جهود المجلس الإنتقالي في حماية مكتسبات شعب الجنوب العربي

تقارير - منذ 3 شهر

الشراكة مع حكومة الفساد |  هل جاء وقت التصحيح؟

عين الجنوب | تقرير - خاص


على الرغم أن الشراكة ظالمة من أساسها ومع ذلك المرونة التي أظهرها شعب الجنوب العربي هي فقط مراعاة للوضع في شمال اليمن، لكن هذا لا يعني الإستمرار فيها إلى ما لانهاية، الوضع في الجنوب لا يحتمل إطلاقاً، وتصحيح الشراكة يمثل اليوم قضية محورية تستدعي التأمل والبحث العميق. فمنذُ أن بدأت هذه الشراكة، أثبتت التجارب أن القوى الشمالية تسعى لاستغلالها لتحقيق مصالحها الخاصة، متجاهلة التحديات الحقيقية التي تواجه الجنوب وشعبه. 

وعلى الرغم من أن اتفاق الرياض وُضِع ليكون إطاراً لتجاوز الأزمات وتوحيد الجهود ضد الحوثيين، إلا أن التنفيذ ظل معطلاً بفعل المماطلة والتلاعب المستمر من القوى الشمالية.

الرئيس عيدروس الزبيدي، بصفته ممثلاً لإرادة الشعب الجنوبي، اتخذ قرار الانسحاب من الاجتماع الأخير كرسالة واضحة تؤكد أن الجنوب لم يعد يقبل بدور هامشي في شراكة غير متوازنة.  هذا الموقف الحازم يعكس الوعي العميق بحجم التحديات والمسؤولية تجاه شعب الجنوب وتطلعات المشروعة. 
الشعب الذي قدم التضحيات الكبيرة، لن يقبل بأن تُهدر حقوقه أو تُستخدم قضيته كأداة في لعبة المصالح الإقليمية والدولية، خاصة وأن الوضع في ظل فساد وتلاعب الشركاء، أضحت تحدياً كبيراً، بالإضافة الى تواجد قوات المنطقة العسكرية الاولى التي أضحت تشكل تهديداً مباشراً للجنوبيين.

القوى الشمالية، بدلاً من الالتزام بمواجهة الحوثيين الذين يهددون أمن واستقرار المنطقة بأكملها، ركزت جهودها على تعزيز نفوذها في الجنوب. استمرت هذه القوى في التآمر على الجنوب من خلال إنتهاج سياسة التجويع والتجهيل المنظم بالأضافة الى عرقلة مطالب إخراج قوات المنطقة العسكرية الأولى من حضرموت، هذه القوات، التي يُفترض أن تكون في مواجهة الحوثي، تحولت إلى عنصر مزعزع للاستقرار في الجنوب، وتورطت في عمليات تهريب الأسلحة والمخدرات بالتعاون مع الحوثيين.

أكثر من ذلك، تساءل كثيرون عن دور هذه القوات عندما يتعلق الأمر بالتصدي للحوثي، خاصة في ظل تقارير موثقة تفيد بتعاون مباشر بينهما. حادثة مقتل جنديين سعوديين على يد هذه القوات الشمالية تُظهر بوضوح أن هناك خللاً كبيراً في الالتزام بمبادئ التحالف العربي ومواجهة التهديدات المشتركة.

الجنوب، الذي طالما أظهر التزام ثابت ومرونة عالية، يجد نفسه مضطراً اليوم لإنتزاع حقوقه بطرق أكثر صرامة. تصحيح الشراكة ليس مطلباً جنوبياً فقط، بل هو شرط أساسي لتحقيق الاستقرار في المنطقة بأكملها. الجنوب ليس مجرد طرف في المعادلة، بل هو قضية وطنية ذات جذور تاريخية وسياسية عميقة. الشعب الجنوبي ممثلاً بقيادته يمتلك سيادة وتاريخ دولة معترف بها دولياً، ولا يمكن التعامل معه كطرف مكافئ لجماعات سياسية أو عسكرية شمالية. ولعل ما يجعل الوضع أكثر تعقيداً هو انتشار الفساد الذي أصبح سمة أساسية في إدارة القوى الشمالية. الفساد لم يقتصر على التحايل على اتفاق الرياض، بل امتد إلى إستغلال الموارد وإضعاف مؤسسات الدولة. فتح ملفات الفساد، منذ بداية عاصفة الحزم وحتى اليوم، أصبح ضرورة ملحة لتحسين الأداء الحكومي وضمان عدم استغلال الدعم الدولي والإقليمي لتحقيق مصالح سياسية، فقد كانت هناك دعومات سابقة، هل قامت حكومة المناصفة بإستثمارها، بالعكس من تدهور الى تدهور اكثر.

إعادة بناء الشراكة وإحترام إرادة شعب الجنوب ممثلة بقيادته في المجلس الإنتقالي الجنوبي يتطلب خطوات جادة من المجتمع الإقليمي. يجب أن تكون الرسالة واضحة، أي مماطلة أو تسويف في تنفيذ إصلاحات جذرية سيؤدي إلى مزيد من التوترات ويُفقد شعب الجنوب ثقته في الشراكة، إن لم يكن قد فقدها أساساً. تلبيه المطالب الشعبية الجنوبية والتركيز على مواجهة الحوثي يجب أن يكون الأولوية القصوى للقوى والأحزاب الشمالية، وليس التآمر على شعب الجنوب الذي احتضن الجميع في وقت نبذتهم أرضهم.

الرئيس الزبيدي، من خلال موقفه الأخير، أظهر القيادة الحقيقية التي يفتقدها كثيرون. موقفه أكد أن الجنوب لا يسعى للصدام، بل يسعى لتحقيق العدالة والشراكة الحقيقية التي تعكس تطلعات شعبه. ومع ذلك، فإن الرسائل التي يتم إرسالها من خلال هذه المواقف يجب أن تُفهم بوضوح: الجنوب مستعد للدفاع عن حقوقه وسيادته بكل الوسائل إذا استمرت الأوضاع الراهنة السيئة والممنهجة.

القضية الجنوبية ليست مجرد نزاع سياسي، بل هي نضال شعب من أجل الكرامة والسيادة والاعتراف بحقوق مشروعة لشعب قدم الكثير من التضحيات، ولا زال. اليوم، الجنوب يواجه مفترق طرق، وقرارات قيادته ليست فقط استجابة للواقع الحالي، بل هي انعكاس لإرادة شعب لن يقبل الا بتقرير مصيره بيده.

فيديو