الجنوب قصة حرية وإرادة شعب

تقارير - منذ 6 ساعات

شعب الجنوب العربي، قصة نضال وبطولات على الأرض

عين الجنوب | تقرير - خاص


منذ حرب 1994 الغادرة التي دمرت كل جميل، بدأ الجنوب رحلة طويلة من النضال، حيث تم تجريد الجنوبيين من مكتسباتهم السياسية والعسكرية، واستُهدفت هويتهم الثقافية والاجتماعية بالتهميش المنهجي. في كل زاوية من الجنوب، كانت المظالم تتراكم، بينما كان أبناؤه يواجهون محاولات إخماد تطلعاتهم نحو الحرية والكرامة.

انطلقت أولى موجات الاحتجاج السلمي عام 2007 مع الحراك الجنوبي، حيث تدفق أبناء الجنوب إلى الشوارع مطالبين بحقوقهم. كانت هذه المسيرات رمزاً لإرادة شعبية سلمية، ولكنها قوبلت بالقمع الوحشي من قوات الاحتلال اليمني، التي لم تتردد في استخدام كل وسائل القمع لكسر صوت الشعب سواء عسكرياً او سياسياً او إقتصادياً بل وصلت الى توظيف المرتزقة والجماعات الإرهابية. ومع ذلك، لم يزد ذلك الجنوبيين إلا عزيمة على تحقيق هدفهم العادل.

في عام 2015، وبعد محاولة اجتياح قوات صالح والحوثيين الجنوب، تحول النضال إلى مقاومة مسلحة واسعة النطاق. أبناء الجنوب، بأقل الموارد والإمكانات، صمدوا في معارك بطولية، متسلحين بإرادة شعبية صلبة، ليحرروا أرضهم من الميليشيات الحوثوعفاشية. قدموا أرواحهم ودماءهم، وهم يدركون أن الحرية لا تُمنح بل تُنتزع. وقفوا كأيقونة للنضال من أجل الكرامة والاستقلال.

لكن هذه المعارك لم تكن مجرد حرب عسكرية؛ كانت أيضاً حرب ضد تاريخ طويل من القهر. تم إستغلال الجنوب شعباً وأرضاً، سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً، بينما واجهت مؤسساته العسكرية والأمنية محاولات تفكيك ممنهجة. حتى الهوية الجنوبية لم تسلم من محاولات الطمس، في محاولة لطمس كل ما يربط الجنوبيين بتاريخهم الفريد وقضيتهم العادلة.

وسط هذا النضال، لم ينسَ الجنوبيون دورهم في دعم الاستقرار الإقليمي. كانوا حاجز الصد الأول ضد التمدد الإيراني في المنطقة. فقد تمكنوا من تحرير أراضيهم ودحر الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، ليصبح الجنوب رمزاً للصمود العربي. العاصمة عدن كانت أول مدينة عربية تصدت لذراع إيران، مما جعلها مثالاً يُحتذى به في الكفاح العربي ضد المشاريع التوسعية، قال فيها سيادة الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزبيدي، لقد أُخذت منا عدن طيلة ثلاثة عقود مضت، والان بعد عودة الأرض لأهلها، بعون الله لن تكون أبداً يوماً سليبة بعد اليوم.

إضافة الى التحرير العسكري للجنوب لم يكن التحدي في المعارك وحدها، بل في الخيانة التي تعرض لها الجنوب من بعض القوى اليمنية. جرى تسليم جبهات استراتيجية وأسلحة حديثة للحوثيين من قبل ميليشيا الإخوان، مما كشف عن نفاق سياسي وعسكري أدى إلى إطالة أمد الصراع. الجنوبيون، الذين حاربوا ببسالة، رفضوا أن يُستغلوا كوقود لحروب الآخرين، ويؤكدون أن كل شعب مسؤول عن تحرير أرضه.

رغم كل التحديات، بقي الجنوب شامخاً، من الضالع إلى شبوة، ومن عدن إلى المهرة، ولا ننسى دور الأخوة الأشقاء العرب، كان تحالف شعب الجنوب مع دول التحالف العربي، بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة الشقيقتان، عاملاً رئيسياً في تعزيز قدرات المقاومة ومن ثم دعم قوات المقاومة الجنوبية بعد التحرير لتصبح جيشاً منظماً خاصة الدعم اللوجستي من الأخوة في الإمارات العربية المتحدة، وبطلب من الأشقاء أمتدت عمليات الجيش الجنوبي الى المناطق الشمالية كما في الساحل الغربي والتي تسلمها طارق محررة بعد سقوط الآلاف من الشهداء الجنوبيين هناك، بالرغم من الخيانة والتجربة المريره التي تعرض لها شعب الجنوب من المحتل الشمالي.

النجاحات التي حققها الجيش الجنوبي في الساحل الغربي لا يمكن إيعازها الى إخلاص الجنوبيين ودعم الأشقاء فقط، بل هناك عامل آخر وهو أن أبناء تهامه أظهروا تعاوناً مع الجنوبيين، والسبب هو تهميشهم من قبل نخبة إخوان تعز بعكس بقية المحافظات الشمالية الخاضعة لسيطرة الحوثيين والإخوان التي تعتبر أكثر تعقيداً، وبالرغم أظهرت القيادة الجنوبية حسن النية مرة أخرى عبر تقديم مبادرات لدعم تحرير الشمال، لكن ما حصل هو أن هذه المبادرات لاقت تخاذلاً واضحاً، مما أثبت أن القوى اليمنية لا تريد لأرضها تحريراً، وهنا من الجدير بالذكر أن أحد الإخوه في الشمال عبر فيديو مصور نشره على حسابه يقول، أستنكر محاولات الإخوان جعل الجنوبيين الذين لا يتجاوز عددهم 6 مليون يقاتلون لتحرير شعب الشمال البالغ عددهم 25 مليون، ثم يتسلمها حميد وعلي محسن الهاربين او العرادة، الا يكفي الظلم الذي وقع على إخوتنا في الجنوب بسببنا، ونريد منهم أيضاً يحرروا لنا أرضنا، هذا ضرب من الجنون، قوات الشرعية في مأرب وتعز هي المطالبة بشكل مباشر لتحرير أرضها وليس الجنوبيين فهم قد أثبتوا أنهم رجال في أرضهم وهذا يكفيهم.

ومن هذه الحدث وغيره يعترف الشمالي قبل الجنوبي أن النضال الجنوبي هو قصة شعب رفض أن يُهزم، صاغ تاريخه بدماء أبنائه، ووقف ضد كل محاولات الطمس والاحتلال. اليوم، الجنوب ليس مجرد أرض، بل هو رمز للكرامة والإرادة، ومثال حي على أن الشعوب التي تؤمن بحقوقها قادرة على استعادة حريتها مهما طال الزمن.

فيديو