قرارات الرئيس الزُبيدي.. تحولات فارقة ترسم ملامح مرحلة جديدة في الجنوب

تقارير - منذ 6 أيام

عين الجنوب ||تقرير/ فاطمة اليزيدي
شهدت الساحة الجنوبية أمس الأربعاء العاشر من سبتمبر 2025 محطة سياسية بالغة الأهمية، تمثلت في حزمة القرارات التي أصدرها الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي،نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي ، القائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية.
القرارات شملت تعيينات في الوزارات والمؤسسات الحكومية والسلطات المحلية، وأعلنت عن خطط إصلاحية إدارية واقتصادية، في خطوة وصفت بأنها الأجرأ منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، وأثارت تفاعلاً واسعاً في الشارع الجنوبي، لتفتح الباب أمام تساؤلات عميقة: هل دخل الجنوب فعلياً مرحلة جديدة؟ وما دلالات هذه القرارات لمستقبل القضية الجنوبية؟

استعادة الدولة.. ركيزة أساسية في معادلة الاستقرار

بالتزامن مع هذه القرارات، أصدر المجلس الانتقالي الجنوبي بياناً شديد اللهجة أكد فيه أن شعب الجنوب يواجه تجاهلاً لحقوقه المشروعة، ومحاولات مكرسة لانتقاص مكانته كشريك سياسي.
وأشار البيان إلى عرقلة صرف رواتب الموظفين المدنيين والعسكريين، وتعطيل قرارات تمكين الكوادر الجنوبية، إضافة إلى إجهاض تنفيذ اتفاق الرياض 2019، وتجاهل الالتزامات المنصوص عليها في مشاورات الرياض 2022.

وشدد المجلس على أن الشراكة الحقيقية لا يمكن أن تُبنى على الإقصاء والتأخير، بل على العدالة والاعتراف بالحقوق غير القابلة للتجزئة، مؤكداً أن “الأرض أرض شعب الجنوب والقرار قراره”، وأن أي محاولات لكسر إرادته أو تجويعه ستفشل أمام صموده.
كما جدد التأكيد على المضي قدماً في حماية الحقوق وصيانة المنجزات، مع الإشادة بالدور الأخوي للتحالف العربي والدول الراعية لعملية السلام التي بدأت تُدرك أن صوت الجنوب أصبح رقماً لا يمكن تجاوزه في معادلة الأمن والاستقرار الإقليمي.

الرئيس الزُبيدي.. دعوة للاحتشاد في مناسبتين تاريخيتين

في خطاب وطني متزامن، وجه الرئيس عيدروس الزُبيدي رسالة للشعب الجنوبي دعاهم فيها إلى الاحتشاد الواسع لإحياء الذكرى الـ62 لثورة 14 أكتوبر المجيدة، والذكرى الـ58 لعيد الاستقلال الوطني في 30 نوفمبر 1967.
وأكد أن المشاركة الشعبية في هاتين المناسبتين تمثل رسالة واضحة للعالم بأن الجنوب ماضٍ بثبات نحو استعادة دولته المستقلة كاملة السيادة من المهرة حتى باب المندب.
كما شدد الزُبيدي على أن هذه الذكريات ليست مجرد احتفالات رمزية، بل تجديد للعهد مع الشهداء، ودعوة للحفاظ على مكتسبات الثورة التحررية وتعزيز الاصطفاف الوطني وترسيخ الانتصارات الميدانية والسياسية.

خيار الطوارئ.. ورقة مطروحة على الطاولة

في سياق متصل، أوضح أنيس الشرفي، رئيس الهيئة السياسية في المجلس الانتقالي، أن إعلان حالة الطوارئ خيار مطروح إذا لم تُنفذ قرارات الرئيس الزُبيدي الأخيرة.
وتابع بأن التعيينات التي شملت نواب وزراء ووكلاء محافظات ومدراء عموم مؤسسات، جاءت نتيجة للشلل الحكومي والانهيار المالي وعجز البنك المركزي والحكومة عن دفع المرتبات لأكثر من أربعة أشهر، وسط سخط شعبي واسع.
مصادر سياسية مطلعة أكدت أن الرئيس الزُبيدي ماضٍ في قراراته ولن يتراجع عنها، باعتبارها ممارسة مشروعة للحق السيادي الجنوبي، وأن استمرار العراقيل قد يفتح الباب أمام خطوات أكثر حدة كتجميد الحكومة الحالية وإعلان الطوارئ.

