الدور القانوني للمجلس الانتقالي الجنوبي بين الشرعية الفعلية والطموح السياسي

دراسات وتحليلات - منذ ساعتان

عدن، عين الجنوب | خاص

يُعدّ المجلس الانتقالي الجنوبي أحد أبرز الفاعلين السياسيين  منذ تأسيسه، إذ برز ككيان يسعى لتمثيل تطلعات الجنوبيين وحقهم في تقرير المصير، وسط مشهد يمني بالغ التعقيد. ويُظهر تحليل دوره القانوني مدى شرعيته وتأثيره في الواقع السياسي، إضافة إلى النقاط الخلافية التي تحيط بعلاقته بالقوى الشمالية.

خلفية قانونية وتنظيمية

تأسس المجلس الانتقالي الجنوبي في مايو 2017 ليعبّر عن طموحات شعب الجنوب باستعادة دولته المستقلة وعاصمتها عدن، باعتبار أن الجنوب كان دولة قائمة قبل وحدة عام 1990 وله دور فاعل في الإقليم العربي والدولي.

ورغم أن المجلس رفع منذ تأسيسه شعار الاستقلال الكامل، إلا أنه دخل في شراكات وهيئات رسمية ضمن بنية الدولة، ما أكسبه شرعية سياسية وقانونية باعتباره طرفًا مشاركًا في المؤسسات، وصاحب حضور فعلي على الأرض. ويعتبر المجلس نفسه الممثل الشرعي لنضال الجنوبيين ومسارهم نحو استعادة دولتهم.

مطالب السيادة وحق تقرير المصير

يمثل المجلس الانتقالي الجنوبي امتدادًا للحراك الجنوبي المطالب باستعادة دولة الجنوب بحدود ما قبل العام 1990. وهو يستند في مطالبه إلى مبدأ حق الشعوب في تقرير المصير المنصوص عليه في المواثيق الدولية، مع التأكيد على التزامه بالاتفاقيات الموقعة، وفي مقدمتها اتفاق الرياض.

ورغم إعلانه الإدارة الذاتية للجنوب في وقت سابق، تراجع المجلس عن القرار احترامًا لمقتضيات الاتفاق. إلا أن سيطرته الفعلية على الأرض تمنحه دورًا إداريًا وأمنيًا معتبرًا في مختلف محافظات الجنوب، في ظل ضعف مؤسسات الدولة المركزية وصعوبة قيامها بمهامها هناك.

الشرعية الفعلية وإدارة المؤسسات

على المستوى العملي، يتحمّل المجلس مسؤولية واسعة في حفظ الأمن وإدارة الخدمات في الجنوب، وهو ما يمنحه نفوذًا قانونيًا وواقعًا دستوريًا غير معلن في إدارة مؤسسات الدولة المحلية. وتُعد هذه السيطرة الفعلية شكلًا من أشكال الشرعية الواقعية التي تمنح المجلس قدرة على اتخاذ قرارات تخص مستقبل الجنوب وإدارة شؤونه.

الالتزام بالقانون وسيادة القضاء

يشدد المجلس الانتقالي الجنوبي على التزامه بالقوانين واحترام القضاء، باعتباره المرجعية الوحيدة لحفظ الحقوق. ويمتلك المجلس الحق القانوني في مقاضاة من يسيئون إليه أو إلى مؤسساته، خصوصًا في قضايا التحريض والتشهير، بوصفها ممارسات تندرج ضمن السلوك غير المهني وتهدد السلم الاجتماعي.

هذه الخطوات تعكس رغبة المجلس في اللجوء للأطر القانونية بدلاً من العنف، وتؤكد توجهه نحو بناء دولة مدنية تستند إلى سيادة القانون، وهو نهج عزز من صورته لدى الشارعَين المحلي والدولي.

المساهمة في جهود السلام

يمثل المجلس طرفًا أساسيًا في ترتيبات السلام، لاسيما ضمن إطار اتفاق الرياض الذي شرعن مشاركته في العملية السياسية. ويسعى المجلس من خلال دوره القانوني والسياسي إلى ضمان حقوق الجنوب في بناء دولته الفيدرالية المستقلة وعاصمتها عدن.

يمتد الدور القانوني للمجلس الانتقالي الجنوبي بين طموحه السياسي بالاستقلال وبين شرعيته الفعلية المستندة إلى سيطرته على الأرض وقدرته على إدارة المؤسسات وحماية الأمن. وبين هذين المسارين، يواصل المجلس تعزيز حضوره القانوني والسياسي، سعيًا لبناء نموذج حكم رشيد يستند إلى مؤسسات مدنية وقضاء مستقل، ويعكس تطلعات شعب الجنوب نحو مستقبل أفضل.

فيديو