المجلس الانتقالي والشعب الجنوبي تمسك بثوابت لا مساومة فيها

تقارير - منذ 4 أيام

عين الجنوب | تقرير - خاص

من العاصمة عدن ، يبرز صوت الشعب الجنوبي الحر كواحد من أكثر الأصوات صدقاً وثباتاً. إن ما يعيشه الجنوب اليوم من انهيار اقتصادي وتدهور معيشي يعد حصيلة أزمة فساد وفشل متعمد، بل هو تعبير مباشر عن صراع أعمق على السيادة، والهوية، والحق الوطني. لم يعد بالإمكان فهم واقع الجنوب من خلال عدسات الحسابات الجيوسياسية الضيقة، ولا عبر منابر تفرض رؤى على شعب امتلك مكان بين الدول، بجواز سفر معترف به، وعلاقات دولية واضحة، وعضوية في الأمم المتحدة.

الجنوب ليس جغرافيا بلا ذاكرة. بل هو كيان سياسي وطني كانت له دولته المستقلة حتى عام 1990، قبل أن يدخل في وحدة فشلت وتآكلها الفساد والصراعات. ومنذ ذلك الحين، شهد شعب الجنوب محطات طويلة من التهميش والتجريف المنهجي لمؤسساته وموارده، إلى أن وجد في الحراك الجنوبي والمجلس الانتقالي الجنوبي تمثيلاً سياسياً يعكس تطلعاتهم الوطنية نحو إستعادة دولته التي فقدها نتيجة احتلال بربري يمني.

ورغم أن الجنوبيين التزموا بأطر سلمية ومطالَب واضحة، فإنهم وُوجهوا بعقوبات جماعية غير معلنة، أبرزها حرمانهم من الخدمات الأساسية، وتركهم فريسة لسياسات مالية مدمّرة، وغياب شبه كلي للحلول التنموية. ومع كل أزمة معيشية، يُطرح السؤال المضلِّل: هل الانتقالي هو السبب؟ ولكن الحقيقة، وفق ما تؤكده كثير من الشواهد، هي أن الضغوط المفروضة على الجنوب تخادمت فيه القوى اليمنية التي تعتبر أدوات للضغط على مشروع وطني جنوبي اختار الوقوف بثبات مع مطالب شعبه.

إن فرض الحلول على الشعوب، بعيداً عن إرادتها، لم يكن يوماً خياراً صالحاً لبناء السلام. والتجارب الدولية تؤكد أن احترام الشعوب هو أساس الاستقرار. في اسكتلندا، أُعطي الشعب حقه في الاستفتاء. في جنوب السودان، جاء الاستقلال عبر عملية أممية. وفي تيمور الشرقية، وُضعت إرادة الشعب فوق الحسابات. فلماذا يبدو الجنوب استثناءاً؟

لابد من مخاطبة الجنوب كشعب له تاريخه وهويته ومظلوميته ودولته، ومن واجب الشركاء الاقليمين و المجتمع الدولي، والدول المؤثرة، والهيئات الحقوقية، أن تفتح أعينها على هذا الملف الشعبي، وأن تدرك أن دعم حق الجنوب في خياره الذي اتخذه لا يعني تهديد الاستقرار، بل ضمانته.

الجنوب لا يطلب صدقة سياسية، بل يطالب بعملية عادلة تُعيد له حقه في اختيار مستقبله، سواء عبر استفتاء نزيه، أو من خلال مفاوضات ندية، أو عبر إدارة ذاتية حقيقية تُمهّد لهذا الخيار، فشعب الجنوب لن يكون جزءاً من حل بل اساس الحل، فما يطرحه شعب الجنوب اليوم هو مسار يُبنى على الاعتراف والاحترام المتبادل، ويُؤسس لشراكات مستدامة، تعزّز الأمن الإقليمي، وتحترم مصالح الجميع.

إن الصمت او إنكار الواقع الجنوبي وحرمانه من حقوقه لن يُنتج إلا مزيداً من التوتر وفقدان الثقة. لكن الإنصات لصوت العقل والمنطق والواقع، وإتاحة الفرصة لحل جذري ومستدام يستند إلى إرادة الشعب الجنوبي وحقه المشروع في استعادة دولته، باعتباره الطريق الوحيد لسلام حقيقي واستقرار مستدام.

فيديو