المنظمة الدولية للبلدان الأقل نموًا تُبطل

العالم بعيون جنوبية - منذ 4 ساعات

خاص لــ عين الجنوب| العاصمة عدن

في قاعة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، حيث تُصاغ قضايا العدالة العالمية وتُسمع أصوات المقهورين، دوّى خطاب استثنائي قدمته 
المنظمة الدولية للبلدان الأقل نموًا (OIPM)، تعلن فيه رسميًا أن ما يُعرف بـ اتفاقية الوحدة اليمنية الموقعة عام 1990فقدت شرعيتها القانونية، مؤكدة أن شعب الجنوب يملك الحق الكامل في تقرير مصيره واستعادة دولته المستقلة.

البيان، الذي وُصف بأنه "نقطة تحوّل قانوني وسياسي في مسار القضية الجنوبية"، استند إلى أُسس دولية راسخة، أبرزها اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات، ومعاهدة مونتيفيديو لتحديد مقومات الدولة الحديثة، وهو ما أعاد الروح لقضية ظلت لعقود تُعامل كملف داخلي أو مؤجل.

 من الوحدة إلى الانهيار: الحكاية التي لم تكتمل

حين أُعلنت الوحدة بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (الجنوب) والجمهورية العربية اليمنية (الشمال) عام 1990، هلّل اليمنيون لما اعتبروه بداية لعهد جديد. غير أن ما تلا ذلك من حروب، تهميش، اجتثاث مؤسسي، واحتلال عسكري مقنّع في الجنوب، أدّى إلى تمزق النسيج السياسي والاجتماعي، وتحويل الوحدة من مشروع وطني إلى عبء تاريخي.

بحسب المنظمة، فإن الاتفاقية التي قامت عليها تلك الوحدة لم تُنفذ بروح الشراكة، بل تحوّلت إلى أداة لفرض السيطرة، وهو ما يُشكّل في الأعراف الدولية "خرقًا جوهريًا" لبنود الاتفاق، ما يسمح قانونيًا بإلغائها وفق المادة 60 من اتفاقية فيينا.


 "الجنوب يملك مؤهلات الدولة": قراءة قانونية دقيقة

أحد أقوى النقاط التي ركز عليها البيان هو أن الجنوب، وخصوصًا تحت إدارة المجلس الانتقالي الجنوبي، يُحقق شروط الدولة الكاملة وفق معاهدة مونتيفيديو (1933)، والتي تنص على أن الدولة يجب أن تمتلك:

شعبًا دائمًا: الجنوب يملك تركيبة سكانية واضحة بهوية تاريخية وجغرافية موثقة.
إقليمًا محددًا: يشمل عدن، حضرموت، شبوة، لحج، أبين، الضالع .
حكومة: المجلس الانتقالي يشكّل السلطة السياسية والإدارية الفعلية في الجنوب.

القدرة على إقامة علاقات مع الدول الأخرى يتواصل المجلس مع جهات دولية، ويشارك في محافل رسمية، كما يدير ملف مكافحة الإرهاب وتأمين الممرات الدولية.

الأهم من ذلك، أن الجنوب يسيطر على واحد من أهم مفاتيح الأمن العالمي: مضيق باب المندب، الممر الذي يربط المحيط الهندي بالبحر الأحمر وقناة السويس، ويُعد شريانًا رئيسيًا للتجارة الدولية.

 من الوحدة إلى الانهيار: الحكاية التي لم تكتمل

حين أُعلنت الوحدة بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (الجنوب) 

 صوت القانون أم صوت العدالة؟

في كلمتها أمام المجلس، دعت المنظمة المجتمع الدولي إلى وقف التعامل مع الوحدة اليمنية كأمر واقع، واعتبارها "صفحة طويت". وأكدت أن فرض الوحدة بالقوة يُعد انتهاكًا مباشرًا لمبدأ تقرير المصير، المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.

كما حذرت من أن استمرار التجاهل الدولي للحق الجنوبي قد يُنتج موجات جديدة من عدم الاستقرار، مؤكدة أن تعزيز السلام في اليمن والمنطقة يبدأ بالاعتراف بالواقع لا إنكاره. 

 المجلس الانتقالي الجنوبي: بين الشرعية الميدانية والاعتراف الدولي

في الواقع، بات المجلس الانتقالي الجنوبي اليوم لاعبًا رئيسيًا لا يمكن تجاهله. فإلى جانب سيطرته على مؤسسات إدارية وأمنية في عدن وعدد من المحافظات الجنوبية، فهو شريك رسمي في الحكومة المعترف بها دوليًا بموجب اتفاق الرياض. 

وقد قدّم المجلس، بحسب المنظمة، نموذجًا واعدًا للدولة الحديثة: 

•مكافحة نشطة للتنظيمات الإرهابية.
• تأمين الملاحة الدولية بدعم من التحالف العربي.
• إدارة مدنية تتطوّر رغم الصعوبات.
•خطاب سياسي متماسك يعكس تطلعات الشارع الجنوبي.

هل اقترب "الاعتراف الدولي"؟

البيان الذي ألقته المنظمة الدولية للبلدان الأقل نمواً لا يُمثل قرارًا أمميًا، لكنه يحمل ثقلًا رمزيًا وسياسيًا بالغًا إذ يُظهر أن القضية الجنوبية خرجت من العزلة الدبلوماسية ودخلت طورًا جديدًا من الحضور القانوني على الساحة الدولية. 

وقد يكون هذا الظهور بداية لسلسلة من الاعترافات التدريجية، أو على الأقل تغييرًا في تعاطي الأمم المتحدة والدول الكبرى مع الملف اليمني. 

الخلاصة: الجنوب أمام منعطف مصيري

من قاعات جنيف إلى شوارع عدن، يُدرك الجنوبيون اليوم أن معركتهم لم تعد فقط ميدانية، بل قانونية وأخلاقية أيضًا. وأن "الاعتراف لا يُمنح، بل يُنتزع"، كما قال أحد الحقوقيين الجنوبيين بعد الجلسة.

في زمن تتشابك فيه الجغرافيا بالسياسة، ويتحوّل الموقف الإنساني إلى ورقة استراتيجية، يبدو أن شعب الجنوب نجح في إيصال صوته إلى العالم... والأهم من ذلك، أنه بدأ يفرض وجوده كقضية دولية، لا نزاعًا داخليًا.

فيديو