المجلس الانتقالي الجنوبي بين التحديات والمبادئ الثابتة

تقارير - منذ 8 شهر

عين الجنوب | خاص:

في المشهد السياسي المعقد والضغوط التي يشهدها شعب الجنوب، يظهر المجلس الانتقالي الجنوبي كركيزة أساسية في الدفاع عن قضية شعب الجنوب ومبادئه. وبينما يُعتبر الاختلاف أمراً طبيعياً وجزءاً من العملية السياسية، يظل الحفاظ على القضايا المبدئية أمراً غير قابل للمساومة. هذه الحقيقة تشكل جوهر العلاقة بين الشعب الجنوبي وقيادته المتمثلة في المجلس الانتقالي، هذا الأمر لا ينطبق فقط على شعب الجنوب والذي يمتلك هوية واحدة وهدف واحد ومصير واحد بل أنطبقت على أمم وشعوب بثقافات مختلفة، كمثال الدول الأروبية التي كانت تعاني من الشتات والحروب فيما بينها، لكن تحت مظلة الإتحاد الأروبي شهدت أوروبا إستقراراً لعقود، بالرغم من الإختلافات والتباينات، لكن الكلمة الموحدة والمصير المشترك جعلتهم يواجهون كل التحديات بثبات، أيضاً دول مجلس التعاون الخليجي، بل حتى القوى الشمالية نفسها، على الرغم من الإختلافات الإيديلوجية الواضحة، إلا أن أطماعهم في الجنوب هدف مشترك فيما بينهم، مثلتها إعتداءات الحوثيين المستمرة، ومحاولات فرع الإخوان تدمير النسيج الجنوبي بشتى الوسائل اللاقانونية.

لذا لزم إبراز حقيقة أن المجلس الانتقالي لم يأتِ من فراغ، بل هو نتاج صمود طويل ومستمر لشعب الجنوب في وجه محاولات الهيمنة والتخريب وضرب إستقرار الجنوب من قبل القوى الطامعة التي جثمت على البلد ومقدراته منذ إجتياحه في عام 1994. لكن في السنوات الأخيرة، أثبت المجلس قدرته على الصمود أمام مختلف التحديات، سواء كانت تلك التحديات على الأرض من خلال التصدي لإعتداءات الحوثيين وتنظيم القاعدة، أو من خلال مواجهة المؤامرات السياسية التي تسعى لطمس الهوية الجنوبية والتحايل على مشروعها الوطني التاريخي.

إن الاختلافات التي قد تطرأ داخل المجتمع الجنوبي ليست سوى تعبير عن الطبيعة البشرية التي لا تخلو من القصور. لكن هذه الاختلافات لا يجب أن تكون واجهه لأطماع قوى حاربها شعب الجنوب منذ عام 94، او تُفسر على أنها تهديد لتماسك شعب الجنوب وتطلعاته المشتركه، أما الإختلافات الفرعية فحتماً هي فرصة لتعزيز الحوار وتطوير الأداء السياسي بما يخدم المصلحة العامة. وما يميز المجلس الانتقالي هو إدراكه العميق لهذه الحقيقة واستعداده الدائم للتعامل مع هذه الاختلافات بمرونة دون التخلي عن المبادئ الأساسية، والتي فوضه شعب الجنوب لتحقيقها.

وعلى الرغم من التحديات الخارجية، فإن المجلس الانتقالي نجح في الحفاظ على التماسك الداخلي وفي تقديم نموذج يحتذى به في الصمود أمام الضغوط الدولية. الضغوط التي لا تهدف فقط إلى إضعاف الجنوب بل إلى إجهاض مشروعه الوطني، والتي تأتي في كثير من الأحيان مغلفة بمبررات دولية، لكنها في جوهرها تستجيب لأطماع القوى التي أستغلت شعب الجنوب طيلة 3 عقود.

المجلس الانتقالي يُعتبر اليوم صوت الشعب الجنوبي الذي يعبر عن تطلعاته وأهدافه. هذه العلاقة بين القيادة والشعب ليست علاقة فوقية، بل هي علاقة قائمة على التفاهم والتكامل. المجلس لم ينفصل يوماً عن قواعده الشعبية، بل كان دائماً انعكاساً لإرادة الجنوب. وأي محاولة لزعزعة هذه العلاقة أو النيل من المجلس ليست سوى استهداف مباشر لقضية الجنوب نفسها.

لذا بدلاً من الانجرار خلف أطماع القوى الخارجية التي تسعى لتفكيك ما تحقق، يجب على كل مواطن جنوبي أن يعي حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه. الحفاظ على المجلس الانتقالي وتوجيهه نحو تحقيق الأهداف الوطنية ليس فقط واجب وطني، بل هو استثمار في مستقبل شعب الجنوب ومستقبل أبناءه. ومع ذلك لا يمكن أن ننكر أن هناك قصور داخلي أو تحديات خارجية، ولكن هذا القصور هو جزء طبيعي من أي عمل بشري. الأهم من ذلك هو القدرة على تصحيح الأخطاء ومواصلة الطريق بثبات. المجلس الانتقالي أظهر مراراً وتكراراً أنه يملك هذه القدرة، وأنه مستعد دائماً لمواجهه هذه التحديات وتجاوزها بإقتدار حاسم.

فيديو