القوات الجنوبية ودورها الفعال في مكافحة الإرهاب

دراسات وتحليلات - منذ 7 أيام

دراسة بحثية حول القوات الجنوبية ودورها البارز في الحرب العالمية ضد الإرهاب

عين الجنوب|| خاص:

تؤدي القوات الجنوبية دور أساسي في مكافحة الإرهاب وتحقيق الاستقرار في الجنوب، حيث تعمل على تفكيك الجماعات المتطرفة مثل القاعدة في شبه الجزيرة العربية (AQAP) وتنظيم داعش. بدعم من التحالف العربي، تمكنت القوات الجنوبية من تطهير العديد من المناطق مثل شبوة وأبين وحضرموت الساحل، والتي كانت تعدّ معاقل رئيسية للقاعدة. قامت قوات الحزام الأمني والنخب الجنوبية بعمليات متواصلة ضد هذه الجماعات، كان أبرزها عملية سهام الشرق التي أسفرت عن تقليص نفوذ التنظيمات الإرهابية واستعادة الأمن في عدة مناطق استراتيجية.

لقد اكتسبت القوات الجنوبية خبرات عسكرية متقدمة بدعم الإمارات العربية المتحدة، التي زودت القوات بالمعدات اللازمة والتدريب، ما مكنها من تحقيق نتائج مميزة. يُذكر أن التطورات العسكرية للقوات الجنوبية تُعزى جزئياً إلى تواجد الإمارات ومساهمتها في تطوير استراتيجيات مكافحة الإرهاب، حيث أصبحت شريكة أساسية في مواجهة القاعدة، خصوصاً مع تصاعد المخاوف من تزويد الحوثيين الجماعات الإرهابية بتقنيات عسكرية متقدمة، كالطائرات المسيّرة المستخدمة في الهجمات الأخيرة في شبوة.

تاريخياً، يوضح الخبراء أن ظهور الجماعات المتطرفة في الجنوب مرتبط بتداعيات الحرب بين الجنوب والشمال عام 1994 ودخول المقاتلين العائدين من أفغانستان. وقد استغلت حكومة صنعاء السابقة هذه الجماعات للسيطرة على الجنوب. وفي الوقت الحالي، تواجه القوات الجنوبية تحديات كبيرة تتطلب تنسيقاً إقليمياً ودولياً أكثر فعالية لمواصلة الجهود ضد الإرهاب وتعزيز استقرار المنطقة.

اصبح المجتمع الدولي يعتبر القوات الجنوبية شريكاً محورياً في الحرب على الإرهاب، حيث نجحت هذه القوات في تنفيذ عمليات نوعية تاريخية لضرب مراكز التنظيمات الإرهابية والقضاء على تواجدها في مناطق رئيسية. وفيما يلي أمثلة أكثر تفصيلاً توضح فعالية القوات الجنوبية في مكافحة الإرهاب:

عملية سهام الشرق في أبين:
في أغسطس 2022، أطلقت القوات الجنوبية بدعم من التحالف العربي عملية سهام الشرق لاستعادة السيطرة على محافظة أبين من تنظيم القاعدة، الذي كان يستخدم التضاريس الجبلية الوعرة كقاعدة للتخطيط والتدريب وشنّ الهجمات. خلال هذه العملية، استطاعت القوات الجنوبية تفكيك معسكرات القاعدة وتدمير مستودعات الأسلحة، وأسفرت عن تقليص نشاط التنظيم في أبين وحرمانه من نقاط التجمع الرئيسية التي استمر في السيطرة عليها لسنوات عديدة.

عملية سهام الجنوب في شبوة:
شهدت محافظة شبوة في سبتمبر 2022 عملية عسكرية مهمة عُرفت بعملية سهام الجنوب، حيث تمكنت القوات الجنوبية من تحرير عدد من المناطق التي كانت تحت سيطرة القاعدة وداعش. وأسفرت العملية عن القبض على عشرات المقاتلين ومصادرة كميات كبيرة من الأسلحة والمتفجرات التي كانت معدّة لشنّ هجمات ضد المدنيين والعسكريين. ووفقاً لمسؤولين محليين، أسهمت هذه العملية في تحقيق استقرار نسبي في شبوة، بعد أن كانت واحدة من أهم معاقل التنظيمات الإرهابية في الجنوب.

