الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم .. كلمات عميقة وفلسفة دولة

السياسة - منذ 4 أيام

إذا لم تدفع ثمن التغيير، ستدفع ثمن بقاء شعبك في مكانه

عين الجنوب | متابعات - حصري


في حديث الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عن التغيير، تظهر دعوة صريحة وملهمة للقادة والشعوب على حد سواء. كلماته جاءت مُتّسقة مع فلسفته الراسخة في بناء دولة الإمارات، حيث استطاع عبر عقود أن يحوّل الأحلام إلى واقع ملموس. حديثه عن (ثمن التغيير) يضع القارئ أمام معادلة بسيطة ولكنها شديدة العمق: لا تغيير دون ثمن، لكن تكلفة الجمود أشد وأعظم.

تعبير (إذا لم تدفع ثمن التغيير، ستدفع ثمن بقاء شعبك في مكانه) يحمل في طياته الكثير من المعاني؛ فهو ليس مجرد تحذير من العواقب، بل دعوة للتفكير في مسؤولية القيادة أمام الأجيال القادمة. في عالم اليوم، حيث تتسارع التغيرات الاقتصادية والتكنولوجية، التوقف أو الجمود يعني الموت البطيء للمجتمعات. الشيخ محمد بن راشد يبرز بوضوح أن الرؤية الاستراتيجية والشجاعة في اتخاذ القرار هما مفتاح النجاح.

الإمارات كانت دائماً مثالاً حياً لما يمكن أن يحققه التغيير المدروس والشجاع. منذ تأسيسها، لم تتوقف الإمارات عن الاستثمار في الإنسان، في البنية التحتية، وفي الابتكار. هذا النهج لم يكن خالياً من التحديات، لكن القادة دفعوا ثمن التغيير مقدماّ، سواء عبر الوقت أو الموارد أو المخاطرة. اليوم، الإمارات ليست فقط دولة متقدمة، بل أصبحت نموذج يحتذى به في العالم العربي.

الشيخ محمد بن راشد لا يخاطب الإماراتيين فقط. رسالته تتجاوز الحدود، فهي دعوة إلى جميع قادة العالم العربي للتفكير بعمق في خياراتهم. الجمود لا يعني الاستقرار، بل يعني الانحدار وفقدان المكانة الدولية. إذا أراد القادة حماية شعوبهم وضمان مستقبلهم، فعليهم أن يتقبلوا فكرة أن التغيير، رغم صعوبته، هو الخيار الوحيد للبقاء. الجانب الإنساني في حديثه لا يمكن تجاهله. حديثه عن الثمن لا يتعلق فقط بالاقتصاد أو السياسة، بل يمتد إلى كرامة الإنسان وحقه في حياة أفضل. الجمود يعني الفقر، الفقر يعني الحرمان، والحرمان يولد اليأس. التغيير هنا ليس مجرد خيار سياسي أو اقتصادي، بل هو واجب أخلاقي تجاه الأجيال القادمة. كلماته تذكرنا بحقيقة أن القادة العظماء لا يخشون التحديات. هم أول من يواجهون الصعوبات، وهم الذين يرسمون الطريق لشعوبهم حتى لو كان محفوف بالمخاطر. التغيير يتطلب شجاعة وجرأة، وهذه الصفات تتجلى بوضوح في كل خطوة اتخذتها الإمارات على مدار العقود الماضية.

الرسالة التي يمكن استخلاصها من حديث الشيخ محمد بن راشد هي أن التاريخ لا ينتظر أحداً. القادة الذين يترددون في اتخاذ القرارات اليوم سيدفعون غداً ثمناً باهظاً. إذا أرادت الدول العربية تحقيق نهضة حقيقية، فعليها أن تحتذي بهذا النموذج، وأن تؤمن بأن الاستثمار في التغيير اليوم هو الضمانة الوحيدة للمستقبل.

كلماته ليست فقط دعوة للتغيير، بل هي تحذير من الخمول. إنه خطاب يحمل في طياته حكمة القائد الذي يرى الصورة الكاملة، ويدرك أن الجمود ليس مجرد خيار خاطئ، بل هو مخاطرة تفوق التغيير ذاته.

خطاب الشيخ محمد بن راشد حول التغيير وثمنه يتقاطع بشكل مباشر مع الإنجازات والتقدم الذي تحرزه دول الخليج، من خلال أسواق الطروحات الأولية في السعودية والإمارات وعُمان على بورصة لندن. هذا التقاطع يعكس كمثال واحد جوهر ما تحدث عنه الشيخ محمد: أهمية اتخاذ قرارات استراتيجية جريئة لتحقيق التغيير والنهوض بالاقتصاد والمجتمع. التقدم الذي حققته الأسواق الخليجية في مجال الطروحات الأولية لم يكن وليد الصدفة، بل هو نتيجة لرؤية قيادية واضحة استثمرت في تطوير البنية التحتية الاقتصادية، تعزيز ثقة المستثمرين، وخلق بيئة أعمال جاذبة. في المقابل، تراجع بورصة لندن إلى المركز العشرين يعكس الجمود وعدم مواكبة التغييرات العالمية التي تتطلبها المرحلة.

الإمارات والسعودية وعُمان دفعت ثمن التغيير مقدماً من خلال قرارات شجاعة وخطط طويلة الأمد، مثل تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط، وتطوير أسواق مالية ذات مستوى عالمي. هذه الدول قدمت نموذجاً حياً لما يمكن تحقيقه حينما يتجاوز القادة مخاوف المخاطرة ويقررون المضي قدماً بجرأة.

رؤية الشيخ محمد بن راشد يمكن أن تنطبق أيضاً على الدول الغربية مثل المملكة المتحدة التي تواجه اليوم تحديات اقتصادية وسياسية معقدة. تراجعها في ترتيب أسواق الطروحات هو رسالة واضحة بأن الجمود أو التردد في اتخاذ القرارات الضرورية يمكن أن يؤدي إلى فقدان المكانة الدولية.

بالنسبة للمنطقة العربية، نجاح السعودية والإمارات وعُمان في تجاوز الأسواق الغربية الكبرى يعزز فكرة أن دول الخليج اليوم ليست فقط مراكز اقتصادية صاعدة، بل أمثلة حية على كيفية الاستفادة من التغيير والتطوير لتحقيق نمو مستدام. هذا النجاح يعكس عمق الفهم القيادي لأهمية المخاطرة والاستثمار في المستقبل.

الرسالة التي تقدمها أسواق الطرح الأولية كمثال مع خطاب الشيخ محمد بن راشد هي واحدة: العالم لا ينتظر. من يريد البقاء في المقدمة عليه أن يكون مستعداً لدفع ثمن التغيير، سواء كان هذا التغيير في الاقتصاد، السياسة، أو الثقافة. الدول التي تختار الجمود، حتى لو كانت تمتلك تاريخاً عريقاً مثل المملكة المتحدة، ستجد نفسها متأخرة أمام الآخرين.

بهذا الشكل، يصبح الشرق الأوسط اليوم نموذجاً ملهماً للعالم بأسره، حيث استطاعت دوله تحويل طموحاتها إلى واقع ملموس، تماماً كما دعا الشيخ محمد في حديثه عن التغيير.

فيديو