إعلان عدن التاريخي.. لحظة تفويض الشعب الجنوبي لقيادته الجنوبية نحو استعادة دولته

السياسة - منذ 1 شهر

عين الجنوب | تقرير - خاص

في الرابع من مايو 2017، شهدت العاصمة عدن لحظة مفصلية في تاريخ الجنوب المعاصر، تمثلت في إعلان عدن التاريخي الذي حوَّل الإرادة الشعبية إلى فعل سياسي منظم، وجسَّد نقطة تحوُّل كبرى في مسار القضية الجنوبية. والذي أتى بعد أيام من حراك جماهيري غير مسبوق، رسم من خلاله شعب الجنوب ملامح مرحلة جديدة من النضال الوطني، وأكدوا عبره تفويضهم العلني والواضح للقيادة الجنوبية ممثلة بالرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي كممثل حقيقي لتطلعاتهم في استعادة دولتهم وبناء كيانهم السياسي المستقل.

شكلت ساحة العروض في خور مكسر مسرحاً. لهذا الحدث التاريخي، حيث احتشد أبناء الجنوب من مختلف المحافظات، قاطعين مئات الكيلومترات متحدين الظروف الأمنية والاقتصادية الصعبة، ليبعثوا برسالة قوية إلى الداخل والخارج، أن الجنوب يمتلك قراره، وأنه موحد خلف هدفه الرئيسي المتمثل في استعادة دولته كاملة السيادة على حدود ما قبل 21 مايو 1990. الحضور والزخم كان انعكاساً حقيقياً لحالة الوعي الجمعي الجنوبي، وتحول الإرادة الشعبية من المطالبة إلى التفويض والتمثيل.

ما تميز في هذا الحشد أنه لم يكن موجهاً، بل كان عفوياً ومنبثقاً من قناعة شعبية راسخة ونضال طويل. جاء الجنوبيون طواعية، بقلوب مؤمنة بقضيتهم، وأياد مرفوعة بشعارات الاستقلال، ووجوه تملؤها الكرامة والإصرار. هذه المشهدية الجماهيرية لم تترك مجالاً للشك في أن المجلس الانتقالي لم يأت بفرض أو تفاهمات فوقية، بل وُلد من رحم الشعب، ونال شرعيته من صوته وحضوره في الساحات، عبر عنه الرئيس القائد الزُبيدي بعهد الرجال للرجال.

في ذلك اليوم، لم تكن العاصمة عدن تتحدث فقط إلى أبناء الجنوب، بل كانت توجّه خطاباً للعالم. فقد تابعت وسائل إعلام إقليمية ودولية المشهد، ونقلت صور الجماهير وهي تُعلن التفافها حول قيادتها، وعلى أثرها تشكل المجلس الإنتقالي الجنوبي مما أكسب المجلس حضور سياسي قوي على المستوى الدولي. لقد أصبح الحديث عن الجنوب بعدها مختلفاً، حيث لم يعد بالإمكان تجاهل الحراك الجنوبي أو اختزاله، بل بات يُنظر إليه كحركة منظمة ذات قاعدة شعبية.

إعلان عدن التاريخي، هو تجسيد لتراكم نضالي طويل، وعنوان واضح لشرعية جنوبية، عبر تفويض شعبي مباشر من الميدان. ومنذ تلك اللحظة، ظهرت نتائج هذا التفويض لاحقاً في تأسيس المجلس ومؤسساته، وفي مشاركته في اتفاق الرياض، وفي محادثاته الخارجية، وحتى في تمثيله السياسي اليوم مع الولايات المتحدة وغيرها من الدول.

ببساطة، إعلان عدن التاريخي كان لحظة اصطفاف للإرادة الجنوبية، ومحطة أكدت أن لا مشروع سياسي في الجنوب يمكن أن ينجح أو يصمد دون أن يكون مستنداً إلى ارادة الشعب الجنوبي، لقد كتب الجنوبيون في ذلك اليوم صفحة جديدة من تاريخهم، عبر الحضور والوعي والإصرار والارادة الجنوبية.

فيديو