عمائم فوق بهائم: الفتوى حين تُشرعن الذبح"

السياسة - منذ 4 ساعات

خاص، عين الجنوب| العاصمة عدن

في زاوية معتمة من تاريخ هذه الأمة، خرجت جماعة، لبست الدين قناعاً ، ولبست الفتوى زنّاراً ناسفاً ، وجعلت من الجنوب ساحة مفتوحة للذبح باسم الله. جماعة الإخوان المسلمين، ومن تبعهم من تيوس الفتاوى ومؤذني الدم، لم يُشهروا سيوفهم يوماً في وجه عدوٍ محتل، لكنهم لم يترددوا لحظة في التكفير والتحريض واستحلال دم كل جنوبي، فقط لأنه جنوبي.

منذ أن بزغ فجر الوحدة المسمومة في 1990، والجنوب يعيش تحت قصفٍ مزدوج: صواريخ من السماء ومدافع من المنابر. كيف لعمامة أن تُلبسها قداسة، بينما هي تُفرز سمّاً في خطبة الجمعة، وتنصب المشانق الفقهية لأبناء الجنوب بتأشيرة "مرتد" أو "انفصالي" أو " شوعي ماركسي"؟
كيف لإنسان أن يختبئ خلف المصحف، ويُخرج من بين دفّتيه فتاوى للقتل، لا للحياة؟

عندما أفتى عبدالوهاب الديلمي، أحد فقهاء الدم التابعين للإخوان، بجواز قتل الجنوبيين، لأنهم "كفار ماركسيون"، لم يكن يقرأ من قرآن المدينة، بل من كُتيّب البغاة الذي طُبع في دهاليز المخابرات. وعندما قال آخرون إن "دم الجنوبي مباح لأنه خرج على ولي الأمر"، لم يكونوا يقصدون الخروج على الدين، بل الخروج على جيوبهم وأطماعهم وحكمهم الذي تلبّس لبوس التديّن.

أيُّ دينٍ هذا الذي يوزع صكوك الجنة على القتلة؟ أيُّ شريعةٍ هذه التي تجعل من الجنوب أرضاً مباحة لمن هتف باسم "الله أكبر" ثم أطلق النار؟ أين كنتم حين احتلت إسرائيل القدس؟ أين كانت فتواكم حين دُمّرت العراق وسوريا وليبيا؟ لماذا لم تُسَنّ سكاكينكم إلا على رقاب الجنوبيين؟

لم يُسخِّر الإخوان الدين إلا مطيّة للتمكين، وأداة للشرعنة، وخطاباً  لتضليل العامة وتخدير العقول.
 عمائمهم لم تكن يومًا لستر الرأس، بل لستر مشاريعهم القذرة. كلما أرادوا غزواً أو نهباً أو انقلاباً ، جهّزوا خطيباً وفتوى، ثم انطلقوا باسم "الشرعية"، وهم أبعد ما يكونون عنها.

فجّروا الجنوب سياسياً وثقافياً، واستباحوا أراضيه ومقدراته، واستكثروا عليه أن ينهض أو يُطالب بحقه.
 يكرهون الجنوب لأنه لا ينحني ، يكرهونه لأن ذاكرته لا تموت، ولأن الشهداء فيه لا يُنسون ولا يُباعون.

ولأننا في زمنٍ اختلطت فيه الأصوات، فإننا نقولها جهاراً : بعض العمائم ليست سوى قبعات للبهائم. بهائم لا تعقل، لا ترحم، لا تؤمن إلا بما يخدم شهوات السلطة والمال. بهائم ترتدي العمامة لتبيع بها دين الله في أسواق النخاسة السياسية.

إن الجنوب لن يُهزم ما دام يعرف عدوه. وعدو الجنوب ليس فقط الجندي على الدبابة، بل الشيخ في المنبر، والمفتي على القناة، والكاتب في صحيفة الفتنة.

يا أبناء الجنوب، لا تُنخدعوا بمن يُلوّح لكم بالآيات وهو يغرس فيكم الخناجر. لا تهابوا فتاوى المرتزقة، فدين الله أوسع من دكاكينهم، والله لا يرضى بالظلم، وإن تلحف بالعمامة وتطيّب بالبخور.

كونوا على يقين: لا فتوى تقتل حقكم، ولا عمامة تستطيع أن تمسح تاريخكم، ولا جماعة مهما عظُمت شعاراتها قادرة على أن تسلبكم الأرض، ما دام فيكم من يرفض الركوع إلا لله.

فيديو