تحليل | ما دلالات مشاركة الرئيس عيدروس الزبيدي في الأمم المتحدة

دراسات وتحليلات - منذ 1 شهر

عين الجنوب|| عدن - خاص
يبدوا من الواضح أن مشاركة القائد عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، في الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة، تكتسب أهمية خاصة في السياق السياسي الحالي للمنطقة. تأتي هذه المشاركة في إطار تعزيز قضية الجنوب وإيصال صوتها إلى الساحة الدولية، وهو ما يُعَدُّ تصعيداً في المواجهة بين المجلس الانتقالي ومعارضيه من أحزاب اليمنية الأخرى، خاصة في ظل المخاوف من تصاعد نفوذ الجنوب وتثبيت وجوده على الخارطة الدبلوماسية العالمية.

تعد مشاركة الزبيدي في هذه الدورة حدثاً لافتاً في السياسة الحالية، حيث إنه يمثل حضوراً للجنوبيين في المحفل الأممي الذي يقر السياسات العالمية ويؤثر بشكل مباشر على المشهد السياسي في المنطقة. في ظل التعتيم المقصود في أي تمثيل سياسي واضح للجنوب منذ توحيد اليمن عام 1990، تأتي هذه الخطوة كإشارة إلى سعي المجلس الانتقالي الجنوبي لتثبيت حضوره كلاعب أساسي في المشهد السياسي. حيث يعتبر وجود الزبيدي ضمن الوفد الرسمي المشارك في أعمال الجمعية العامة اعترافاً غير رسمي بقضية الجنوب، ويمنح المجلس الانتقالي فرصة لإبراز موقفه وإيصال رسائله للمجتمع الدولي. هذا التواجد يعكس الضغوط المتزايدة التي يمارسها المجلس الانتقالي لجعل القضية الجنوبية العادلة أولوية في المحادثات الدولية حول مستقبل المنطقة منذ حرب 94 وما بعدها.

من خلال المشاركة في المحافل الدولية، سعى المجلس الانتقالي لتقديم الجنوب كشريك مستقل في أي تسوية سياسية قادمة. يمثل هذا الظهور محاولة لتجاوز التفويض المحدود الذي أعطاه المبعوث الأممي للأطراف في المنطقة، حيث يسعى المجلس الانتقالي لتوسيع نطاق المفاوضات ليشمل الجنوب وقضيته في تحديد مصيره.

ومن المؤكد أن هذه المشاركات تثير مخاوف أحزاب اليمنية الأخرى، خاصة من يعتبرون المجلس الانتقالي تهديداً لوحدة الجنوب والشمال. تتجلى هذه المخاوف في محاولات مستمرة لتقليص نفوذ المجلس الانتقالي في الداخل والخارج، إضافة الى التحديات الاقتصادية المقصودة في الجنوب. وبالرغم من ذلك إلا أنه من خلال التواجد في الأمم المتحدة، يسعى المجلس الانتقالي إلى تعزيز علاقاته مع القوى الدولية الكبرى، مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بجانب العلاقات الأخوية والقوية مع دول الخليج العربي، وذلك بهدف كسب دعمهم لقضيه شعب الجنوب. ويعد هذا التواجد بمثابة فرصة لتقديم رؤية المجلس حول مستقبل المنطقة، والحصول على دعم سياسي واقتصادي لتعزيز الإعتراف بحق شعب الجنوب في إستعادة دولته. حيث توفر الأمم المتحدة منصة مهمة للمجلس الانتقالي للتواصل مع المنظمات الدولية، مثل منظمات حقوق الإنسان، لطرح قضايا تتعلق بانتهاكات حقوق الجنوبيين وتأكيد الحاجة إلى ضمان حقوق الشعب الجنوبي في تحديد مصيره. هذا التفاعل يساعد في خلق رأي عام دولي مساند للجنوب في المستقبل القريب

ومن الملاحظ أن المجلس الانتقالي سيواصل السعي لتعزيز حضوره في المحافل الدولية، باعتبار أن المشاركة في الفعاليات الأممية تعد أداة قوية في سبيل توثيق قضيته والتأثير على المجتمع الدولي. من المتوقع أن يحاول المجلس استثمار نجاحاته الدولية لزيادة الضغط على أحزاب اليمنية الأخرى بما فيهم صناع القرار الدوليين للاعتراف بمطالبه التي مثلت مصالح أبناء الجنوب.

ليتضح من ذلك أن مشاركة عيدروس الزبيدي في الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة تمثل خطوة محورية في السعي لإعادة وضع الجنوب على الخارطة السياسية الدولية. ورغم التحديات العديدة التي تواجه المجلس الانتقالي، الا ان هذا التحرك يعكس إرادة قوية لجعل قضية الجنوب أولوية في النقاش العالمي حول مستقبل المنطقة من أجل إستقرار مستدام وسلام حقيقي على المدى الطويل.

فيديو