سي إن إن: نقاشات داخل إدارة بايدن وخارجها لتعديل سياسة ردع الحوثيين السياسية

السياسة - منذ 8 شهر

مليشيا الحوثي - صورة أرشيفية  عدن ،عين الجنوب | السياسة بعد قرابة شهر ونصف من بدء القوات البحرية الأمريكية والبريطانية شن ضربات على مواقع مليشيا الحوثي- ذراع إيران في اليمن، بدأ الكثير من المسؤولين الأمريكيين داخل إدارة جو بايدن وخارجها يتحدثون بصوت مرتفع عن أسباب فشل هذه الضربات في وقف هجمات الحوثيين على سفن النقل والسفن الحربية الأمريكية والبريطانية في المياه اليمنية. وسائل إعلام أمريكية كثفت أيضا من اهتمامها بهذا الأمر، وبدأت تستقصي آراء المسؤولين الأمريكيين السابقين والحاليين حول الطريقة المناسبة لردع المليشيا الحوثية عن تنفيذ المزيد من الهجمات في البحر الأحمر وخليج عدن ومضيق باب المندب. ونشر موقع شبكة CNN على الإنترنت -بنسخته الإنجليزية، الجمعة، تقريرا كشف فيه عن تزايد القلق داخل إدارة بايدن من استمرار الحوثيين في هجماتهم على الرغم من استمرار الضربات الأمريكية على مواقعهم العسكرية. التقرير ذكر أن إدارة بايدن "تكافح" لوقف الهجمات المستمرة التي يشنها الحوثيون المدعومون من إيران ضد السفن في البحر الأحمر، لكن الجماعة تواصل تحصين مخزونها من الأسلحة داخل اليمن، على الرغم من الضربات التي نفذتها الولايات المتحدة منذ 12 يناير الماضي. وأشار إلى تصريحات نائبة المتحدثة باسم البنتاغون، سابرينا سينغ، الخميس، بعد ساعات من قيام الحوثيين بضرب سفينة شحن أخرى في خليج عدن بصواريخ باليستية: "نعلم أن الحوثيين يحتفظون بترسانة كبيرة... لديهم أسلحة متطورة، وذلك لأنهم مستمرون في الحصول عليها من إيران". وقال التقرير: إن بعض المسؤولين في إدارة بايدن يرون أن استخدام القوة وحدها لا يكفي، بينما يتحدث آخرون عن الكلفة الباهظة للصواريخ الأمريكية مقابل أسلحة الحوثيين الرخيصة. لكن مسؤولين أمريكيين سابقين خارج إدارة بايدن يقولون إنها اتخذت نهجا محافظا للغاية في تعاملها مع الحوثيين، وإنها تحتاج إلى التركيز على استهداف قادة الحوثيين وليس أسلحتهم. ونقلت الشبكة في تقريرها عن "العديد من المسؤولين" قولهم إن الولايات المتحدة ليس لديها حتى الآن تقييما بنسبة مئوية دقيقة لأسلحة الحوثيين التي دمرتها الضربات، متسائلين عما إذا كانت إدارة بايدن ستغير نهجها العسكري بشكل أكبر لردعهم. وقال أحد كبار مسؤولي الدفاع، في إشارة إلى الحوثيين: "ليس لدينا فكرة جيدة عما لا يزال لديهم" من أسلحة. اكتفاء بالتأثير النفسي للضربات وذكر التقرير عن أولئك المسؤولين قولهم، إنه في حين ضربت الولايات المتحدة العشرات من أهداف الحوثيين داخل اليمن منذ يناير الماضي -بما في ذلك مراكز القيادة والسيطرة ومرافق تخزين الأسلحة- فإن الحوثيين بدورهم يحفرون ويبنون أنفاقًا بالقرب من الساحل الغربي لليمن ويبقون تحت الأرض بشكل أكثر انتظامًا. ويقول البعض داخل الإدارة الأمريكية: إن قضاء الحوثيين المزيد من الوقت تحت الأرض بين كل ضربة أمريكية وأخرى، يعد علامة إيجابية، حيث يشير اضطرارهم للاختباء، إلى أن الضربات العسكرية لها تأثير نفسي على الأقل. وقال مسؤولان: إن الحوثيين يشعرون بقلق بالغ أيضًا بشأن استهداف قيادتهم العليا في ضربة جوية، وأصبحوا مذعورين بشكل متزايد. ويدل هذا التقدير للموقف من قبل مسؤولي إدارة بايدن على نقص خبرتهم ومعلوماتهم عن المليشيا الحوثية التي لا تتورع عن استخدام مقاتليها كدروع بشرية لحماية قادتها