مرحلة سياسية جديدة

اعتبر مراقبون أن القرارات الأخيرة تمثل إعلاناً واضحاً عن دخول الجنوب مرحلة سياسية جديدة، بل وتؤسس لنهاية فعلية للشراكة مع قوى الشرعية اليمنية.
وبحسب محللين، فإن ما أقدم عليه الزُبيدي يعكس تحولات جذرية باتجاه ممارسة القرار السياسي السيادي بعيداً عن تبعية سلطات ما بعد 2015 التي فقدت ثقة الشارع الجنوبي..

ترحيب جنوبي واسع

القرارات والبيان وجدا صدىً إيجابياً واسعاً في مختلف محافظات الجنوب. فقد أعلنت القيادة المحلية للمجلس الانتقالي في شبوة تأييدها المطلق، ووصفت الخطوة بـ”الشجاعة” التي تعكس صلابة الموقف الجنوبي، مؤكدة أن شبوة ستظل حصناً من حصون التحرير.
وفي حضرموت، أبدى المجلس التنسيقي الأعلى لمنظمات المجتمع المدني ترحيبه الكامل بالقرارات، مشيراً إلى أنها خطوة مدروسة لتمكين أبناء الجنوب من إدارة شؤونهم وفرض إرادتهم، استجابة لتطلعات الشعب الجنوبي التي ظل يناضل من أجلها منذ انطلاق ثورته التحررية.

الشارع الجنوبي.. أمل في إنهاء المعاناة

في المقابل، عبر ناشطون وسياسيون عن ارتياحهم، معتبرين أن القرارات تشكل بداية حقيقية لإنهاء سياسة التجويع والحرمان التي مارستها الشرعية اليمنية، وفتح الطريق أمام انفراجة اقتصادية وخدمية.
وأشار محللون إلى أن الزُبيدي يقود معركة مزدوجة: مواجهة التحديات الاقتصادية، وخوض معركة التحرير والبناء في آن واحد، واضعاً نصب عينيه حلم الجنوبيين في الحرية والاستقلال.
ويرى مراقبون أن الخطوة تعكس صمود القيادة أمام محاولات العرقلة، وتعيد الاعتبار للقضية الجنوبية كقضية وطنية وسياسية محورية.

رؤية القيادة.. خدمة الوطن والمواطن

أجمع الشارع الجنوبي على أن هذه القرارات تجسد رؤية قيادة حكيمة تضع مصلحة الوطن والمواطن في المقدمة، وحرصها على بناء مؤسسات قادرة على تحقيق التنمية والاستقرار.

كما أكد المواطنون أن الخطوة تعكس التزاماً حقيقياً بتطلعاتهم في حياة كريمة ومستقبل أفضل، وأنها تعزز الثقة بين القيادة والشعب، وتفتح آفاقاً أوسع لتطوير المجتمع وترسيخ الوحدة الوطنية خلف هدف استعادة الدولة الجنوبية.

بداية مسار جديد

في ختام المشهد، تبدو القرارات بمثابة بداية لمسار أكثر تعقيداً يتطلب اصطفافاً وطنياً جامعاً خلف القيادة الجنوبية، بقيادة الرئيس الزُبيدي.

فالمرحلة القادمة لن تكون معركة اقتصادية وإدارية فحسب، بل معركة سياسية لتحرير القرار الجنوبي واستعادة الدولة، في وقت يُعيد فيه الجنوب تموضعه كطرف فاعل وصاحب قرار مستقل في المعادلة الإقليمية.

وهكذا، فإن ما جرى لم يكن مجرد حزمة قرارات إدارية، بل إعلان سياسي واضح بأن الانتظار قد انتهى، وأن الجنوب يسير بثبات نحو استعادة مكانته وسيادته الكاملة.

فيديو