50 ألف جندي على حدود النار.. "تحالف الراغبين" يرفع راية التدخل في أوكرانيا

أخبار دولية - منذ 3 ساعات

عين الجنوب ||متابعات:

في ظل سباق دولي محموم على النفوذ في أوكرانيا، تفتح خطوة تشكيل قوة أوروبية قوامها 50 ألف جندي بابًا جديدًا في مسار الحرب، وتكشف تحولًا نوعيًا في الاستراتيجية الغربية، من الدعم غير المباشر إلى التدخل العسكري المباشر. 


وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، أن فرنسا والمملكة المتحدة بصدد رفع حجم القوة العسكرية المشتركة إلى مستوى فيلق، ستكون مهمته الأساسية ضمان تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار المرتقب، ضمن ما يُعرف بـ«تحالف الراغبين». 


وأكد ماكرون أن هذه القوة ستكون نواة لتحالف أوسع، مفتوح أمام الشركاء الأوروبيين، مع إمكانية العمل تحت مظلة «الناتو» إذا تطلبت الضرورة.


وأوضح كير ستارمر، أن مقر القيادة بات يعمل فعليًا من باريس، بينما لا تزال الهياكل القيادية قيد الإعداد، استعدادًا لنشر قوات الردع في مواقع استراتيجية داخل أوكرانيا بالتنسيق مع كييف. 


ولفت إلى أن دول التحالف تمضي في تنفيذ الخطة رغم تحفظات بعض الأطراف، مؤكدًا أن التحرك لا يشترط توافقًا دوليًا أو موافقة أممية.


في المقابل، جاءت ردود موسكو حاسمة ورافضة لهذه الخطوة، إذ وصف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف المبادرة بـ«الاستفزازية»، مؤكدًا رفض بلاده القاطع لأي وجود عسكري أجنبي على الأراضي الأوكرانية.


وقال لافروف، إن روسيا لا ترى مجالًا للتفاوض حول نشر قوات دولية، معتبرًا أن مثل هذه الخطوة تهدد بنسف ما تبقى من فرص التهدئة.


وكشفت وزارة الخارجية الروسية، أن خطط الغرب العسكرية تستهدف تعزيز أوهام الحسم لدى السلطات الأوكرانية، على حساب الحلول الواقعية، وأن نشر قوات أجنبية لن يؤدي سوى إلى تصعيد جديد يعمّق الأزمة ويزيد من تعقيد مسارات التسوية.


تحالف الراغبين

وأكد خبراء أن إعلان تشكيل قوة أوروبية متعددة الجنسيات قوامها 50 ألف جندي، ونشرها ضمن ما يُعرف بـ«تحالف الراغبين» في أوكرانيا يمثل تحولًا جذريًا في مسار الحرب، وهو ما يُظهر نية غربية واضحة للانتقال من الدعم غير المباشر إلى التدخل الميداني المباشر. 


وقال الخبراء في تصريحات لـ«إرم نيوز»، إن هذا التوجه يعكس منطق الردع وفرض القوة على الأرض بعيدًا عن أي مسار تفاوضي جاد، خاصة أن التحالف يعد نواة لقوة أوروبية موازية لـ«الناتو»، في محاولة لتكريس نفوذ مستقل وتحقيق مكاسب استراتيجية في مواجهة روسيا.



تقاسم النفوذ والمصالح الاستراتيجية 

وقال كارزان حميد، المحلل السياسي، المتخصص في الشؤون الأوروبية، إن النقاش داخل العواصم الغربية لم يعد يتمحور حول كيفية إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، بل حول كيفية توزيع قوات متعددة الجنسيات ضمن ما يُعرف بـ«تحالف الراغبين» داخل الأراضي الأوكرانية.


وأضاف حميد، في تصريح لـ«إرم نيوز»، أن هذا التوجه يكشف غياب الجدية الغربية والأوكرانية في إيجاد حل جذري للصراع الدامي المستمر منذ عام 2022، مؤكدًا أن الأولوية باتت لتقاسم النفوذ والمصالح الاستراتيجية، وفق الرؤية الجيوسياسية للدول الغربية، وليس لإنهاء الحرب، بحسب تعبيره.


وأشار إلى أن "تحالف الراغبين" الذي من المخطط أن يتخذ من باريس مقرًا رئيسيًا خلال عامه الأول قبل أن يُنقل إلى لندن، لا يعدو كونه نواة لقوة أوروبية موازية لحلف شمال الأطلسي «الناتو»، وهو حلم فرنسي قديم يعود إلى ستينيات القرن الماضي، حين دعت باريس لإنشاء تحالف بديل لحماية المصالح الأوروبية من التدخلات الخارجية، سواء من الشرق السوفيتي أو الغرب الأمريكي.



