صمت الأمس… وضجيج اليوم لماذا اختفت الأصوات حين لعب الإرهاب بالجنوب وارتفعت الآن؟

السياسة - منذ ساعتان

عين الجنوب| خاص    

في اللحظات التي كان الإرهاب يعبث فيها بالجنوب، في الطرقات والمنافذ والمعسكرات، خفتت أصوات كثيرة وتراجعت أخرى إلى الخلف، كأن الخطر لم يكن يعنيها أو كأن الجنوب ليس أرضاً تستحق أن يُدافع عنها بصوت واضح وحاسم. كان الصمت آنذاك صمت خوف وصمت مصلحة وصمت حسابات، بينما كانت الجماعات المتطرفة تتمدد في ظل فوضى السياسة وازدواج الولاءات، مستفيدة من مشاريع تستثمر في الاضطراب أكثر مما تستثمر في الأمن والاستقرار.

كان المشهد مرتبكاً، تتصدره سلطة يمنية عاجزة ومترددة، وأطراف نافذة داخل مؤسسات الدولة كانت توفّر غطاءً غير معلن لتلك التنظيمات، فتكمّم الأصوات وتثقل الألسنة بما يكفي لجعل الحقيقة هامشاً لا يجرؤ أحد على الاقتراب منه. كانت الحالة أشبه بلعبة خطيرة تُدار في الظل: الإرهاب يتحرك، والصوت الجنوبي يُخنق، والناس يراقبون ما يحدث أمامهم دون قدرة على المواجهة أو حتى على الكلام.

لكن الجنوب اليوم ليس جنوب الأمس. عندما استعاد الجنوبيون زمام المبادرة، وتقدمت القوى الجنوبية بصلابة على الأرض، وانكشفت المشاريع التي كانت تتغذى على الفوضى، ارتفع الصوت الذي كان مكمماً بالأمس. انفكّ القيد، وسقطت الأقنعة، وظهرت الحقيقة بصوت أعلى من كل الضجيج المتعمد الذي كان يغطي الواقع. ارتفعت الأصوات لأن الجنوب بات يمتلك قوة تحميه ومؤسسات تقوده ووعياً جمعياً لم يعد يسمح لأحد باستغلال مخاوفه أو توجيه مصيره نحو المجهول.

اليوم تتحدث الأطراف التي صمتت طويلاً، لكن ليس دفاعاً عن الجنوب، بل لأن موازين القوى تغيّرت، ولأن الرهان القديم خسر، ولأن المشاريع التي كانت تقوم على الفوضى لم تعد تجد لها أرضاً تتحرك فوقها. ارتفع الصوت لا شجاعةً ولا غضباً، بل لأن الزمن تغيّر، والمصالح تغيّرت، والجنوب نفسه تغيّر.

الجنوب الذي حاول الإرهاب إخضاعه بالصمت، هو نفسه الجنوب الذي يفرض اليوم صوته على الجميع… صوت لا يخاف ولا يساوم ولا ينتظر إذناً من أحد.

فيديو