تحليل: استهداف الجنوب هدية لإيران ومقامرة بخسارة الشريك الأقوى لأمن الخليج

دراسات وتحليلات - منذ 5 ساعات

خاص|| عين الجنوب:
في تطور بالغ الخطورة يعكس خللًا مقلقًا في إدارة المشهد، فجّر العدوان السعودي على محافظة حضرموت موجة غضب عارمة في الشارع الجنوبي، بوصفه اعتداءً صارخًا على أمن الجنوب وحضرموت، واستهدافًا مباشرًا لمؤسسة عسكرية كانت ولا تزال ركيزة الاستقرار في واحدة من أكثر الجبهات حساسية في المنطقة.
حضرموت، بثقلها الجغرافي والاقتصادي، لم تكن يومًا ساحة فراغ أو فوضى، بل تحولت خلال الفتره الماضية إلى نموذج للاستقرار بفضل القوات الجنوبية التي فرضت الأمن وحاصرت الإرهاب ومنعت تسلل الفوضى إلى عمق الجنوب وبحر العرب. ومن هنا، فإن أي مساس بأمن حضرموت أو بقواتها لا يُقرأ إلا كمحاولة لهزّ الجدار الجنوبي الصلب، وإضعاف خط الدفاع الأول عن الخليج والمنطقة العربية.
لقد أثبت الجنوب، بالفعل لا بالخطاب، أنه الحارس القوي لأمن الخليج والسد المنيع أمام التمدد الحوثي المدعوم إيرانيًا. فمنذ اندلاع الحرب، كانت القوات الجنوبية في مقدمة الصفوف، وقدّمت تضحيات جسيمة في مواجهة الحوثيين، وأسهمت بفاعلية في قطع أذرع إيران ومنعها من التمدد نحو السواحل والممرات الدولية. هذا الدور لم يكن دفاعًا عن الجنوب فحسب، بل عن الأمن القومي العربي برمته، وعن استقرار السعودية ودول الخليج.
وأي إضعاف للمؤسسة العسكرية الجنوبية، أو محاولة تجاوز دورها، يمثل ثغرة خطيرة تصب مباشرة في مصلحة المشروع الإيراني. فإيران لا تنتصر بقوتها الذاتية بقدر ما تنتصر بأخطاء خصومها، واستهداف الجنوب اليوم يعني فتح نافذة مجانية لطهران في خاصرة المنطقة العربية.
ورغم هذه التطورات، يؤكد الجنوب تمسكه بالشراكة مع التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، شراكة قامت على الدم المشترك والمصير الواحد في مواجهة الحوثي وإيران. الجنوبيون لم يكونوا يومًا خصومًا للسعودية، بل شركاء فاعلين على الأرض، وأثبتوا أنهم الأكثر جدية والتزامًا في حماية الأمن الإقليمي.
غير أن هذه الشراكة، كما يرى الجنوبيون، لا يمكن أن تستمر إذا ما تحولت إلى علاقة فوقية تتجاهل التضحيات وتستهدف المؤسسات الوطنية الجنوبية. فالتجربة في الشمال لا تزال حاضرة، حيث فقدت المملكة شعبيتها نتيجة سياسات مربكة وتحالفات خاسرة، وأي تكرار لهذا النهج في الجنوب سيقود إلى النتيجة ذاتها.
الجنوب اليوم ليس كما كان بالأمس؛ هو شريك فاعل يمتلك قوة عسكرية منظمة، وإرادة سياسية واضحة، ويتطلع بثقة إلى بناء دولته المستقلة. دولة جنوبية قادمة لا تشكل تهديدًا لأحد، بل تمثل عنصر استقرار، وجدار صد إضافيًا يحمي الخليج ويصون المشروع العربي في وجه المشاريع المعادية.
إن الرسالة الجنوبية باتت واضحة: أمن الجنوب وحضرموت خط أحمر لا يقبل العبث. وأي مساس بهما لن يُضعف الجنوب، بل سيدفعه إلى مزيد من التماسك والدفاع عن خياراته الوطنية. الجنوب سيبقى وفيًا لشراكته العربية، لكنه في الوقت ذاته مستعد للدفاع عن مشروعه ومستقبله مهما كان الثمن، لأن الكرامة والسيادة لا تُقايضان، ولأن الشراكة الحقيقية لا تقوم إلا على الاحترام المتبادل.

فيديو