ولفت حميد إلى أن التحضير لإرسال قوة يصل قوامها إلى 50 ألف جندي، دون إعلان واضح عن آلية انتشارها بعد وقف إطلاق النار، يبدو مستحيلًا سياسيًا وعمليًا واقتصاديًا. 


وأكد المتخصص في الشؤون الأوروبية، أن نشر أي قوات أجنبية دون غطاء قانوني دولي يجعلها هدفًا مشروعًا للاستهداف، وذريعة لتفجير حرب جديدة بين روسيا وأوروبا.


وتابع: «هناك سباق محموم بين الناتو والاتحاد الأوروبي لتسليح قواتهما استعدادًا لمواجهة التهديدات الروسية، دون التوقف كثيرًا أمام أسباب اندلاع الحرب أساسًا»، محذرًا من أن ما يتم الترويج له كقوة ردع، قد يكون مقدمة لاشتعال مواجهة شاملة.


وحذر المحلل السياسي، من أن التوافق الأخير بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر على تشكيل فيلق عسكري ونشره في أوكرانيا قد يكون فخًا لاستدراج رد روسي، ما يمنح الغرب مبررًا لخوض حرب جديدة.


وقال إن الغرب يُهيئ الساحة الأوروبية لحرب جديدة، في وقت تقف فيه الولايات المتحدة في موقف المتفرج لا تتدخل مباشرة، لكنها تدفع الأوروبيين نحو الاشتعال، على أمل استعادة هيمنتها العالمية كما فعلت في الحرب العالمية الثانية.


مقاربة الغرب للأزمة

من جانبه، اعتبر د. ديميتري بريجع، مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، أن إعلان ماكرون عن تشكيل فيلق عسكري قوامه 50 ألف جندي، ونشره على الحدود الأوكرانية تحت مظلة «تحالف الراغبين»، يشكل تحولًا نوعيًا في مقاربة الغرب للأزمة.


وقال بريجع في تصريح لـ«إرم نيوز» إن هذا التحرك يعكس انتصار الرؤية الواقعية في العلاقات الدولية، التي تخضع النظام الدولي لمنطق القوة والمصالح بدلًا من القانون الدولي والقيم الأخلاقية.


وأوضح أن إرسال هذا الفيلق تحت ذريعة ضمان وقف إطلاق النار يمثل تصعيدًا فعليًا من الدعم غير المباشر إلى الحضور العسكري الميداني، برسالة مزدوجة مفادها أن الغرب مستعد للمواجهة، وأن التحالفات المرنة باتت الوسيلة المفضلة لتجاوز تعقيدات الإجماع داخل «الناتو» أو مجلس الأمن.


وأشار مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، إلى أن نشر هذه القوات لا يندرج ضمن خطة تكتيكية فقط، بل يمثل محاولة لإعادة هيكلة الوجود العسكري الأوروبي في الشرق، وفق منطق الحرب الباردة والردع النووي والحشود العسكرية على خطوط التماس مع روسيا.


اختراق روسي ميداني 

وتابع بريجع، أن «تزامن هذا الإعلان مع التصريحات البريطانية المتشددة حول ضرورة منع روسيا من تحقيق انتصار، يعكس حالة ذعر أوروبية من أي اختراق ميداني روسي يُغير قواعد اللعبة ويقلب موازين التفاوض».


وأضاف، أن ما يجري هو أيضًا انعكاس لصراع النفوذ داخل أوروبا، حيث تسعى فرنسا لإثبات نفسها كقوة عظمى، بينما تبحث بريطانيا عن دور جديد بعد «بريكست»، ولا تجد أفضل من أوكرانيا ميدانًا لتأكيد حضورها الدولي.


وحذر من أن روسيا أمام خيارين أحلاهما مر، الأول القبول بوجود غربي عسكري على حدودها، أو الانخراط في مواجهة مباشرة قد تنفلت إلى حرب شاملة.


وفيما يتعلق بالموقف الأمريكي، قال بريجع إن واشنطن تراقب التحركات بـ«حذر وترحيب»، إذ لا ترغب في التورط المباشر، لكنها ترى في الاندفاع الأوروبي فرصة لاستنزاف موسكو دون خسائر أمريكية.

إرم نيوز 

فيديو