عملية السهم الذهبي لتحرير العاصمة عدن:
في عام 2015، وبدعم من التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، أطلقت القوات الجنوبية عملية السهم الذهبي لتحرير مدينة عدن من سيطرة الحوثيين والجماعات المتطرفة الأخرى، التي استغلت الفوضى لتثبيت موطئ قدم لها في المنطقة. كانت هذه العملية نقطة تحول رئيسية، حيث نجحت في استعادة السيطرة على العاصمة عدن، مما جعلها قاعدة استراتيجية لاحقاً لشنّ عمليات عسكرية ضد الجماعات الإرهابية في باقي محافظات الجنوب.

عملية تحرير المكلا:
في 2016، تمكّنت القوات الجنوبية، بالتعاون مع القوات الإماراتية، من تحرير مدينة المكلا، التي كانت تحت سيطرة القاعدة لأكثر من عام. كانت المكلا مركزاً رئيسياً للتنظيم، حيث استغلها كقاعدة لتمويل عملياته من خلال السيطرة على الموانئ وفرض الضرائب. وبعد تحرير المدينة، تم تعزيز الأمن واستعادة المرافق الحيوية، مما أدى إلى تراجع نشاط القاعدة في المنطقة بشكل كبير.

مواجهات مستمرة في محافظتي شبوة وأبين (2023-2024)
خلال العامين الأخيرين، واصلت القوات الجنوبية جهودها في مواجهة القاعدة وداعش، خصوصاً بعد تقارير عن حصول التنظيمات الإرهابية على دعم من الحوثيين. في العديد من العمليات، واجهت القوات الجنوبية تهديدات مباشرة من الطائرات المسيّرة التي أُفيد بأنها وصلت إلى أيدي القاعدة بفضل الدعم الحوثي، مما زاد من تعقيد الجهود الميدانية. رغم ذلك، نجحت القوات الجنوبية في تحقيق انتصارات كبيرة، وقامت بتحييد كثير من العناصر المسلحة، والحفاظ على الاستقرار النسبي في مناطق مثل شبوة وأبين، رغم الصعوبات اللوجستية والتحديات الأمنية.

تُظهر هذه الأمثلة بوضوح التزام القوات الجنوبية بالقضاء على الإرهاب، حيث تتسم عملياتها بالتخطيط العسكري المحكم والقدرة على الاستجابة السريعة للتهديدات الناشئة، مما يجعلها قوة رئيسية في مكافحة الإرهاب في الجنوب والمنطقة بشكل عام.

وعلى الرغم من هذه النجاحات لا تزال القوات الجنوبية تحتاج إلى دعم مالي ولوجستي يشمل الموارد والتأهيل والتدريب في مجالات الدفاع الساحلي والجوي والبحري، لتتمكن من مواجهة التحديات المعقدة التي تفرضها الجماعات الإرهابية مثل القاعدة وداعش. تعزيز الموارد المتاحة سيمكن القوات من الوصول إلى معدات حديثة وأجهزة مراقبة وتقنيات استخباراتية تساعدها في تحديد أماكن وتجمعات الإرهابيين بكفاءة عالية. دعم المجتمع الدولي، وخاصة من التحالف العربي والولايات المتحدة وأوروبا، يسهم في تحسين أداء هذه القوات في المعارك المباشرة ضد الجماعات المسلحة.

بالإضافة إلى الموارد، يعتبر التدريب العسكري المتقدم عاملاً رئيسياً لتعزيز قدرة القوات الجنوبية على مواجهة الإرهاب. القوات الجنوبية استفادت من الشراكات مع الإمارات العربية المتحدة التي قدمت تدريبات مكثفة للقوات، مما عزز من مهاراتها القتالية والتكتيكية. ومع ذلك، فإن الحاجة إلى التدريب المستمر والدعم الفني تظل قائمة، لا سيما لمواجهة التقنيات العسكرية الحديثة التي تستخدمها الجماعات الإرهابية المدعومة من جهات أخرى مثل الحوثيين.

إحدى أهم الاحتياجات الملحة للقوات الجنوبية هي الوصول إلى معلومات استخباراتية دقيقة، خاصة مع تزايد التهديدات الإرهابية واستخدام الطائرات المسيرة. ويمكن للمجتمع الدولي أن يلعب دوراً في تزويد هذه القوات بمعلومات استخباراتية عالية المستوى. ويأتي ذلك في إطار التنسيق مع الولايات المتحدة ودول أخرى تمتلك إمكانيات متقدمة في الاستخبارات، وهو ما يسهم في الكشف عن المخططات الإرهابية قبل تنفيذها.

