شجع خصوم الجنوب على محاولات التعتيم والتجاهل لقضيته ومنع أي قرار جنوبي مستقل. لكن الواقع اليوم يثبت أن الجنوب فرض نفسه على الخارطة الدولية، وأصبح قراره السياسي معتمدًا على شرعية دولته التي بدأت تظهر إلى النور.

إن امتلاك الجنوب لحرية قراره هو الخطوة الممهدة لقيام دولة جنوبية حرة ومستقلة، قادرة على اتخاذ قرارات تخص الدولتين: الجنوب والشمال. أما تغييب القرار الجنوبي أو تقييده بحجة الشراكة والتوافق، فلن يقود إلا إلى تأجيل الحلول وتعقيد الأزمات.

وبالنظر للواقع الجنوبي، نجد أن هناك مبشرات ونقاط ضوء تبعث الأمل في أن القرار الجنوبي أصبح واقعًا، وصوت الجنوب صار مسموعًا، والبناء الجنوبي قد اكتملت أركانه. لذلك، فإن على الأشقاء مساعدة الدولتين معًا: الجنوب بمنحه شرعيته واستعادة دولته، والشمال بتحريره من مليشيا الحوثي الإرهابية. وبهذا يتحقق الهدفان معًا.

إن استقلالية القرار الجنوبي لم تعد خيارًا، بل أصبحت الركيزة الأساسية للمرحلة القادمة، وبها سيتحقق التحرير والإصلاح معًا، جنوبًا وشمالًا.

فيديو