الذين تعتقد أنهم مهمون بالنسبة لها، خاصة القادة المنتمين للسلالة الهاشمية. مطالبات بتغيير سياسة الاستهداف تقرير الشبكة الأمريكية نقل عن بعض المسؤولين الأمريكيين السابقين الذين تحدثوا إليها بشرط عدم الكشف عن هويتهم، حيث قالوا إن جزءا كبيرا من فشل الولايات المتحدة عن ردع المليشيا الحوثية بشكل فعال، يكمن في حقيقة أن الضربات لم تستهدف قيادة الجماعة بعد، وأنها ركزت بدلاً من ذلك على تدمير الأسلحة والمعدات. وقال مسؤول عسكري أمريكي سابق: "يبدو أن الحملة الأمريكية ضد الحوثيين تحمل السمات المميزة للعديد من هذه الحملات المقيدة للغاية في الماضي، حيث نسعى لتجنب التسبب في ألم فعلي لهم". ويشير المسؤولون السابقون إلى النجاح الواضح الذي حققته إدارة بايدن في ردع الميليشيات المدعومة من إيران في العراق وسوريا من خلال ضرب قادتها، مشيرين إلى أن البنتاجون قال إن هجمات هذه المليشيات توقفت تماما بعد أن استهدفت المقاتلات الأمريكية اثنين من قادتها الرئيسيين في 7 فبراير الجاري، وذلك ردا على الهجوم الذي أسفر عن مقتل 3 جنود أمريكيين في قاعدة البرج 22 شمال شرق الأردن. ويرى هؤلاء المسؤولون أن القضية أصبحت أكثر حدة، خاصة في ظل الزيادة الملحوظة في هجمات الحوثيين خلال اليومين الماضيين، إضافة إلى استخدام الحوثيين زوارق مسيرة تحت الماء. وأشار التقرير إلى أنه من غير الواضح أيضًا ما إذا كانت إدارة بايدن قادرة على تكثيف عملها العسكري بشكل مركز ضد أهداف الحوثيين، ولا سيما استهداف قادة الحوثيين داخل اليمن، دون التعامل أولاً مع بعض الأسئلة المفتوحة حول شرعية الحملة. وقال إن بعض المشرعين في الكابيتول هيل يتساءلون عما إذا كانت إدارة بايدن ستحتاج إلى تفويض من الكونجرس لمواصلة الحملة بعد فترة 60 يومًا التي فرضها قرار سلطات الحرب لعام 1973. لافتا إلى أنه من الناحية النظرية، يمكن أن تنتهي مهلة الستين يومًا في 12 مارس المقبل. استثمار حرب غزة في السياق، ذكر التقرير أن بعض المسؤولين يعتقدون أن هجمات الحوثيين قد تتوقف إذا انتهت الحرب في غزة، لكن البعض الآخر، ولا سيما بعض المسؤولين السابقين، يقولون إن ذلك "مجرد أمنيات". المسؤولون الذين يرون أن هجمات الحوثيين قد تتوقف إذا أوقفت إسرائيل حربها على غزة يدعمون رأيهم بأن الحوثيين عندما ركبوا موجة التعاطف والتضامن مع الفلسطينيين في غزة، حددوا لأنفسهم أهدافا يحققونها كمكاسب سياسية، وعلى رأسها الحصول على شرعية دولية كسلطة تمثل اليمن. في حين يشير البعض الآخر إلى أن الحوثيين لم يحترموا التزاماتهم في الاتفاقات السابقة بينهم وبين خصومهم اليمنيين في الحكومة الشرعية المدعومة من التحالف العربي. ومن ناحية أخرى، لا يستبعد المسؤولون الأمريكيون أن ينسب الحوثيون لأنفسهم الفضل إذا ما توقفت حرب غزة، مشيرين إلى أن على إدارة بايدن ألا تسهل على الحوثيين الحصول على مكسب كهذا، الأمر الذي يشير إلى أن هجمات الحوثيين قد تدفع واشنطن إلى الاستمرار في معارضة وقف الحرب الإسرائيلية على غزة لهذا السبب. حملة موازية لكشف الأخطاء بحسب التقرير، يرى بعض المسؤولين الأمريكيين داخل وخارج إدارة بايدن أن الولايات المتحدة بحاجة الآن إلى التحول إلى حملة ضغط دولية أقوى لكشف أخطاء المليشيا الحوثية والتأثير الكارثي لهجماتها البحرية، بما في ذلك التأكيد بشكل أفضل على الكيفية التي تعيق بها الهجمات شحنات المساعدات الإنسانية إلى السكان الضعفاء- بما في ذلك الشعب اليمني. وقال