التنسيق بين الدول الإقليمية والمجتمع الدولي يمثل حجر الزاوية في دعم القوات الجنوبية في مكافحة الإرهاب. يمكن للتعاون مع السعودية والإمارات ودول أخرى في التحالف العربي أن يعزز من فعالية العمليات العسكرية ويوفر استجابة أسرع وأكثر تكاملاً في مواجهة التهديدات. كما أن التعاون الدولي يُشجع المجتمع الدولي على تحمل مسؤولياته في تحقيق استقرار الجنوب كجزء من أمن واستقرار المنطقة بأسرها.

الدعم الدولي للقوات الجنوبية لا يعزز فقط من قدراتها في مكافحة الإرهاب، ولكنه يلعب دوراً محورياً في تحقيق الاستقرار في الجنوب وتقليل تهديد الإرهاب على المستوى الإقليمي والدولي.

ومن أجل إستدامه الأمن والجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب لابد أن ندرك أن الاعتراف الرسمي بدولة الجنوب يعتبر خطوة مهمة لتحقيق الاستقرار الداخلي، وتحقيق عدد من الأهداف الاستراتيجية والأمنية، وتبرز فوائد ذلك على عدة أصعدة:

أولاً: تعزيز الاستقرار الداخلي والسياسي والذي من شأنه تعزيز فرص استقرار المنطقة سياسياً واجتماعياً، حيث يخفف من حدة التوترات بين الجنوب والشمال، ويساهم في إنشاء نظام حكومي مستقر ومعترف به من المجتمع الدولي. إن تأسيس حكومة جنوبية معترف بها دولياً سيمكن الجنوب من تعزيز مؤسساته، وتحقيق الاستقرار الاجتماعي والسياسي في المنطقة.

ثانياً: حماية الحدود وتعزيز الأمن الداخلي والذي بدره يسمح الاعتراف بدولة الجنوب بتركيز جهود حماية الحدود وتطوير الأجهزة الأمنية والعسكرية المحلية، التي ستكون ملتزمة بأمن المنطقة مباشرة، مما يزيد من قدرة هذه الدولة على مواجهة التهديدات الحدودية، مثل عمليات التهريب والأسلحة والهجرة غير الشرعية. كما يمكن أن يتيح هذا الدعم تعزيز التعاون مع دول الجوار في مراقبة الحدود ومنع تسلل العناصر الإرهابية.

ثالثاً: تأمين الممرات البحرية وطرق الشحن الدولي، فالجنوب يمتلك موقعاً جغرافياً استراتيجياً قرب مضيق باب المندب، أحد أهم الممرات البحرية العالمية. إن الاعتراف بدولة جنوبية قوية ومستقرة سيتيح لها فرض سيطرتها وتأمين هذه الممرات، مما يعزز من استقرار التجارة البحرية الدولية ويقلل من مخاطر القرصنة والإرهاب البحري والتهريب، مما يعتبر ذا أهمية قصوى لدول العالم التي تعتمد على هذه الممرات في تجارتها.

رابعاً: تشجيع الاستثمارات وتحقيق التنمية الاقتصادية والذي سيجعل الجنوب دولة ذات سيادة، مما يشجع الشركات الدولية على الاستثمار في قطاعات متعددة، مثل الطاقة والبنية التحتية والسياحة. ويعد ذلك ضرورياً لتحقيق الاستقرار الاقتصادي، وتقليل الاعتماد على الدعم الخارجي، مما يسهم بدوره في تقوية المؤسسات الاقتصادية، وتوفير فرص العمل للسكان المحليين مما ينعكس أيضاً على الإستقرار الإجتماعي.

خامساً: تعزيز الجهود الدولية في مكافحة الإرهاب والذي يمكن لدولة الجنوب المعترف بها رسمياً أن تنسق بصورة أفضل مع المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب والتطرف، حيث ستتمكن من توقيع اتفاقيات رسمية مع الدول والمنظمات الدولية في هذا الشأن، مما يعزز من القدرة على تنفيذ العمليات الأمنية المشتركة وتبادل المعلومات الاستخباراتية بكفاءة أعلى.

وبالأخير يمكن أن نؤكد أن تعزيز نفوذ القوات الجنوبية لتشمل كافة محافظات الجنوب ودعم دولة جنوبية مستقرة وآمنه هو الطريق نحو تحقيق السلام في المنطقة ككل، وذلك لما يمتلكه الجنوب من قدرات في تقديم نموذج حكم مستقر وآمن تحت قيادة المجلس الإنتقالي الجنوبي، الشريك الحقيقي و الاستراتيجي الذي أثبت التزامه في الحرب العالمية على الإرهاب وقدرته على تثبيت استقرار أمني ملحوظ ومستدام في مناطق نفوذه الحالية.

فيديو