من سهول الضالع إلى قيادة الجنوب.. مسيرة كفاح قادها الرئيس الزُبيدي

تقارير - منذ 1 ساعة

عدن ||عين الجنوب| خاص:
في ٧ يوليو ١٩٩٤م اجتاحت القوات الشمالية الجنوب في حرب غاشمة سبقتها حملة اغتيالات استهدفت أكثر من ١٥٠ قياديًا جنوبيًا. ذلك الاجتياح الممنهج دمّر الكثير مما كان جميلًا في الجنوب من منشآت ومؤسسات ووزارات ومصانع — التي كانت تزيد عن مائة وخمسين مصنعًا وورشة تصنيع — والتي طالها العبث والتفريغ، حيث بيعت إلى مستثمرين شماليين. طال العبث كل مقدرات الجنوب وصُرف كثير من كوادره، فوجد الشعب نفسه في حالة تهميش وحرمان.

لم يرضَ الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي بهذا الواقع وهو يرى شعبه يعاني هذه الكوارث أمام عينيه. مدركًا أن السبيل إلى استعادة الحق ليس بالسكوت، بدأ النضال وحمل السلاح دفاعًا عن الوطن. شرع مع عدد من رفاقه في تكوين أول خلايا النضال، واتخذ من سهول الضالع ووديانها وقراها مكانًا للمواجهة الحتمية مع قوى الاحتلال. تواصل مع قرى مجاورة مثل جحاف والأزارق والشعيب وحرير، وكان الوضع في بدايته صعبًا للغاية: لم يكن هناك مؤن أو سلاح أو دعم، لكن إصرار القائد وإيمانه بعدالة قضيته ودافعته عن رفع المعاناة عن شعبه جعلته صلبًا لا يخاف ولا يتزعزع.

في عام ١٩٩٦م أسس الرئيس القائد حركة "حتم" — حركة مناهضة للاحتلال الشمالي ومطالبة بتقرير المصير. تنبهت قوى الاحتلال اليمنية لذلك فبدأت حملات مطاردة وهجمات عسكرية على منطقة زبيد، مسقط رأس الرئيس. لكن الرئيس قد أسّس أنصارًا في القرى المجاورة، وتحديدًا في جحاف والأزارق. بقي متخفياً في الأزارق، في قرية عدن حمادة، يحشد الأنصار ويشعل جذوة الحماس بأهمية المواجهة حتى تحقيق النصر. وخاض الأنصار معارك وصبروا رغم حملات التخويف وتهديدات قطع المرتبات — فقد قُطع راتبه بالفعل في تلك الفترة، ونُفذت مداهمات لقرية زبيد أدت إلى تراجع بعض الناشطين عن النضال خوفًا من السجن وفقدان العيش.

بقي الرئيس مشردًا في الوديان والجبال، يحمل بندقيته، يصعد جبلًا وينزل آخر. في عام ١٩٩٧م حُوِكم محاكمة عسكرية أصدر فيها الاحتلال حكمًا بالإعدام عليه، لكن ذلك الأمر لم يثنه عن مواصلة مسيرته التي استمرت مع رفاقٍ استُشهِد بعضهم في نقاطٍ أمنية. استمر النضال دون هوادة حتى اندلعت احتجاجات ومسيرات في جميع محافظات الجنوب، واستمرّت المواجهات بعنف حتى دُحر الاحتلال الشمالي من الجنوب.

شارك الرئيس في تطهير الضالع في معركة الخزان الأخيرة، تلتها عمليات تطهير شاملة للضالع ومناطق الجنوب من بقايا الاحتلال الشمالي. لاحقًا جاء الاجتياح الحوثي الذي لقي مصيرًا مشابهًا لسابقه. وفي ديسمبر ٢٠١٥م تم تعيين الأخ الرئيس محافظًا لعدن في وقتٍ بالغ الخطورة، بعد موجة اغتيالات طالت قادة عسكريين، ومنهم المحافظ السابق جعفر محمد سعد. في ظل ظروفٍ لم يجرؤ أي قيادي على تسلّم قيادة مؤسسة جنوبية، تولى الأخ الرئيس زمام المحافظة بشجاعة، وقاد مواجهة حاسمة مع الجماعات المسلحة المتطرفة التي كانت تجوب عدن، فخرج منتصرًا بعدما طهّر عدن واستعاد مؤسساتها ومرافقها.

تزامن ذلك مع تدخل التحالف العربي الذي استهدف مواقع الحوثيين، وبمشاركة التحالف أُعيدت سيطرة الدولة على عدن وأبين وحضرموت. أظهر القائد حنكة في إدارة المحافظة واستعادة مرافق الدولة التي كانت تحت سيطرة مستثمرين شماليين، كمصفاة عدن التي كانت تحت هيمنة شاهر عبد الحق. هذه الإنجازات في قيادة محافظة عدن لم ترق لبعض الأطراف التي راهنت على فشله. تعرض الأخ الرئيس لأربع محاولات اغتيال — ثلاث منها بعربات مفخخة — وفي ٢٧ أبريل ٢٠١٧م أُقيل من منصب محافظ عدن ليعلن بعدها تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي بدعمٍ من دولة الإمارات العربية المتحدة كحامل للقضية الجنوبية.

استمرت المؤامرات والدسائس لإفشال القيادة، من حرب الخدمات والتلاعب بقيمة العملة وقطع الرواتب وسياسات تجويعٍ ممنهجة، لكنها لم تُمزّق النسيج الاجتماعي الجنوبي ولم تُفكِّك الصِلة بين القائد وشعبه. بل زادت المحاولات من تماسك الشعب مع قائدهم، فتوالت الجهود بتعهد الرجال والمخلصين للعمل سويًا حتى استعادة الدولة الجنوبية. خرج هذا القائد أقوى، منتصرًا، كالصخرة التي تتحطم عليها كل المؤامرات.

فيديو