مسؤولون: إن الحوثيين قلقون للغاية بشأن صورتهم العامة المحلية، وطالما حاولوا تصوير أنفسهم على أنهم مستضعفون يقاتلون من أجل تحسين حياة الفلسطينيين وإنهاء الحرب الإسرائيلية في غزة. وأشار المسؤولون إلى أنه في حين أن الحوثيين لا يتمتعون بشعبية كبيرة في المناطق اليمنية التي يسيطرون عليها، فإن القضية الفلسطينية نفسها تحظى بشعبية كبيرة بين اليمنيين. وذكر التقرير أنه على المستوى العام، قللت الإدارة مرارا وتكرارا من مزاعم الحوثيين بأنهم يهاجمون السفن كوسيلة للضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار، مشيرة إلى أن معظم الأهداف ليس لها أي علاقة على الإطلاق مع إسرائيل أو حلفائها. ومع ذلك، يقول المسؤولون إنهم لا يستطيعون الانتظار لمعرفة ما إذا كان وقف إطلاق النار في غزة سيتحقق للرد على هجمات الحوثيين. ولذلك قد تعمل وزارة الخارجية الأمريكية والبنتاغون على تسليط الضوء أكثر على التأثيرات العكسية لهجماتهم على الجانب الإنساني، وهو ما كانت الحكومة اليمنية الشرعية تحاول لفت انتباه المجتمع الدولي إليه منذ بداية الهجمات الحوثية. ومن ضمن الأخطاء الحوثية التي تدل على سلوكها المنفلت في هجماتها البحرية، استهدافها لسفينة الحبوب (سي شامبيون) الأسبوع الماضي وهي في طريقها إلى ميناء عدن. وسلط المتحدث باسم وزارة الخارجية، ماثيو ميلر، والمتحدثة باسم البنتاجون سينغ، الضوء على هجوم الحوثيين على السفينة التي كانت تنقل الذرة وغيرها من الإمدادات الغذائية إلى الشعب اليمني في عدن. وأشارت سينغ إلى أن سفينة الأسمدة التي أصيبت بصاروخ حوثي وتغرق حاليا في البحر الأحمر وتشكل الآن خطراً بيئياً كبيراً على المنطقة. ونقلت شبكة CNN عن المسؤولين الذين تحدثوا إليها، قولهم إن السفينة الغارقة، روبيمار، تركت الآن بقعة نفط بطول 18 ميلاً في المنطقة، لافتين إلى أن السفينة المملوكة للبنانيين والتي ترفع علم بيليز والمسجلة في المملكة المتحدة، كانت تحمل 41 ألف طن من الأسمدة عندما تعرضت للهجوم الاثنين. وقالت سينغ في حديثها للصحفيين الخميس: إن "الحوثيين يشكلون خطراً بيئياً في ساحتهم الخلفية". "إنهم يقولون إنهم ينفذون هذه الهجمات ضد السفن المرتبطة بإسرائيل. هذه السفن تحمل حرفيًا البضائع والخدمات والمساعدات لشعبهم، وهم يخلقون لأنفسهم مشكلة دولية". وأوضحت الشبكة الإخبارية أن أحد الجوانب الرئيسية لحملة الضغط الدولية هذه، هو حصول الولايات المتحدة على دعم من حلفائها العرب الذين سبق أن حاولوا لفت انتباه المجتمع الدولي إلى خطر المليشيا الحوثية ولم تستجب لهم الولايات المتحدة بصورة جيدة. كما أشارت الشبكة إلى أن الولايات المتحدة تمكنت من إشراك سلطنة عمان إلى جانب البحرين في عملية الدفاع عن الشحن التجاري في البحر الأحمر، المعروفة باسم عملية "حارس الازدهار"، وهما الدولتان العربيتان الوحيدان في هذا التحالف إلى الآن. ويقول المسؤولون الأمريكيون: إن هناك حاجة إلى بذل المزيد من الجهود لإبلاغ الحوثيين بأنهم أصبحوا منبوذين على الساحة العالمية، وأنه حتى إيران، التي دعمت الحوثيين منذ فترة طويلة، أصبحت تشعر بقلق متزايد بشأن تكتيكاتهم، حسبما ذكرت شبكة CNN سابقًا. ومع ذلك، يقول المسؤولون إنه لا توجد دلائل حتى الآن على أن إيران تحجب الدعم عن الحوثيين، مشيرين إلى شحنة الأسلحة الإيرانية التي اعترضتها قوات بحرية أمريكية في وقت سابق من فبراير الجاري وكانت في طريقها إلى الحوثيين.

عين الجنوب

فيديو